قراءات نقدية

سوران محمد: انصهار الالهام في بوتقة الابهام

كثيرا ما يكتب الشعر والنقد والدراسات الشعرية هذه الأيام، بغض النظر عن رفضك أو أعجابك بهذه المحاولات، لكن نادرا ما نقرأ کتابا أو مقالا يتناول حيثيات الشعر ويتحدث عن ألف باء کتابته، لأن الذي يستطيع القيام بهذا الأمر هم الشعراء- النقاد، كـ (تي أس أليوت)(١)  وطه حسين ومحمد اقبال وغيرهم علی مر العصور وعلی سبيل المثال لا الحصر، ولكن ليس بوسع  كل النقاد خوض هذا الغمار، وليس هذا تقليلا من شأنهم، بل لأن الشعراء- النقاد يعيشون تلك اللحظات الشعرية ويمرون بحلوها ومرها وهم أقرب الی نبض الشعر من غيرهم، لذا هم أدری من غيرهم فيما يدور في جنباتهم منذ اتيان الالهام وحين ولادة الشعر من أعماق النفس الی ان يری النور  بنشره في الكتب أو الصحف الادبية والمنصات الاجتماعية، ويمكن للشاعر الحفيص ذو عين نقدية أن يحيط بتلك الحيثيات ويدونها لغيره من باب الاخذ بدروسها والاستفادة من خبراته الشخصية، وبعد انتاج العمل الشعري يمتلك القراء هذا الشعر، يتقاسمون ويتشاركون الشاعر في جوانبه الابداعية، يلتذون به ويطيرون معه في سماء الاخيلة الشعرية  للوصول الی المبتغی الابداعي بالتمعن وتخيل الصور المجازية والغاية القصوی من النظم بالتعمق في معانيه وشعابه، وكما يقول القرطاجني في (منهاج البلغاء وسراج الادباء):" النظم صناعة آلتها الطبع. والطبع هو استكمال للنفس  في فهم أسرار الكلام، والبصيرة بالمذاهب والاغراض التي من شأن الكلام الشعري أن ينحی به نحوها؛ فاذا أحاطت بذلك علما قويت علی صوغ الكلام بحسبه عملا، وكان النفود في مقاصد النظم وأغراضه وحسن التصرف في مذاهبه وأنحائه انما يكونان بقوة فكرية واهتداءات خاطرية،/ تفاوت فيها أفكار الشعراء".(٢)

علی العموم؛ نادرا ما نجد هنا وهناك من يتحدثون عن حيثيات كتابة الشعر وفنونها العديدة، ربما يرجع السبب الی أهمية الموضوع في صنعة الشعر والذي يخص الشعراء دون غيرهم، والشعر يعتبر فنا أدبيا لغويا بحيث تختلف لغته عن الاستخدام اليومي، وقد قال الجاحظ في (البيان والتبيين): "شعر الرجل قطعة من كلامه، وظنه قطعة من علمه، واختياره قطعة من عقله. وقال ابن التوأم: الروح عماد البدن، والعلم عماد الروح، والبيان عماد العلم"(٣).

فاذا اتفقنا جدلا بأن العمل الشعري الثري والمبدع هو توظيف خصائص المادة الأولية للغة، بشقيها الظاهري والمعنوي أي: الالفاظ والمعاني، فأن لهذا الصرح الانساني الخالد حاجيات أساسية تستوجب توفرها في أي قصيدة شعرية كي تكتمل مراحل بناءها وتجتاز طورها وتصبح نموذجا أمثل للأدب المنتج ونعطيها جزءا من وقتنا ونسميها عملا ونتاجا أدبيا معتبرا، بدءا بالموهبة ومرورا بالآليات المستخدمة بالعناية والوعي الی الاختيار الأمثل للموضوع واجتياز حواجز الثيمة الحية والأفكار المتجددة المبدعة، والا سنعيد أنفسنا والآخرين من أسلافنا مقلدا ودون تقديم أي منجز يذكر أو اضافة جديدة علی ما أبدعوه من أبدعوا قبلنا...

لا يخفی علی الدارس لفنون الشعر بشقيه الشكلي والمضمون، بأن كتابة   الشعر هي موهبة قبل الرغبة، وليس للشعر أي جنسية تذكر أو انتماء ضيق الأبعاد، بل انه ينتمي الی الانسانية في المقام الاول، فهناك من السلف من اقتصروا وعرفوا الشعر بالوزن والقافية فقط، ولكن وحسب النظريات الحديثة ليس الوزن والقافية الا رداءا موسمية يلبسه النص الشعري لغرض انجاز بعض تحسينات جمالية، لكن البنية الاساسية والخفية في الشعر هو الجزء الذي يتبقی منه بعد ترجمته الی لغات أخری، حيث نلاحظ بأن الشعر سرعان ما يفقد الوزن والقافية في اللغة الثانية مع الترجمة، لذا هنالك من رأوا غلوا بأن الشعر غير قابل للترجمة، لكنه بأعتباره عملا انسانيا ذات مضمون روحي يتقاسمه الجميع علی وجه الخليقة،  وبطبيعته يطرق أبواب وجدان الجميع، يخاطب القلب والعقل قبل أن يكون مصطلحات لغوية، فهو أقرب من الكل ودون الاستثناء.

تكتب سوزان برنار في هذا الصدد عن قصيدة النثر  كيف تمرد علی السائد وفي النتيجة لم تخرج عن دائرة الشعر بأخضاعها لقوانين أخری مماثلة لكن في ثوب العصرنة، شكلا ولغة : "والمٶكد أن قصيدة النثر تنطوي علی مبدأ فوضی وهدام، اذ نشأت من التمرد علی قوانين الوزن والعروض، واحيانا علی القواعد العادية للغة. لكن كل تمرد علی القوانين الموجودة مجبر-  فيما لو أراد تقديم عمل أدبي قابل للأستمرار-  علی أن يحل محل هذه القوانين قوانين أخری، خشية الوصول الی ما هو غير عضوي وفاقد للشكل. وهي -  في الواقع-  ضرورة  خاصة بالشعر".(٤)

هنالك جوانب مهمة ورکائز قوية يبنی عليها أي عمل شعري بغض النظر عن انتمائه الی أي مدرسة شعرية، لكننا قلما درسنا وقرأنا هذه المرتكزات؛ هنالك تفاصيل دقيقة تختزل نفسها في عمل شعري لا يلاحظها الا من يقرأ بأمعان ويتابع بتدبر، خاصة ان معظم النتاجات الادبية في وقتنا الحاضر يفتقد الی الاكتراث بە من قبل طبقة النخبة ينظر اليها ويحكم عليها بشكلها الظاهري کوحدة واحدة دون التفكيك والتشكيل والتجزئة، لكنها في الأصل هي قطعة فنية يمكن لأي حرف من حروفها أن تنقلب موازين المعنی. فهناك من الشعراء من يحرص على تحسين مهاراته اللغوية في النصوص، وما يتطلبه ذلك من نحو وصرف وإملاء ونحو ذلك، لكن نصه في الأخير لا يٶدي دوره، ولا يحدث أي رجفة أو اهتياج في النفس وبناء علیه لا نتأثر به ولا يهزنا من الاعماق كي نعتني بە ونحفظه ونتعاطی معه.

بما لاشك فيه ان هنالك ترابط وثيق بين الکلمة والفكر لصياغة المعنی، فالمعنی ليس لوحده تتحرك داخل نص ما بمعزل عن الکلمات، فهما وجهان لعملة واحدة، يستحسن الشاعر المجيد استعمالها وايجاد الترابط بين مجمل الكلمات والمعنی العام للنص وهذا ليس الا وليد الفكرة، فكل عمل أدبي دون الفكرة يكون شيئا مجوفا أو ربما ينظر اليه لا أكثر من زخرفة أو نسيج ذو ايقاع معين، فالانتقاء واختيار الدال المناسب واستعماله  في موقعه الجغرافي الصحيح في النص  ليس الا استجابة لمتطلبات الفكرة وخدمة لها. بل يوءكد ويعتبر ابن طباطبا ان أول مراحل ابداع شعري ما هو تجول الفكرة في الخاطر، اذ ان الفكرة هو المعنی والغرض الموحد للقصيدة، بل أبعد من ذلك يری البعض الآخرون ان الأفكار هي التي تقوم بتشكيل القصيدة وصياغته ومن ثم يتخذ ويشكل اسلوبا معينا. وهنالك من ذهب أبعد من ذلك حينما قالوا بأن التفنن هو الذي يبتكرُ الأفكارَ ويُخفيها في الوقت نفسِه. لهذا ينحاز الشاعر والناقد الانجليزي شيللي الی الانسجام في الفکر أكثر من اخضاعه لنظام شكلي معين حيث يكتب في (دفاعا عن الشعر): "انطلاقا من وجهة نظر فلسفية دقيقة، لا يمكن التقسيم الشعبي الی نثر وشعر. فليس من الضروري أبدا أن يخضع الشاعر لغته لنظام معين من الأشکال التقليدية، وذلك بشرط أن يراعي الانسجام في فكره".(٥)

اذن ايجاد فكرة مناسبة لنص شعري هو أول مرحلة انجاز العمل الانتاجي، وجدير بالذكر ان كل ماتقع تحت أصناف المعاني  مثلما ذكره الجاحظ في (البيان والتبيين) يتحكم بها الفكرة ويوظفها في موقع صحيح في جغرافيا النص متماشيا مع النواة الاولی والفكرة العامة والتشعبات المقطعية : "جميع اصناف الدلالات علی المعاني من لفظ وغير لفظ، خمسة أشياء لا تنقص ولا تزيد، أولها اللفظ ثم الاشارة، ثم العقد، ثم الخط، ثم الحال التي تسمی نصبة، والنصبة هي الحالة الدالة، التي تقوم مقام تلك الأصناف، ولا تقصر عن تلك الدلالات... والاشارة واللفظ شريكان، ونعم العون هي له، ونعم الترجمان هي عنه، وما أكثر ما تنوب عن اللفظ".(٦)

من الجانب الآخر هنالك من يعتبرون أن الفكرة هي مرادف للألهام، وهي بمثابة النواة في النباتات والثمار، لا يمكن الغنی عنها، فعلی سبيل المثال نری من الشعراء المجيدين ينقصهم هذا العنصر لأدامة صنعتهم وهم بأمس الحاجة اليه، فلربما يكون هذا أحد المٶثرات السلبية والعوامل الفعالة للتثبط والعزوف عن كتابة الشعر لفترة ما، لغاية استعادة المادة الخامة والطاقة المعنوية اللازمة لأيجاد ولم الأفكار ونضجها من جديد كي تنفجر منها قصيدة متجددة مبتكرة، يمكن لهذه الافكار أن تأتي من العناصر الحياتية اليومية، كالعلاقات والاحداث والاسفار والمشاهدات، سواء أكان المٶثر صغيرا أم كبيرا، قريبا أم بعيدا.. ثم تتحول الی فكرة لنص ما، مع التشكل في أساليب شعرية عن طريق استخدام ادوات شعرية مناسبة لتَّشكيل نص ما: من تنظيمِ وتریيب الألفاظِ والمفردات والمقاطع والاستعانة بعلوم البلاغة من التشبيه والمجاز والاستعارة والرموز وصور من الخيال واستكمال التكوين الشعري مجتمعة بعناصرها الأربع حسب تصانيف بعض النقاد: (المضمون، البناء، المعجم، الصور الشعرية) ولكي نتميزه عن الأصناف الأدبية الأخری.

لقد أوضحنا مما سبق شيئا من أهمية ايجاد وولادة الفكرة المناسبة لأي نص في داخل نفس الشاعر. ثم تأتي الدور علی الثيمة فهي لا تقل أهمية من الأول، فهي ليس الموضوع بعينه ولا ينحصر دوره في كلمة واحدة أو عنوان النص فقط، بل كل ما يتعلق بالمعاني الرئيسية والفرعية تنصف تحت عنصر الثيمة، وهي مبنية علی قواعد الفكرة، مستندا ظهرها الی تقنيات الكتابة الفعالة. فهناك من يصف الثيمة بمكانة القلب للجسد، وقد عرفت بأنها "عبارة عن صورة أو كائن أو فكرة يتم استخدامها لبيان سمات النص، فهي تعتبر الإطار الأساسي الذي يضيف عمقا وصدى إلى الأعمال الأدبية، أنها المنظار الذي يستطيع بواسطته القارئ تفسير النص"(٧).

أما ناقدتنا المتمكنة نادية هنداوي فهي تطرقت الی هذا البحث ووصفت الثيمة من وجهة نظرها وصفا دقيقا وشبهتها بالمحيط وأما الموضوع فهو کالبحر وأما الفكرة فهي القارب. أي ان الثيمة أشمل وأكبر من الموضوع، فاذا انحصر الموضوع في كلمة أو تعبير واحد، فان الثيمة تستوعب كل المتعلقات الفرعية للمعاني واحالاتها فيما تنطويها المقاطع النصية قاطبة، وهي كما يقول رولاند ب. توبياس: "نظام توجيه يعمل بالقصور الذاتي لخدمتك".(٨)

مع ذكر ما سلفناه، لا يقتصر النص الجاد والناجح علی هذين العنصرين فحسب، بل يبحث الشاعر عن تقنيات متميزة لصياغة الفكرة والثيمة لأيصال مبتغاه واكتمال انجازه الشعري بتميز ونجاح.

تتضمّن التِّقنيَّات الشِّعريَّة المُختلفة عاملا مهما لأضفاء الطابع الجمالي علی النصوص الشعرية بأنواعها الثلاث: الشعر العمودي  وشعر التفعيلة أو قصيدة النثر، وهي مجموعة أدوات كالـ:  التّكثيف، التّشكيل، الرموز، التعابير، التناص، الاستلهام، المجاز والتشبيه والاستعارة والخيال وغيرها. بحيث تبرز هنا دور اللغة واستخداماتها البلاغية وما تحتويها من فنونها لصياغة النص بما ينسجم مع ما اختاره الشاعر مسبقا ورسم خريطته في مخيلته، ثم ينجرف في شكل سيل جار يأخذ مجراه  من منبعه الخام داخل النفس الی مصبه ثم البدأ بمرحلة المراجعة والتصحيح والحذف والاضافة قبل النشر.

كما يزيد البعض الصدق علی هذه التقنيات كعامل مساعد لتقوية ثيمة النص متماشيا مع اختيار موضوع الشعر اختيارا أمثل، حيث يعتبر هذا الأمر في غاية الأهميّة؛ لأنّه هو الذي يُشعل الحِس الداخلي في الشاعر، لذا يجب الحرص على اختيار الموضوع بعناية، بأن يُعبر عن الشاعر نفسه أو يكون قريبا من عالمه ورٶاه ومبادئه وقناعاته الذاتية، هنا يبرز أداء الشاعر، سليقته وقريحته الشعرية وتلاعبه الفني  للثيمة المتجددة المبتكرة التي اختارها وترابطه بخيط غير مرئي بالمتلقي، فمثلًا لا يُمكن لرجل غني كتابة قصيدة عن معاناة الفقراء مثلما يكتبها رجل فقير، كما لا يُمكن لرجل غير محب كتابة قصيدة غزل أو حب مثلما يكتبها رجل عاشق.(٩)

يقول  القرطاجني حول منازل الشعراء من المعاني: "فمراتب الشعراء فيما يلمون بە من المعاني اذن أربعة: اختراع واستحقاق وشرکة وسرقة، فالاختراع هو الغاية في الاستحسان، والاستحقاق تال لە، والشركة منها ما يساوي الآخر فيه الأول فهذا لا عيب فيه،  ومنها ما ينحط فيه الآخر عن الأول فهذا معيب، والسرقة كلها معيبة وان كان بعضها أشد قبحا من بعض"و "ان المعاني منها ما يقصد أن تكون في غاية من البيان علی ما تقدم، ومنها ما يقصد أن تكون في غاية من الاغماض، ومنها ما يقصد أن يقع فيه بعض غموض، ومنها ما يقصد أن يبان من جهة وأن يغمض من جهة"(١٠)

ختاما لا يسعني الا ان أذكر ما ذكرتها سوزان برنار عن أسباب مركزية دور رامبو في تأريخ حقبة ماقبل السوريالية الی يومنا هذا  لأنه كان أول من أكد –بقوة-  علی علاقة الضرورة بين الصيغة الشعرية الجديدة وهذا البحث عن المجهول، الذي يجعل من القصيدة الحديثة محاولة ميتافيزيكية، أكثر من كونها شكلا فنيا.(١١) فلا ننسی الطبع السائد في الحقبة الجاهيلية من الشعر العربي عندما ربطوا الألهام الشعري بعوامل غير مرئية كالجن أو ما يسميه البعض بشيطان الشعر، لكنه في الأخير ان الشعر هو أقرب نوع أدبي من روح الانسان، لا دخل له لا بالشيطان ولا الجن، اذ تعتبر الجوانب الغيبية في الانسان بكينونتها الثلاث(النفس، الفكر، الروح) المصدر الحقيقي لنبع الشعر الصافي، وهذا هو حال الشاعر الماهر المجيد الذي سيصقله بتجاربه النظرية المعمقة في علوم الشعر واللغة وبتجاربه الحياتية العملية.

***

سوران محمد - شاعر ومترجم وناقد

................................

المراجع:

The Use of Poetry and Use of Criticism، T.S. Eliot،1986 by Harvard University Press١-

٢- القرطاجني، أبي الحسن حازم، (منهاج البلغاء وسراج الادباء)، تحقيق: ابن خوجة، محمد الحبيب. الطبعة الثالثة، دار العربي الاسلامي، السنة ١٩٨٦، بيروت. ص١٩٢

٣- أبي عثمان عمرو بن بحر بن محبوب، الجاحظ (البيان والتبيين)، تحقيق السندوبي، حسن، دار أحياء العلوم،

ص٣١- ٣٢.

٤- برنار، سوزان (قصيدة النثر من بودلير حتی الوقت الراهن)، ترجمة: صادق، راوية، دار شرقيات للنشر والتوزيع، السنة ٢٠٠٠، الجزء الاول ص ٣٤

٥- المصدر السابق ص ٢٩

٦- مصدر رقم ٣/ ص ٣٢- ٣٣

٧- مفهوم الثيمة في النص الأدبي، عباس، عبد الكريم حمزة (الناقد)

iraqpalm.com/ar/article/- Theme

٨- هنداوي، نادية، «الثيمة» تلك البوصلة الخفية

hindawi.org/books/41862715/12

٩-  منصور، حسن عبد الرازق، الشعر والعقل-  منهج للفهم، دار أمواج للطباعة والنشر والتوزيع،٢٠١٤، ص١٠٣.

١٠- مصدر رقم ٢، الصفحة١٧٧، ١٩٨.

١١- مصدر رقم ٤، ص ٣٤.

في المثقف اليوم