قراءة في كتاب

وسام العبيدي: تفكيك العقلِ الأحادي عمليًّا.. قراءة في مفارقات وأضداد للرفاعي

العقلُ الأحاديُّ يُؤمنُ باليقينيّاتِ والمُطلَقاتِ في كُلِّ مجالٍ يتوجَّهُ إليه صاحبُهُ، فإذا تحدَّثتَ مع أحدِ مُمثِّلي هذا العقل "الأحادي" عن فكرةٍ أعجبتكَ؛ لِجِدّتِها، أو لواقعيّتها، أو لما فيها من بُعدِ نظر، ودقّةٍ في تشخيص مكمن الداء في ظاهرةٍ ما أو إشكاليَّةٍ ما، أو لغير ذلك من أسباب، سيواجهُكَ صاحبُ العقلِ "الأُحادي" بعيدًا عن الموضوع محلِّ الشاهد، بأنَّ صاحب الفكرة تلك، له كذا أفكار جانبَ الصوابَ فيها، أو له مواقف ضدّ الجهة التي أُواليها سياسيًّا أو دينيًّا، أو أنه ينتمي إلى الحزب الفلاني، أو الجماعة الكذائية، أو.. أو.. أو.. إلخ من إشكالاتٍ لديه كلُّها لا علاقةَ لها في الموضوع الذي طرقتَهُ عليه، هُروبًا من الاعترافِ لكَ أنَّ تلك الفكرة - محلَّ الشاهد - تستحقُّ الاحترام، أو أنها فكرةٌ جادّة بين لِداتِها من أفكارٍ في المجال نفسه. وهذا الهروبُ ليس إلا لونًا صارخًا من ألوانِ التعصُّبِ الفكري سواءَ أكان بين عامّة الناس، أم كانَ بين النُخَب، بله بين النُخبِ أكثرُ قُبحًا، وأشدَّ مضاضةً «من وقع الحُسامِ المُهنّدِ»..!

العقلُ الأحاديُّ، عقلٌ بَدائيٌّ في تكوينه، بَدائيٌّ في تفكيره، بَدائيٌّ في مُخرَجاته، لا يرى غير ما يُوافقُ ميوله وتوجُّهاته، فهي الصوابُ المُطلق، وما عداها فهو الباطلُ المُطلق، وليس لديه القدرةُ أو الشجاعةُ التي تدفعُهُ إلى مراجعة مُخرجاتهِ من أفكار فيُمارسَ النقدَ عليها، ويُعيدُ النظرَ في مرجعيّاتها تمحيصًا واختبارًا على محكِّ الوقائع المتغيّرة، أو المعلومات المُتحصَّلة لديه مؤخَّرًا، فيتأكّد من صوابها، أو يصرف النظرَ - بموجب ذلك - عن بعضها، أو يتبرّأ منها، في قبال تبنِّي سواها من أفكار أو قناعات، وهو إذا كان كذلك، فمن الطبيعيِّ أنْ لا يجرؤ على قراءة منجز الآخر المختلفِ عنه، أو يتحقّق من صدقِ ما قرَّ في وعيه من قناعاتٍ وأفكارٍ عنه سمعها من خصوم ذلك الآخر، بل لا يريد تصحيح تلك التصوُّرات الراسخةِ في مخيالهِ عن ذلك الآخر؛ لما سيترتَّبُ على ذلك التصحيح من تغييرٍ في موقفهِ عنه، وهذا ما لا يُريدُهُ مُطلقًا؛ لأنه يؤمنُ بالنظرةِ الأولى، والموقفِ الأول، بما يُشعِرُهُ ذلك الإيمانُ الأُحاديُّ من اتّزانٍ موهوم، وهويّةٍ ثابتةٍ، وهو ثباتٌ لا قيمة له ولا مُسوِّغ له عقلاً، مثل ثباتِ من اعتادَ على شكلٍ واحدٍ من الطعام يراه أطيبَ الأطعمة وهو لم يجرِّب غيرَه من طعامٍ..!!

من يقرأ «مفارقات وأضداد في توظيف الدين والتراث» للمفكِّر العراقي الدكتور عبد الجبار الرفاعي، سيجد - وهو يُطالع رصده لمفكرين عرب وإيرانيين في حقول معرفية متقاربة، اشتغل كلُّ واحدٍ منهم على حدة في مشروعه الخاص - أنَّ مفارقات العقل عند كلِّ واحدٍ - بحسب رصد الرفاعي لها - موجودة، ومتحقّقة سواء أكانت تلك المفارقات طوليا، أي أنها تتحقق على مر الزمن، إذ تجد المفكر من هؤلاء يتراجع عن بعض ما كان يؤمن به من أفكار، في قبال تبنّيه لأفكار أُخَر آمنَ بجدواها فيما بعد، أو تجد تلك المفارقات عُرضيًّا لدى هذا المفكر أو ذاك، بمعنى أنه في الوقت الذي تجد لدى هذا المفكِّر نزعةً فكريةً تؤمنُ بكذا من المتبنّيات، لكنّك لا تجد صدى تلك النزعة على واحدةٍ من واقعه..! أو تجده متفتّح الذهن في مسائل ينظر إليها بعقلانية ومنطقية وفي الوقت نفسه في مسائل لا تميل مع هواه يتصدّى لها رافضًا ومُفنِّدًا، وذلك في قوله: "أحيانًا ترى إنسانًا عبقريًّا في منطقةٍ يقظةٍ من عقله، وعلى الضدِّ من ذلك في منطقةٍ نائمةٍ من عقله. تُدهشك قدرته على توظيف المغالطات المنطقية لعقله اليقظ للاستدلال على أوهام عقله النائم" ص 301 أو ستجد من هؤلاء المفكرين الذين تعرّض لهم الرفاعي، من تبرّأ من أفكاره "العقلانية" إلى حدٍّ ما في مبتدإ نشاطه الفكري، وراح يُكفِّر عن ذلك "الإثم" في خريف عمره، بالتوغُّل في التفكير السَلَفي كاتبًا ومناقشًا ومُحاورًا، ومن هؤلاء الراحل "محمد عمارة"، وهذا يمثِّل أحد تجليات "المفارقات" التي توقّف عندها الرفاعي، إذ المنطقيُّ المُستساغُ في مسيرة التحوُّلات الفكرية عند المفكِّر - أو المشتغل عمومًا في حقل التراث - أنْ يتخلّص شيئًا فشيئًا من حمولة "النسق السَلَفي" مُحلِّقًا - كمنطادٍ كلّما يرتفع في طبقات الجوِّ يرمي من الأكياس المشدودة فيه - وصولاً إلى مناطقَ أرحبَ في عقله، يستثمرُها في قراءته التراث الذي ظلمَهُ فيما سبق، مؤشِّرا على ما فيه من مساحات مضيئة/ عقلانية تمُدُّ وعيه بمزيد من الهدوء والاتزان في تعامله مع متغيرات مجتمعه وأثر التطورات التي يفرضها منطق الزمن على تلك المتغيرات..

إنَّ ما شخّصه الرفاعي أصطلحُ عليه - وفق دراسةٍ شارفتُ الانتهاءَ منها - بـ«تمثيلات العقلِ الأُحادي» التي لا تقتصرُ هي الأخرى في مجال قراءة التراث، بل نجدُ آثارَها وتمثيلاتها في كلِّ مجالٍ من مجالات الحياة، وهي لا تقتصرُ على "عقلٍ عربيٍّ" دون "عقلٍ غربيٍّ" فهذا التشخيص «الجابري» لم يكن فيصلاً حاسمًا للتمييز بينهما، بل هي سِمةٌ عامّة للعقل البشري الذي يسكنُهُ عاملُ الانطواء على "الذات"، وعدم الاعتراف بـ"الآخر" سواءً أكان فكرًا، أم مجتمعًا مُغايرًا في العقيدة أو السلوك والعادات أو غير ذلك، تجعل الشخصَ ينطوي على تُراثه يُحاول بكلِّ ما يستطيع - ولن يستطيع - أنْ يجدَ فيه ما يُغنيه عن الآخر في كلِّ شيء - وإن كان ذلك الشيء - يُقدِّمُ البديلَ النافع، أو العلاجَ لما يُعانيه من إشكالاتٍ مُزمِنة في واقعه المعيش. وهذا ما عبّر عنه الرفاعي في موردٍ آخر - بصدد الحديث عن مشروع المفكر الجزائري الراحل مالك بن نبي - بـ"انفجار الهويّة السَلبي" تمييزًا له عن الإيجابي منه، إذ يعمل الأول على "تصلُّب الهوية وانغلاقها بصرامة. الهوية المغلقة لا تُطيقُ ما لا ينتمي إليها مهما كان، حتى مكاسب العلوم والمعارف الحديثة المُنجَزة خارج فضائها تستفزُّها وترتابُ وتحذرُ منها، وفي أغلب الأحيان ترفضُها، وإن اضطرّتْ إليها لا تقبلُها إلا بعُسرٍ ومَشَقّةٍ وتردُّد" ص352 وهذه ظاهرةٌ شخّصها الرفاعيُّ في كتابه هذا، عند أكثر من مفكرٍ ينطبق عليهم هذا التشخيص النقدي في مجمل مشاريعهم الفكرية، بما جعلهم يجنحون إلى تدشين قصرٍ على الرمال، تعويضًا عن ذلك الانكفاء الفكري غير المُسوَّغ، تمثّل بما اجترحوا عليه صراحةً أم ضمنًا مصطلح «إسلاميّة المعرفة» وقد رصد الرفاعيُّ أكثر من استعرضَ أو دعا إلى هذا المفهوم، من إيرانيين أو عرب، وهي دعوةٌ لا تخفي انسلاخها من هويّة العصر الحديث، وكيفية التعاطي مع مُخرجاته من معارف وعلوم وتكنولوجيا تغلغلت في كل مجالات حياتنا، فكان لهؤلاء أنْ يحتموا بالتراث، "والدعوة للعودةِ إلى ماضي الأُمّة، وعلوم ومعارف الآباء"، والكلام في هذا المورد عن مشروع الراحل "محمد عمارة" ولكنّه ينطبق بصورةٍ عامة، على من اشتغل على تكريس هذه الدعوة - إسلامية المعرفة - في خطاباته ومؤلفاته، ملتقِطًا في الوقت نفسه خيطًا آخر يشترك به عمارة وأولئك، تمثّل بـ"التحذير من الفلسفة وعلوم الإنسان والمجتمع الحديث، بذريعة أنَّ تراثنا يختزنُ كلَّ ما تتطلَّبُهُ حياتُنا، وكلَّ حلول مُشكلاتنا، وأنَّ المعرفةَ والعلومَ الحديثةَ ما دامتْ وُلِدت في بيئةٍ غربيَّةٍ، فهي غريبةٌ عن معتقداتنا وثقافتنا وبيئتنا ومشكلات عالمنا. وهي ذريعةٌ يُردَّدها كلُّ هؤلاء، بأساليب متنوعةٍ وعباراتٍ مختلفةٍ، وصياغاتٍ ملتويةٍ أحيانًا، تتوحّدُ في أنّها تدعونا لأن نرفضَ كلَّ معرفةٍ أنتجها العقلُ البشريُّ خارجَ عالمنا" في حين أن كل هذه الدعاوى لا أثرَ لها في الحقيقة، وبحسب قوله: "فلا نحن اكتشفنا فلسفتنا وعلومنا ومعارفنا التي تستجيبُ لواقعنا، وتولد في سياق ديانتنا وثقافتنا وهويّتنا وخصوصيّتنا وراهن مجتمعاتنا ص: 319. ولا نحنُ الذين استفدنا من منجز الآخر وتعاملنا معه بموضوعية واحترام..!

     والرفاعيُّ في تشخيصه النقديِّ هذه الظاهرة عند أكثر من مفكِّر، لا يخفى لأدنى مُتأمِّلٍ ما ينشدُهُ من توازنٍ معرفيٍّ بين استلهام المضيء النافع من التراث، في الوقت الذي لا يجعلنا نُشيح بوجوهنا ممّا يمكن الاستفادة منه من منجزات العلم الحديث، بما يعكسُ انتماءنا للعصر، وينمّ عن نظرةٍ فيها الكثير من الإنصاف لجهود العقل الإنساني - أيًّا كان انتماؤه - في تعاطيه أخذًا وعطاءً مع الآخر، وهو معنًى قريبٌ ممّا ذكره الراحل نصر حامد أبو زيد في وقوفه على هذه المسألة، بالقول ((ونحن نُعيدُ من حينٍ إلى حين النظر في تراثنا، ونعودُ إلى تأملهِ وتفسيرهِ وتقويمهِ. وهذه العودةُ المستمرةُ ليست نزقًا طائشًا نابعًا من عدم النضج وعدم الاستقلال، ولكنها عودةٌ نابعةٌ من ضرورةٍ وجوديةٍ، وضرورةٍ معرفيةٍ في نفس الوقت. فليس التراثُ في الوعي المعاصر قطعةً عزيزةً من التاريخ فحسب، ولكنه – وهذا هو الأهم- دعامةٌ من دعاماتِ وجودِنا، وأثرٌ فاعلٌ في مكوِّنات وعينا الراهن، وأثرٌ قد لا يبدو للوهلة الأولى بيّنًا واضحًا ولكنه يعمل فينا في خفاءٍ، ويؤثّر في تصوراتنا شئنا أم أبينا، لذلك يتعين علينا أن نتحركَ دائمًا حركةً جدليةً تأويليةً بين وعينا المعاصر وبين أصولِ هذا الوعي في تراثنا. هذه الحركةُ يتحتّمُ عليها ألا تغفل المسافة الزمنية التي تفصلنا عن التراث، وعليها في نفس الوقت ألا تقع في أسر هذا التراث رفضًا أو قبولاً غير مشروط، فالتراث – في النهاية- ملكٌ لنا، تركه لنا أسلافُنا لا ليكون قيدًا على حرّيتنا وعلى حركتنا، بل لنتمثله ونعيد فهمه وتفسيره وتقويمه من منطلقات همومنا الراهنة)) (مدخل الى السيميوطيقا: 73)

وإذا كانت هذه الظاهرة الفكرية قد استوقفتِ الرفاعيَّ منتقدًا لها، مُمحِّصًا مرجعيات خطاب أصحابها الفكريَّة، مؤمنًا بالوسطيّة في متبنّياته الفكرية باعتبارها منطلَقًا واقعيًّا، وفي خلاف ذلك تكمنُ المفارقات وتتّسعُ التضادّاتُ بين الدعوى وبين الواقع، بين من يدعو إلى "الحكمة الخالدة" التي يقف وراءها "حسين نصر" ومن سار في فلكه من مفكرين إيرانيين، وبين من يدعو إلى "أدلجة التراث" بصورة مباشرة أو غير مباشرة وهذا ما عمل عليه الراحل د. علي شريعتي في قراءته بعض مفاصل التاريخ الإسلامي، وهي تنويعات أو تمثيلات بالأحرى لا تخرج عمّن دعوا إلى "إسلامية المعرفة" إلا في بعض التفاصيل التي يقتضيها توجّه كل مفكرٍ من هؤلاء، وإلا فيجمعهم الموقف المتشنِّج من العلم الحديث، إذ "يتوارى خلفه موقفٌ تبجيليٌّ يغيب فيه النقد بإزاء التراث وبعض مفاهيمه الميِّتةِ والمُميتة [...] بينما تتراكم كتاباتهم في نقد الغرب الحديث، وهجاء حضارته، وقِيَمه وعلومه، بلا تمييزٍ بين وجوه الغرب المتنوِّعة" ص: 264 فهنالك ظاهرةٌ أخرى استوقفتِ الرفاعيَّ، تمثّلت بلغة الخطاب الفكري لكلِّ واحدٍ منهم، بما يؤشِّر استشعاره أهمية أنْ يكون للمفكرِ لغةٌ رشيقةٌ تُنبئ عن محتواه الفكري لا تنحطُّ عن المستوى المطلوب في الطرح، بما يجعلها لغةً سطحيةً لا تنفذُ إلى ما وراء قشر الألفاظ من أفكار، وهذا ما شخّصه بصورةٍ عامة عند عالم الاجتماع الراحل "د.علي الوردي" إذ جعلها - بحسب وصف الرفاعي - لغة "حكواتيٍّ يتحدّثُ في المقاهي الشعبيّة" أو تلك التي لمسَها عند المفكر الراحل "حسن حنفي" بما فيها من رومانسيّة عالية أبعدت الخطاب عن واقعيته وملامسته المشاكل والأزمات، فاللغةُ مهما كانت ثوريّةً لا تغيّر من الواقع شيئًا أو لا تلامس الجذور العميقة لتلك المشاكل، ما لم تستهدِ إلى الطريق بعقلٍ يقظ ووعيٍ ينطلق من صميم الطبيعة التي انبجست منها تلكم الأزمات. أو حين يقف عند المنجز الفكري عند الإيراني الراحل "داريوش شايغان" يروقُهُ منه فضلاً عن فكره الغزير ذي المنابع المتنوِّعة، مهارتُه الفائقة "في التعبير عن أفكاره، ببيانٍ مُكثّفٍ دقيق، لكنّه واضح، عباراتُه لا يُرهقهُا فائضٌ لفظي، ولا تغرقُ بغموضٍ والتباساتٍ مُبهمة. يهتمُّ بترتيب موضوعاته في سياقٍ منهجيٍّ مُنظّم. وتظهر براعتُهُ في القدرة على توظيف المصطلحات التي ينحتها أو يستعيرها، بنحوٍ اغتنت آثارُهُ بمعجمٍ اصطلاحيٍّ مُميّز، ينفردُ هو بعددٍ مما يتضمّنه هذا المعجم" ص235 . وهكذا يستثمرُ الرفاعيُّ كلَّ ما لديه من مجالات معرفيّة يُخضع فيها مشروعَ أيِّ مفكرٍ تناوله في هذا الكتاب، بما يُقلِّص النظرةَ الأُحادية التي استشرت عمومًا في واقعنا الفكري والثقافي المعاصر، وذلك في وقفاته المتأمِّلة على شخص كلِّ واحدٍ من أولئكم المفكِّرين، فيجد ما يستحقُّ الثناء عليه سواءً أكان ذلك الثناء في سيرته الحياتية أو مسيرته العلمية، في قبال ما يُشخِّصُهُ من أدواءٍ فكريّةٍ وقع فيها الكثيرُ منهم، وهذا يُمثِّل أقصى درجات الموضوعية – بمعنى الحياد – حين لا يُشطَبُ على مشروع كلِّ واحدٍ من أولئك المفكِّرين بجرّة قلم؛ لمجرّد أنّه يُخالف هوى الباحث الناقد لمشروعهم، فلغةُ التجريح والتسقيط أو الإلغاء لا تنمُّ إلا عن عقلٍ كسول لا ينتمي إلى روح العصر الحديث الذي يؤمنُ بالنسبية في كلِّ ظاهرةٍ وكلِّ منجزٍ أيًّا كان صاحبه، فضلاً عن كونها تعبِّرُ عن أحاديّته المقيتة في رؤيته الأشياء في منظورٍ واحدٍ لا يقبل التجزئة، بما يُضيِّقُ على صاحبه الاستفادة ممّا حوله، ويُحيل حياته إلى نسخِ بليدة طبق الأصلِ من شخصّيته. وهذا ما يقف منه كتاب "مفارقات وأضداد" بالضدِّ منه، فتحيةٌ لمؤلِّفه الذي يُسهم بما يستطيع في إرساء العقلانية النقدية بهدوء الحكيم. 

***

د. وسام حسين العبيدي

في المثقف اليوم