قراءات نقدية
محمد واحي: شظايا الذاكرة والهوية.. الهدية الأخيرة في نعش الهروب من الماضي

تعد رواية "الهدية الأخيرة" ثامن روايات الزنجباري "عبد الرزاق قرنح" صاحب نوبل لسنة 2021، وهي تتخذ هجرة عباس الزنجباري إلى بريطانيا موضوعا لها، وهو شخصية تمتلئ حياته السابقة بأسرار حاولت التملص منها، لكنا تطفو على السطح مرة أخرى بسبب إصابته بسكتة دماغية مفاجئة. حاول عباس في آخر أيامه التصالح مع ماضيه من خلال روايته لتلك النقط السوداء فيه لزوجته مريم مجهولة الأصل. فهل سيستطيع عباس التصالح مع ماضيه الذي طارده لعقود من الزمن؟ وهل ستعرف مريم جواب السؤال "من أنا؟" الذي رافقها مدة طويلة؟
إضافة إلى هذا تناقش الرواية اهتمامات الجيل الثاني من المهاجرين واللاجئين من خلال شخصيتي "هناء" "وجمال"، اللذان يحاولان الانصهار في مجتمع ليس بمجتمعهما لكنهما وجدا فيه أنفسهما قسرا، فهل سيتقبلهما هذا المجتمع رغم اختلافهما؟ أم أن نظرة الاستعلاء والدونية سترافقهما رغم نهاية الاستعمار الأوروبي لإفريقيا؟
تضعنا الرواية أمام سؤال جوهري تكرره الشخصيات ضمنا هو: من أنا؟ هل أنا إفريقي؟ هل أنا هارب؟ هل أنا بريطاني؟ وإذا لم أكن كل ما سبق فمن أنا؟ سنحاول من خلال هذه المراجعة الغوص أكثر بين ثنايا الرواية، من خلال تسليط الضوء على أهم المواضيع التي ناقشتها الرواية ضمنا وتصريحا، ومنها الذاكرة والهوية، والانتماء والمنفى، والعلاقات العائلية المتوترة، والصمت والصراعات النفسية.
1- تجليات الهوية والذاكرة في الرواية.
يؤدي الموت الوشيك بعباس إلى مكاشفة ذاته بالأسرار التي كان يخفيها تحت طبقات من التجاهل والصرامة، لكن تأتي لحظة انقشاع الغشاوة في محاولة أخيرة منه لإصلاح الشرخ الذي حدث بينه وبين عائلته، خاصة ابنته هناء. إنه يحاول، في لحظاته الأخيرة، التصالح مع ماضيه الذي هجر فيه زوجة وابنا ظنا منه أنه ليس من صلبه فقط لأنه أتى قبل موعده بأشهر، وظنا منه أنه وقع ضحية مؤامرة من طرف أخته وأنسابه، غير أن الشك ظل يراوده لمدة تناهز أربعين عاما، لذا يبدأ في تذكر طفولته وأسباب هجرته، وأحداث مؤلمة من الماضي، ما يضطره لمواجهة ذاته القديمة ليفرضها على جهل عائلته بهذه الأحداث.
إن هذا القرار الحتمي في النهاية، هو كالهدية الأخيرة التي يقدمها لذاته وعائلته، وهو بمثابة الإرث الروحي الذي يتركه لهم، وكأنه يصالح ذاته على ما ارتكبه من هجر في حق زوجة وابن لم يعرف مصيرهما بعد الهروب، وكأنه يصالح عائلته على كتمانه هذا السر وغيره من الذكريات عن أصوله وأصولهم. إن عباس يحاول ترميم تيهه بمكاشفة عائلته بما أخفاه عنهم فهو يقول: "عندما تركت ذلك المكان لم أدرِ هَوْلَ ما تركت ورائي. أينما هِمْتُ على وجهي أو عشت بعد ذلك لم يتوقع مني شيء. كنت رجلًا بلا مسؤولية، بلا هدف. لا شيء مطلوب مني. كنت أرغب في شرح ذلك لكما، وكيف فقدت ذلك المكان وفي الوقت نفسه فقدت مكاني في العالم. ذلك ما يعنيه هذا التيه. ذلك ما يعنيه أن يكون المرء غريباً في أرض أناس آخرين. كنت أرغب في التحدث إليكما عن ذلك، أما الآن فقد مضى وقت طويل جدا من دون أن أجد طريقة للحديث عن هذه الأشياء. كنتما سترغبان في معرفة أكثر من ذلك، ولم أعرف كيف يمكنني إخباركما بما هو أكثر من ذلك" (ص 151).
أما ذاكرة مريم فإنها تنبع فقط من العائلات التي تبنتها وعاشت معها (خاصة عائلة فيجي وفيروز)، وذلك بعد أن تخلت عنها أمها أمام باب المستشفى، إلا أنها في النهاية تقرر تتبع خيط واهٍ من أجل الحصول على أجوبة حول أصلها، لكن هذه الأجوبة تفتح أبوابا شاسعة على أسئلة أخرى وتنتهي الرواية دون أن تقد لنا ولا لمريم ما يشفي الغليل حول أصلها وانتمائها وهويتها، وكأنها تجسد تلك الهوية المفقودة الناتجة عن فقدان الأهل، في خضم نزوحات قسرية إثر القلاقل السياسية والحروب التي لا تنتهي ولن تنتهي إلا بفناء البشرية.
يمثل عباس ومريم التناقض الداخلي الذي يحدثه فقدان الهوية في نفسية المهاجرين؛ فعباس لا يريد الانتماء لا إلى زنجبار موطنه الأصلي، ولا إلى بريطانيا بلده المضيف، ويجد ذاته ممزقة ومتشظية بين هذا وذاك، بين ماض يهرب منه ومستقبل يأبى القبول به. أما مريم فتجهل أصولها، وتفتقد لهوية تستند عليها في مواجهة آلة البطش الثقافي فهي "هكذا كانت طوال حياتها دائما ما يرضيها القليل، دائما ما تفعل الأنسب، وقد فات الأوان الآن على ارتكاب الحماقة والمجازفة. لم تكن تملك ذلك الضرب من القوة" (ص 15)، لذلك لم تملك الجرأة لتسأل فيروز عن أصلها ولا لتبدل حياتها، الجرأة الوحيدة التي واتتها هي هروبها مع عباس حينما تعرضت لمحاولة اغتصاب من طرف ابن أخت فيجي. ومع هذه الأسرار التي يحاولان كتمانها معا، يعيشان زواجا "غريبا" يكتنفه الكثير من الصمت والغموض مما يؤثر على علاقتهما، إذ إن الهوية الفردية المنغلقة لكل منهما أترث على الهوية الأسرية وأثرت أكثر على الانسجام داخل الأسرة، وهو الأمر الذي تولد عنه ضعف الروابط العاطفية بين أفراد الأسرة، فهناء "التي تحولت إلى آنا على نحو كامل، لا تكاد تتكلم عن اختلافها بالطريقة نفسها بدلًا ذلك، أصبح اختلافها تزويقا لبريطانيتها" (ص 50)، وجمال يشعران أنهما لا يعرفان والدهما معرفة جيدة، مما يخلق هوة عاطفية بينهما -رغم وجود التواصل الجسدي- لا تمتلئ إلا بالسرد والتواصل بعد فوات الأوان وموت عباس.
2- المنفى الوجودي والانتماء الهوياتي
تتناول الرواية ثنائية الانتماء والمنفى بوصفها إحدى القضايا المحورية في أدب الهجرة وما بعد الاستعمار. ومن خلال شخصية عباس، يكشف قرنح عن الأثر النفسي والوجداني للمنفى القسري، وكيف يعيد تشكيل مفهوم الانتماء، لا سيما حين ينقطع الإنسان عن تاريخه وهويته الأصلية. يشكّل الانتماء والمنفى في هذه الرواية خلفية سردية وعنصرًا وجوديًا يتفاعل مع الشخصيات ويحكم خياراتها، مما يجعل الرواية نموذجًا فنيًا لتحليل تمزقات الهوية العائلية والفردية في المنفى.
إن المنفى الذي اختاره عباس هو منفى طوعي، إذ لم يفرض عليه بسبب حرب أو صراع سياسي، ولكن كان هروبا من مؤامرة حيكت ضده، أو هو هروب من مسؤولية لم يستطع تقلدها كما يجب. ولهذا لم يكن يستقر في مكان معين، خاصة وأنه كان يشتغل بحارا. غير أن هذا الوضع تغير مع تعرفه على مريم الفتاة المتبناة التي لا تعرف أصلها، وكأن عباس وجد شبيهه وما كان يتوف إليه من هروبه. إن مريم تعمل كالمرساة في حياة عباس الفوضوية التائهة، فهي من كبلت تنقلاته وأسفاره، وجعلته يجد المأوى الذي طالما تاق إليه، ومع ولادة هناء وجمال، زادت من تشبته بهذا الانتماء الجديد، إلا أنه ظل انتماءً هشا لأنه يقتات على الأسرار المكتومة والصفحات البيضاء في حياة عباس ومريم، كما سبق وذكرنا.
أما بالنسبة لأبناء الجيل الثاني من المهاجرين، الذين وجدوا أنفسهم في وطن ليس لهم، ومع ذلك فهم يحاولون الانتماء إليه قسرا، فإن المنفى يشكل لهم حالة من الانفصام الهوياتي؛ ذلك أن جمال وهناء لا ينتميان إلى وطن أبيهم عباس ولا ينتميان إلى الوطن الذي ولدا فيه. تمثل هناء تيار التمرد؛ إذ تغير اسمها إلى آنا لكي تنصهر في الثقافة البريطانية بشكل كلي، وقد نبع هذا التمرد من عدم امتلاكها مرجعية واضحة عن الأب الذي كان دائما يتهرب من الجواب عن أصوله، رغم محاصرتها له مرارا وتكرارا. أما جمال فهو يمثل الحياد الموضوعي خاصة أنه يحاول فهم المنفى والانتماء الهوياتي من خلال أطروحة الدكتوراة التي اشتغل عليها، لذلك نجد أن الحيز المخصص له في الرواية ضعيف نوعا ما مقارنة مع باقي الشخصيات الرئيسية، وهذا يدل على أن الحياد لا يخدم قضية المنفى التي يعاني منها المهاجرون الأفارقة في الديار الأوروبية.
لكن يعود الانتماء والتصالح مع الأصول إلى مجراه، حين يبدأ عباس ومريم بسرد قصصهما، حيث تبدأ عملية تفكيك الصمت ومواجهة الأخطاء، ومحاولة لإعادة وصل ما انقطع بين الماضي والحاضر. إن "الهدية الأخيرة" التي يمنحانها لابنيهما، هي الذاكرة، الحقيقة، والهوية التي حجباها عنهما طويلاً. وهكذا يتحوّل الاعتراف إلى فعل لاستعادة الانتماء، ليس فقط للذات، بل للعائلة أيضًا.
3- العلاقات العائلية المتوترة بين الصمت والاعتراف
يعد الصمت المحور الأساسي الذي تتفرع منه أزمة العلاقات بين أفراد العائلة، لا يروي عباس لزوجته مريم ولا لأبنائه آنا وجمال شيئًا عن ماضيه في زنجبار، لا عن طفولته، ولا عن هجرته، ولا عن أسرته الأولى. يتخذ الصمت طابعًا دفاعيًا في البداية، لكنه سرعان ما يتحوّل إلى عبء جماعي؛ فغياب السرد المشترك بين أفراد العائلة يحول الحياة العائلية إلى سلسلة من الافتراضات والظنون والشكوك، ويخلق مسافة عاطفية بين الأفراد. هنا يتجلى الصمت لا باعتباره خيارا فرديا، بل باعتباره فعلا مؤذٍيا يفتّت بنية التواصل الأسري. إن الهوية العائلية تبنى عبر الذاكرة المشتركة والسرد المتداول، لكن في الهدية الأخيرة، لا يوجد سرد مؤسس يجمع العائلة حول تاريخ أو أصل أو قصة، فعباس يخفي أصله وهويته، ومريم تجهل أصولها ولا تريد تذكر محاولة اغتصابها. وهو ما أثر عليهما وجعلهما يشعران أن كل واحد منهما مرتبط بشخص غريب. أما آنا وجمال فهما يعيشان حالة من الضياع الهوياتي، لأنهما لا يعرفان شيئًا عن بلدهما الأصلي، ولا يشعران بانتماء كامل إلى بريطانيا، والنتيجة أزمة وجودية مزدوجة: أزمة هوية شخصية، وأزمة انتماء داخل الأسرة.
يؤدي ما سبق إلى مواجهات مباشرة في بعض الأحيان، خاصة بين عباس وآنا التي سئمت العيش وسط الأسرار والانتماء إلى الهوية الدخيلة، وهذا ما دفعها إلى مغادرة بيت العائلة مبكرا، وتغيير اسمها من هناء إلى آنا، وتجربة علاقات غرامية متعددة. كل هذه الأفعال التي قامت بها تشير إلى توثر العلاقة بينها وبين أسرتها، وكرهها لكونها من اللاجئين الأفارقة.
رغم نهاية الرواية بالتصالح مع الهوية والماضي، إلا أنها لا تقدم أجوبة تشفي الغليل، فقد ظل مصير الزوجة والابن المتخلى عنهما في زنجبار مجهولا، كما أن أصل مريم لم يتضح كثيرا، فرغم اقترابها من معرفة هوية عائلتها البيولوجية إلا أن أسماءهم ومصيرهم ظل مجهولا أيضا. وهو ما يفضي في النهاية إلى فتح المصراع على تأويلات عدة حول مصير الشخصيات الرئيسية والعلاقات بينها بعد موت عباس خاصة.
4- الإرث الثقافي والاستعمار
تندرج رواية "الهدية الأخيرة" ضمن مشروع عبد الرزاق قرنح الروائي الذي يعاين آثار الاستعمار والهجرة والمنفى على الفرد والمجتمع. وتطرح الرواية، بشكل غير مباشر، سؤال الإرث الثقافي في ظل ما بعد التجربة الاستعمارية، مركزةً على الصراع بين الهوية الأصلية ومقتضيات الاندماج في مجتمع غربي. فالبطل لا يعيش فقط اغترابًا مكانيًا، بل يعيش اغترابًا ثقافيًا ناجمًا عن قطيعة مزدوجة؛ قطيعة مع ماضيه الشخصي، وقطيعة مع التاريخ الثقافي الجماعي الذي ينتمي إليه.
تُبرز الرواية كيف أن الهويات الثقافية الأصلية تُقمع في سياق الهجرة إلى المجتمعات الغربية. ينتمي عباس إلى زنجبار، ذات الإرث الثقافي المتعدد والمنفتح على الهند والساحل الشرقي لإفريقيا والعالم العربي، لكنه حين يصل إلى بريطانيا يختار الصمت وعدم الحديث عن ماضيه. وهنا نلمح "التهجين الثقافي" (Cultural Hybridity) الذي لا يتحقق إلا عبر اعتراف الذات بتاريخها وسرديتها. لكن عباس، تحت ضغط التجربة الاستعمارية ووصمة الانتماء إلى العالم الثالث، يختار الكتمان، ما يؤدي إلى شرخ في علاقته مع زوجته وأبنائه. أما العائلة ككل فإنها تتعرض لتجربة "المواطنة المنقوصة"، ويُنظر إلى أفرادها باعتبارهم مهاجرين لا مواطنين، وهو ما يتوافق مع مفهوم "التمثيل الاستعماري" (Colonial Representation) الذي يُقصي الآخر ويضعه في موقع التابع، هذا الانقسام ينعكس على الأبناء الذين ينشؤون في مجتمع لا يمنحهم اعترافًا كاملاً، ويمنعهم في الوقت نفسه من العودة إلى أصل لا يعرفونه.
يعاني كل من آنا وجمال من ضياع الهوية لأن الأب لم ينقل إليهما ثقافته، بل تركهما في فراغ بيني، أو في "الموقع الثالث" (Third Space)، أي ذلك الحيز بين الثقافتين، حيث يُنتج الفرد ذاتًا هجينة، لكنها غير مستقرة وبدون جذور واضحة. يعاني جمال من القلق الوجودي، ويشعر بالانفصال عن ذاته ويمارس سياسة الحياد فيما يخص اغترابه داخل مجتمع لن يتقبله، أما آنا فتبدو حائرة بين تصورها لذاتها باعتبارها امرأة بريطانية من جهة، وشعورها بالخسارة العاطفية نتيجة لغياب الوالد عن سردية حياتها من جهة أخرى. إن غياب الإرث الثقافي المحكي يجعل الأبناء يعانون من انفصام في الهوية، لا يمكن تجاوزه إلا عبر استرجاع ذلك الموروث من خلال الحكي والاعتراف المتأخر؛ حيث يبدأ عباس في نهاية الرواية بسرد ماضيه، ويمثل هذا السرد استعادة رمزية للإرث الثقافي، ومواجهة متأخرة مع تاريخ الاستعمار. فالسرد يصبح وسيلة لتحرير الذات، وإعادة نسج الروابط مع العائلة، وكأن الرواية تقول إن المقاومة الثقافية لا تتطلب عنفًا بل صدقًا واعترافًا بالهوية والتاريخ.
وهكذا تكشف رواية "الهدية الأخيرة" كيف أن الاستعمار لا ينتهي بانسحاب القوة المحتلة، بل يستمر في أشياء أخرى؛ في النفوس، وفي اللغة، وفي العلاقات العائلية، وحتى في الإرث الثقافي حين يُهمَل أو يُكبت، ويتحول إلى عبء وصمت يعوق تشكل الهوية. تقترح الرواية أن الاعتراف بالتاريخ الشخصي والجماعي هو السبيل الوحيد لمقاومة آثار الاستعمار، ولتحقيق توازن نفسي وعائلي داخل العالم ما بعد الكولونيالي. ففي هذه الرواية يقيم قرنح سردًا هادئًا وعميقًا عن ألم المنفى، وصراع الهوية، وشظايا الذاكرة والهوية، وهي في الآن ذاته دعوة إلى الاعتراف بالماضي، والتصالح مع الذات والجذور، معتبرا إياه شرطًا ضروريًا لتجاوز التفكك العائلي والضياع الثقافي في زمن ما بعد الاستعمار. إن ما تهديه إلينا الرواية ليس فقط قصة شخصية، بل مرآة لعالم مليء بالمهاجرين الذين يكتشفون أنهم بحاجة إلى ما هو أكثر من وطن بديل: بحاجة إلى قصةٍ تُروى، وهويةٍ يُعترف بها. إنها الهدية الأخيرة في نعش الهروب من الماضي، إنها دعوة صريحة لتقبل المصير.
***
محمد واحي - كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة محمد الخامس، الرباط.
....................
* عبد الرزاق قرنح، الهدية الأخيرة، دار أثر، 2024.