آراء

عبد الأمير الركابي: اللاارضوية بدل الشيوعيه.. نداء اممي (4)

ليس لشيوعيه ماركس اي اساس فعلي، بالاخص بناء على ماهي مرتكزة اليه "طبقيا"، فحضور الاله يعني انتهاء الطبقات والصراع الطبقي، مع كل انماط وصنوف المجتمعية اليدوية البيئية الاولى، فاذا كانت "الفكرة" والتصورات المسقطه على المجتمعات قد غدت قابله لان تجد مايمنحها الفعالية الرئيسيه، فان ذلك ليس سوى فعل الاله المستجد مجتمعيا، وهو ماحدث في الغرب الاوربي الكلاسيكي باسم "البرجوازية"، او شرقا ابتداء من روسيا " اشتراكيا"، وصولا الى الامبراطورية الراسمالية الامريكية ومنحاها الرسالوي الكاذب، وهو مايعني اختفاء البرجوازية التي ان هي ظلت وماتزال موجوده وفاعلة، فليس ك "طبقة"، اي ليست مكونا ضمن مجتمع طبقي كينونة، بل بصفتها الموروثة مع تجددها وتغير فعلها المرهون لحضور الاله، وكذا فعل الفئات المجتمعية المولودة عن الحاصل، من تغير في البنيه المجتمعية، ومنها الانتلجنسيا وسعيها للتشكل المجتمعي الفعال، موحدة فكرة وفعالية "حزبيه" في نموذج "ماالعمل" اللينيني، خارج البنية الطبقية المدعاة، وبهدف ايقاف مفاعيلها، وصولا الى مجتمعية "الفكرة" مقابل غياب التاريخ المجتمعي والبنية الطبقية امريكيا.

وماتقدم لابد ان يوضع في الاعتبار الاول اليوم، تحت شعار "ازالة التوهمية الطبقية" كمدخل واجب نحو اعادة بناء التحولية، مع اجمالي المنظور المواكب للانقلاب الالي كما تهيأ للغرب ان يعيه ويستمر مكرسا اياه، بلا اي تبدل ضرورة، برغم تغير الاشتراطات الآليه، وعلى وجه الخصوص انتهاء المصنعية، الصيغة الاولى الافتتاحية منها، مع انتهاء الفعالية الاوربية ونموذجيتها لصالح النموذج الامريكي، نموذج "الفكرة" المرتكزه لقوة مفعول الاله بصيغتها الانتاجية من دون طبقات ولا تاريخ مجتمعي، ومن دون رؤية من طبيعتها، في الوقت الذي يستمر الارتكاز الى متبقيات المنظور الاول التوهمي الاوربي، نتاج المجتمعية الطبقية اليدوية تاريخيا بصيغته الطبقية، ليتحول الى اضافة توهمية قصورية، تحايثها القصورية الطبقية الاخرى البديل المفترض الماركسي، لنصبح بازاء ركام هائل من التوهمية الحالة على البشرية، وسط حالة من التناقض غير المسبوق مابين المعاش، والادراكية المتاحة.

يقف العالم بناء عليه وكضرورة قصوى، امام مهمة عدم الاستجابه لمقتضياتها من شانه اخذ العالم والوجود البشري الى الكارثة، فتعاظم التفارق بين الادراكية والواقع المادي، وبالاخص متغيرات وسيلة الانتاج النوعيه، من شانه ادخال المجتمعات البشرية في غمرة اضطراب شامل، اخذ الى الفنائية، فوسيلة الانتاج العقلي،" التكنولوجيا العليا" الموشكه على الحضور، سيرافقها بالطبيعه اختلال في وظيفة وفعالية الوسائل الانتاجية الارضوية الملائمه للجسدية والحاجاتيه، بينما تظهر للوجود علامات وجوب الانتقالية التحولية، ونوع الادراكيه المواكبه لها بما هي مجابهة لمازق وجودي اقصى، الكائن البشري ضمنه هو بالذات مادة متحولة، تحولها يفترض، لابل يشترط نمطا من استراتيجيات الانتاجية، وسبل العيش والانشعال الشامل الحياتي، مافوق ارضي، وفي المقدمه فوق توهمي من نمطية ذلك السائد اليوم وباق منذ ان انبجست الالة في المجتمعات الغربية الاوربية، وظلت ماهي عليه بلا تاريخ تشكلي مراحلي.

يمكن للعراق ارض اللاارضوية والازدواج الابراهيمه الحدسية النبوية الاولى، ارض الازدواج المجتمعي، ان يحضر اليوم" عليّا"، بعد اكثر من اربعة قرون من تاريخ التشكل الحديث الثالث من تاريخه المحكوم للدورات والانقطاعات بلا نطقية، بينما خاصية دورته الراهنه، المستمرة من القرن السادس عشربالاصل، هي "النطقية" المؤجله، والتي ظلت على مدى، الدورة الاولى السومرية البابلية الابراهيمه، والثانيه العباسية القرمطية الانتظارية، والى الساعة، خارج القدرة الاعقالية الادراكية المتاحة للكائن البشري، وصولا الى الانقلابيه الاليه الواقعه مع توهميتها الكبرى في المدى الازدواجي المقابل الارضوي الطبقي، بلا رؤية مطابقة، وبلا كينونه نمطية، ظهرت اليوم مع وصول الماركسية اللينينه الى ارض سومر التاريخيه لتكتسب خاصيات اعلى مما مرتكزه اليه، فالمجتمعية التحولية اللاارضوية اعلى منطويات من تلك التي افترضها ماركس ارتكازا لحالة الازدواج الارضوي الطبقي التي ينتمي اليها ، اي حال الازدواج الادنى، مقارنه بحال ونمطية الازدواج المجتمعي الموضع الفعلي من حيث الممكنات والمنطويات العليا النهائية التي لابد للانقلاب الالي ان يتمخض عنها مجتمعيا.

تنتمي الطبقية ومجتمعها الى الطور اليدوي من المجتمعية، وهي ابعد من ان تقارب منطويات الانقلابيه الالية التي هي بالاحرى تحول من المجتمعية الارضوية الاولى، الى المجتمعية الغاية اللاارضوية، ومن هذا الموضع، ينبغي ان نتوقع اطلالة الرؤية الضرورة التي تمثل الانقلاب الالي مجتمعيا، هي ومعها التكنولوجيا العليا العقلية، وهو ماظلت اللاااضوية تبحث عنه اليوم، بعد ان انهارت الشيوعية المنقولة والمصادرة من قبل اللاارضوية، وقت ان صار مع ثورة 14 تموز1958 من المحتم اللازم الانتقال الى " النطقية" بينما ظل الببغاويون الافندويون، واعادوا مجددا من باب العجز العقلي الادراكي محفوظات الطبقية الجاهزة الماركسية .

العالم والمجتمعات ماتزال بانتظار الانتقال التحولي الاعظم الالي، مع اعلان الانتقال من الجسدية اليدوية الحاجاتيه الى العقلية، ومن الارضوية التي ظلت غالبة منذ تبلور المجتمعية، الى اللاارضوية الموافقة لاعلى اشكال التحورية الاليه تكنولوجيا، حين تتلاقى الاشتراطات المجتمعية مع وسيلة الانتاج التي من نوعها ومطابقة لمنطوياتها، الامر الذي سياخذ العقل والجهد البشري نحو مفازات غير معروفة، ولم يسبق ان جرت مقاربتها حتى تخيلا، فاذا كان ابناء التحولية الطبقية الدنيا الابتدائية على توهميتها، قد اثبتوا انهم من اكثر بني البشر تفانيا ورغبة جامحه في تحقيق التغيير، وطرق باب اليوتوبيا الواقعية المتخيله، فالحرى بهم بالذات اليوم ان يكونوا في طليعة ومقدمه بني البشر الذين يقاربون الانتقال التاريخي الاعظم، وان يكونوا كما ظلوا يطمحون دائما الى الطليعية ومقدمة البشرية.

لقد حق الاعلان اليوم بملء الصوت: "من الشيوعية الطبقية"، الى "التحولية اللاارضوية" شعارا ومنهجية تفكير وعمل، ياخذ بالبشرية الى ماهي مهياة اليوم للذهاب اليه حكما موضوعيا، او توقع الخراب الاشمل من دون استبعاد الفناء.

ـ انتهى ـ

***

عبد الأمير الركابي

في المثقف اليوم