قضايا
بتول فاروق: هل توجد حقوق أصيلة للمرأة المسلمة؟

يُعطى الرجل المسلم حقوقا بمجرد الولادة، حقوقا أصيلة بلا أشتراط أو أثبات، لكن ليس كل حق تكسبه البنت تلقائيا بالولادة، بل يجب أن تشترطه، فاذا وافق الآخر فيكون لها حقا فرعيا ثانويا. فللزوج حق الطلاق والقوامة والخروج والدخول والعمل والسفر بدون أذن أحد، بل حتى منتجات جسد المرأة يسجل بأسمه ويصير هو الولي الحصري له، ولا تكون هي ولية الا بعد غيابه، وقد لا تكون مطلقا عند البعض.
المرأة عوملت كتابع (مفعول به) يقع عليه الفعل ولا تكون هي فاعلة في أي شيء مطلقا ماعدا أمر واحد هو أن توافق على الزواج، وبعد ذلك تنتهي كل إرادتها، ستكون تابعا بالمطلق بعبودية واضحة، فأذا أرادت الخروج من هذا الوضع يجب أن تفتدي نفسها (تشتري نفسها) بأي مبلغ يطلبه الزوج، ولابد أن يوافق وهو يقوم بطلاقها حصرا، مهما كرهته أو استحالت الحياة الزوجية بينهما.
هي أداة وتابع ولايحق لها في هذه الحياة الزوجية الا الأكل والكسوة بالحد الادنى، أما الأمور الاخرى فلضآلتها لاتكاد أن تذكر، فالحق الزوجي في الحميمية (مرة كل اربعة أشهر بمعنى علاقة زوجية ثلاث مرات في السنة، ومبيت ليلة واحدة من أربع ليال).
وهو حق هزيل لا ينسجم مع الطبيعة الإنسانية أو العلاقات العاطفية، بل يجعل العلاقة الزوجية آلية ميكانيكية، وكأن المرأة مجرد أداة لتصريف الغريزة، اذا أحب، ويمكن أن يهمها خارج هذا الوقت. أو كأن المرأة مجرد “حصة زمنية” في جدول الرجل، لا شخصًا كاملاً بمشاعر ورغبات وكيان مستقل.
أفكار لاتكاد تعقل في ظل تطور تواصلي عارم اليوم. لقد اعتبروا النساء كلهن نسخة واحدة، قطيع أنثوي كأي حيوان بلا شخصية أو هوية، الذي يحتاج إلى الطعام والكسوة التي يمكن تسميتها بـ(إعالة البقاء) بلا تمييز بين أمرأة وأخرى فوضعت لهن حقوقا مادية تافهة، حقوق حيوانية بقائية (حتى الحيوان يجب أن يعامل بالمعروف).
وهذا ناتج من رؤية بدوية - عشائرية ترى الذكر أفضل من الأنثى، وأن الحياة ولدت من "ضلع ذكر" وان "الحليب" الذي تنتجه المرأة من جسدها أثناء الأرضاع أنما هو حليبه والطفل طفله، بينما هو علميا شبه متطفل على المرأة في عملية الإنجاب.
هذه الرؤية كانت حاكمة على العقل الفقهي، ولذلك وجدنا كل هذه الفتاوى التي تعاملت مع المرأة كتابع بلا هوية، لايحق له تسيير حياته كما يريد بل عليه أن يشترط على الجنس الآخر فاذا وافق خلال "العقد" فمن الممكن أن تحصل على بعض الحقوق الآدمية بموافقته، واذا لايلتزم الزوج فستبقى معلقة لا رأي لها ورهينة رضا الزوج..أي حقوقها منحة وتجاز من قبل الآخر لاحقوق أصيلة.
هذه النظرة تخالف النظرة السماواتية القرآنية، لا أفضلية جنس على آخر. ومن يقول غير ذلك مغيب العقل، أو"قافل" فكره على كل مايرده من أخبار كما لو كانت إلهية فعلا.
فهناك في المدونة الفقهية من يبيح تزويج الصغيرة دون علمها أو إرادتها، ولايحق لها عند البلوغ حق الفسخ، واعتبرت أنها مجرد جسد، فأذا وصل الى سن يطيق النكاح فيتم تزويجها، كأي أنثى حيوان لايتعلق الأمر برغبتها او تفضيلها لزوج على آخر، فالمزاجيات مرفوضة ، فهي "مجرد جسد " بلا روح يتم تبادله بين الأولياء، يحق لابيها تزويجها وأن كانت هي لاتدرك شيئا من الزواج وحتى، لو تصاب بنوبة هلع شديدة نتيجة هذا الاقحام الاجرامي في حياة البالغين الكبار التي لاتفهمها والتي تفقد من جرائها عقلها وتتدمر نفسيتها.
مافعله الأسبقون في فهم مغاير لحقوق الإنسان لايجوز أن يبقى الى الأبد، في تفكير قديم، أرسطي غالب على منطق الفقه، وهو تفكير يرى أن الثابت هو الأساس في بقاء الأحكام، في فروع الدين، حتى غير العبادية منها، ضمن فكر ثنائي جوهراني يفضل الذكر على الأنثى والثابت على المتغير.
***
د. بتول فاروق - النجف
٥/ ٩/ ٢٠٢٥