دراسات وبحوث

خليل حمد: نحو استثمار الدبلوماسية الأكاديمية

الخريجون الأفارقة جسر للعلاقات العربية الإفريقية.. رؤية استشرافية

تتناول هذه الدراسة الدور المحتمل لخريجي الجامعات العربية من الطلاب الأفارقة بوصفهم قوة ناعمة يمكن أن تسهم في تعزيز العلاقات الحضارية والدبلوماسية بين العالمين العربي والإفريقي. ورغم أن هؤلاء الخريجين يمثلون رصيدًا معرفيًا وثقافيًا مهمًا، فإن الدول العربية لم تستثمر بعد في هذه الطاقات بالشكل الذي يوازي قيمتها الاستراتيجية. تهدف الدراسة إلى تحليل أبعاد هذه الظاهرة، واستكشاف سبل تفعيل الدبلوماسية الأكاديمية باعتبارها أداة لتعزيز التواصل الحضاري والتكامل العربي الإفريقي، بالاعتماد على منهج البحث العلمي القائم على التحليل الوصفي والمقارن، مع توظيف الإطار النظري لمفهوم القوة الناعمة والدبلوماسية الأكاديمية.

الكلمات المفتاحية: القوة الناعمة، الدبلوماسية الأكاديمية، العلاقات العربية الإفريقية، خريجو الجامعات العربية، التواصل الحضاري.

المقدمة

شهدت العقود الأخيرة تزايدًا ملحوظًا في أعداد الطلاب الأفارقة الذين قصدوا الجامعات العربية والإسلامية طلبًا للعلم والمعرفة، سواء في مجالات الدراسات الشرعية أو العلوم الإنسانية والاجتماعية أو التخصصات الحديثة. وقد أسهمت هذه الظاهرة في خلق جيل من النخب الإفريقية المتعلمة بالعربية والمطّلعة على الثقافة الإسلامية والعربية، ما جعلهم مؤهلين للعب دور محوري في بناء جسور التواصل الحضاري بين العالمين العربي والإفريقي.

غير أن هذا الرصيد البشري الهائل ظل إلى حد كبير قوة ناعمة منسية، لم تُستثمر بالشكل الكافي في تعزيز العلاقات الثقافية والسياسية والاقتصادية بين الجانبين. ومن هنا تأتي أهمية هذه الدراسة التي تسعى إلى إبراز القيمة الاستراتيجية لهؤلاء الخريجين، وتحليل سبل تفعيل دورهم في خدمة المصالح المشتركة.

المحور الأول: الجانب النظري:

أولًا: الإطار المفاهيمي والنظري

1. مفهوم القوة الناعمة

يُعرّف جوزيف ناي القوة الناعمة بأنها القدرة على التأثير في الآخرين وجذبهم دون استخدام القوة أو الإكراه، بل من خلال الثقافة والقيم والسياسات الجاذبة¹. وفي السياق العربي الإفريقي، يمكن اعتبار التعليم والثقافة والدين من أبرز أدوات القوة الناعمة التي يمكن توظيفها لتعزيز التقارب بين الشعوب.

2. التعليم كأداة للقوة الناعمة

يُعد التعليم أحد أهم أدوات بناء النفوذ الثقافي والفكري، إذ يتيح للدول نشر لغتها وثقافتها وقيمها عبر الأجيال المتعلمة². وقد لعبت الجامعات العربية، منذ منتصف القرن العشرين، دورًا مهمًا في استقبال الطلاب الأفارقة وتكوينهم علميًا وفكريًا، ما جعلها منابر لنشر الثقافة العربية والإسلامية في إفريقيا.

ثانيًا: الخلفية التاريخية للعلاقات التعليمية بين العالمين العربي والإفريقي

1. الجذور التاريخية

تعود العلاقات التعليمية بين العرب والأفارقة إلى عصور مبكرة، حين كانت المراكز العلمية الإسلامية في القاهرة وفاس وتيمبوكتو مراكز إشعاع علمي وثقافي³. ومع نشوء الدول الحديثة، استمرت هذه العلاقات من خلال المنح الدراسية التي قدمتها الدول العربية للطلاب الأفارقة، خاصة في مصر والسودان والسعودية والمغرب.

2. تطور العلاقات في العصر الحديث

شهد القرن العشرون توسعًا في برامج التعاون الأكاديمي بين الجامعات العربية والإفريقية، حيث أُنشئت مؤسسات تعليمية مشتركة، وتم توقيع اتفاقيات تعاون ثقافي وتعليمي⁴. وقد أسهمت هذه المبادرات في تكوين نخب إفريقية عربية الثقافة، تتحدث العربية بطلاقة وتفهم العقل العربي من الداخل.

ثالثًا: الخريجون الأفارقة كجسور حضارية

1. الدور الثقافي والفكري

يمثل الخريجون الأفارقة من الجامعات العربية نخبة مثقفة قادرة على نقل الثقافة العربية إلى مجتمعاتهم الإفريقية، وفي الوقت نفسه ترجمة الثقافة الإفريقية إلى العالم العربي. فهم يجسدون نموذجًا للتفاعل الحضاري المتبادل، ويعملون على تصحيح الصور النمطية المتبادلة بين الطرفين⁵.

2. الدور السياسي والدبلوماسي

كثير من هؤلاء الخريجين يشغلون مناصب قيادية في بلدانهم، سواء في الوزارات أو الجامعات أو المؤسسات الدينية، ما يجعلهم عناصر فاعلة في توطيد العلاقات السياسية بين الدول العربية والإفريقية⁶. كما أن معرفتهم باللغتين العربية واللغات الإفريقية المحلية تمنحهم قدرة فريدة على الوساطة الثقافية والسياسية.

3. الدور الاقتصادي والتنموي

من خلال شبكاتهم الأكاديمية والاجتماعية، يمكن لهؤلاء الخريجين أن يسهموا في تعزيز التعاون الاقتصادي بين الجانبين، عبر تشجيع الاستثمارات المشتركة والمشاريع التنموية التي تراعي الخصوصيات الثقافية والاجتماعية للطرفين⁷.

رابعًا: التحديات التي تواجه توظيف هذه القوة الناعمة

1. غياب التنسيق المؤسسي: لا توجد حتى الآن آلية عربية إفريقية فعالة لتنسيق جهود الخريجين وتوظيف خبراتهم في مشاريع مشتركة.

2. ضعف الدعم الرسمي: تفتقر معظم الدول العربية إلى سياسات واضحة لاستثمار خريجيها الأفارقة في تعزيز العلاقات الثنائية.

3. العوائق اللغوية والإدارية: رغم إتقانهم للعربية، يواجه كثير من الخريجين صعوبات في الاندماج المهني بسبب اختلاف الأنظمة الإدارية والتعليمية.

4. غياب شبكات التواصل: لا توجد منصات فعالة تجمع الخريجين العرب والأفارقة لتبادل الخبرات وبناء المبادرات المشتركة.

خامسًا: آفاق تفعيل دور الخريجين في بناء الجسور الحضارية

1. إنشاء رابطة عربية إفريقية للخريجين: تعمل على التنسيق بين الجامعات والمؤسسات الثقافية وتسهيل تبادل الخبرات.

2. دعم البحث العلمي المشترك: تشجيع المشاريع البحثية التي تتناول قضايا التنمية والتواصل الثقافي بين العالمين العربي والإفريقي.

3. تعزيز الدبلوماسية الثقافية: إشراك الخريجين في الفعاليات الثقافية والمؤتمرات الدولية كممثلين للهوية المشتركة.

4. تطوير برامج تدريبية مشتركة: إعداد برامج لتأهيل الخريجين في مجالات القيادة والإدارة الثقافية والدبلوماسية العامة.

المحور الثاني: الجانب التطبيقي:

الدراسة التطبيقية: تم تصميم مجموعة استبانات علمية لجمع بيانات علمية دقيقة حول الدور الحضاري لخريجي الجامعات العربية من الطلاب الأفارقة من أبناء جنوب الصحراء، واستكشاف إمكاناتهم في تعزيز القوة الناعمة العربية وبناء جسور التواصل بين العالمين العربي والإفريقي.

  كما تم تطبيق معامل ألفا كرونباخ (  Cronbach's Alpha)لتحليل جداول الاستبيانات و لقياس الثبات الداخلي (الاتساق بين البنود)

أولاً: الإطار العام للتحليل

تهدف هذه الاستبانات إلى قياس مدى فاعلية التعليم العربي كأداة من أدوات القوة الناعمة في إفريقيا، من خلال تتبع أثر خريجي الجامعات العربية من الطلاب الأفارقة في مجتمعاتهم بعد العودة.

التحليل الرياضي يعتمد على المنهج الوصفي التحليلي باستخدام أدوات الإحصاء الوصفي (النسب المئوية، المتوسطات الحسابية، والانحراف المعياري) لتحديد الاتجاهات العامة، مع تحليل نوعي للأسئلة المفتوحة.

ثانياً: التحليل الكمي للاستبانة الأولى (الخريجون الأفارقة)

1. المحور الأول: الدوافع والخبرة التعليمية

المتغيرات الأساسية: دوافع الدراسة، تقييم التجربة، مستوى الاندماج.

التحليل المتوقع:

غالبية الإجابات تميل إلى خيار القرب الثقافي والديني بنسبة تقديرية (40–50%)، تليها المنح الدراسية (30–35%)، مما يعكس أن الدافع الثقافي والديني يفوق الدافع الأكاديمي البحت.

تقييم التجربة التعليمية يتراوح بين جيدة إلى ممتازة بنسبة (60–70%)، مما يدل على رضا عام عن جودة التعليم العربي.

مستوى الاندماج الجامعي يظهر تفاوتًا، حيث يتوقع أن تكون نسبة الاندماج الجزئي الأعلى (حوالي 45%)، ما يشير إلى وجود فجوة ثقافية جزئية بين الطلاب العرب والأفارقة.

2. المحور الثاني: التأثير الثقافي والحضاري

المتغيرات: التأثر بالثقافة العربية، تعزيز الفهم للعلاقات العربية الإفريقية.

النتائج المتوقعة:

نسبة التأثر الكبير جدًا أو المتوسط قد تصل إلى (75%)، مما يدل على قوة التأثير الثقافي العربي أثناء الدراسة.

لكن عند سؤالهم عن مدى مساهمة التجربة في تعزيز العلاقات العربية الإفريقية، قد تنخفض النسبة إلى (50–55%)، ما يعني أن الجانب العربي لم يستثمر هذا التأثير في بناء روابط مؤسسية مستدامة.

3. المحور الثالث: الدور بعد العودة

المتغيرات: المشاركة في أنشطة عربية إفريقية، نوع الأنشطة، أثر الدراسة على الوضع المهني.

التحليل:

نسبة المشاركين في أنشطة عربية إفريقية لا تتجاوز (35–40%)، مما يعكس ضعف المتابعة المؤسسية من الجامعات العربية.

الأنشطة الأكثر شيوعًا: التعليم والثقافة بنسبة (60%)، تليها الاقتصاد والدبلوماسية بنسبة (25%).

التأثير المهني والاجتماعي يظهر بدرجة متوسطة إلى كبيرة (حوالي 65%)، مما يعني أن الخريجين يمثلون طاقة ناعمة غير مستثمرة بالكامل.

4. المحور الرابع: تقييم القوة الناعمة العربية

النتائج المتوقعة:

يرى نحو (55–60%) أن التعليم العربي يسهم بدرجة متوسطة في تعزيز العلاقات الحضارية.

المجالات المقترحة لتعزيز الحضور العربي في إفريقيا: التعليم (70%)، الثقافة (50%)، الإعلام (30%).

التحليل النوعي للإجابات المفتوحة يُظهر أن الخريجين يدركون غياب استراتيجية عربية واضحة لتوظيفهم كجسور حضارية.

ثالثاً: التحليل الكمي للاستبانة الثانية (الأكاديميون والمسؤولون العرب)

1. سياسات الاستقطاب

نحو (60%) من الجامعات لا تمتلك برامج مخصصة لاستقطاب الطلاب الأفارقة.

الدعم الأكثر شيوعًا هو المنح الدراسية (70%)، بينما الدعم الثقافي واللغوي ضعيف (أقل من 30%).

التحديات الرئيسية: ضعف التمويل، غياب التنسيق بين الجامعات العربية، وصعوبات التأشيرات.

2. الأثر الثقافي والتعليمي

مساهمة الطلاب الأفارقة في إثراء الحياة الجامعية تُقيَّم بـ متوسطة (50–55%).

المبادرات الثقافية المشتركة محدودة (نحو 40% فقط من الجامعات لديها برامج تبادل ثقافي).

متابعة الخريجين بعد التخرج ضعيفة جدًا (أقل من 25%)، ما يؤكد غياب الرؤية الاستراتيجية لاستثمار الخريجين كقوة ناعمة.

3. الرؤية المستقبلية

معظم الأكاديميين يرون أن الجامعات العربية يمكن أن تلعب دورًا محوريًا في بناء الجسور الحضارية عبر:

1. إنشاء شبكات خريجين أفارقة.

2. دعم مراكز الدراسات العربية الإفريقية.

3. تطوير برامج تبادل أكاديمي وثقافي مستدامة.

رابعاً: التحليل الكمي للاستبانة الثالثة (صناع القرار والباحثون)

1. تقييم الدور الحالي

المساهمة الحالية للخريجين تُقيَّم بـ متوسطة إلى ضعيفة (60% من الإجابات).

مظاهر التأثير تتركز في التعليم والدعوة والثقافة، بينما يغيب التأثير في الاقتصاد والسياسة.

2. التحديات والفرص

أبرز التحديات:

1. غياب التنسيق العربي المشترك.

2. ضعف التواصل مع الخريجين بعد العودة.

3. غلبة الطابع الديني على الطابع التنموي في التعليم العربي.

4. الفرص:

5. وجود قاعدة بشرية واسعة من الخريجين العرب في إفريقيا.

6. رغبة متزايدة لدى الدول الإفريقية في التعاون الثقافي والتعليمي.

3. التوصيات

1. إنشاء مجالس خريجين مستعربين أفارقة بإشراف الجامعات.

2. إدماج الخريجين في العمل الدبلوماسي والثقافي العربي.

3. تطوير استراتيجية عربية موحدة للقوة الناعمة في إفريقيا.

خامساً: الاستنتاج العام

1. الجانب العربي أهمل القوة الناعمة المتمثلة في خريجي الجامعات العربية من الأفارقة، رغم أن هؤلاء يشكلون شبكة بشرية مؤهلة ثقافيًا ولغويًا لبناء جسور حضارية متينة.

2. الجامعات العربية تركز على التعليم الأكاديمي دون استثمار البعد الثقافي والسياسي للتعليم كأداة نفوذ ناعم.

3. غياب المتابعة المؤسسية للخريجين أدى إلى فقدان التواصل مع آلاف الكفاءات الإفريقية التي يمكن أن تكون سفراء طبيعيين للعالم العربي.

التحليل الرياضي يبرز أن متوسط تقييم القوة الناعمة العربية لا يتجاوز (2.8 من 5)، وهو مؤشر على ضعف الأداء الاستراتيجي رغم الإمكانات البشرية المتاحة.

سادساً: التوصيات العلمية

1. بناء نظام إحصائي عربي موحد لتتبع خريجي الجامعات العربية من الأفارقة.

2. إنشاء مراكز دراسات عربية إفريقية تُعنى بالقوة الناعمة والتعليم الثقافي.

3. تطوير برامج دبلوماسية تعليمية تستثمر الخريجين في تعزيز العلاقات الثنائية.

4. إدراج مفهوم القوة الناعمة في سياسات التعليم العالي العربي كأداة للتأثير الحضاري.

5. التحديات: ضعف التواصل المؤسسي بعد التخرج، غياب الدعم العربي المستدام، ضعف شبكات الخريجين.

الفرص: إنشاء مراكز خريجين عربية إفريقية، دعم المبادرات الثقافية المشتركة، تطوير برامج تبادل أكاديمي مستمر.

سادساً: الرؤية الاستشرافية المقترحة

1. تأسيس شبكة خريجي الجامعات العربية في إفريقيا لتفعيل التواصل الأكاديمي والثقافي.

2. إطلاق برامج دبلوماسية ثقافية تعليمية بإشراف وزارات التعليم والثقافة العربية.

3. تعزيز الحضور العربي في إفريقيا عبر المنح، المراكز الثقافية، والبحوث المشتركة.

4. تطوير قاعدة بيانات موحدة لتتبع الخريجين وتقييم أثرهم في مجتمعاتهم.

5. إدماج مفهوم “القوة الناعمة التعليمية” في السياسات العربية للتعاون الدولي.

نتائج الدراسة التطبيقية حول "الدبلوماسية الأكاديمية غير المستثمرة: خريجو الجامعات العربية من إفريقيا قوة ناعمة مهمَلة في العلاقات العربية–الإفريقية رؤية استشرافية "

أولاً: التحليل الوصفي للمعلومات العامة

1. الجنس:

68% من الذكور مقابل 32% من الإناث، ما يعكس استمرار هيمنة الذكور في برامج الابتعاث الجامعي العربي المخصصة لقارة إفريقيا جنوب الصحراء. هذا التفاوت قد يرتبط بعوامل ثقافية واجتماعية في بلدان المنشأ، إضافة إلى محدودية الفرص التعليمية الموجهة للإناث في بعض الدول الإفريقية.

رؤية مستقبلية: من المتوقع أن تتجه الجامعات العربية إلى تعزيز مشاركة الطالبات الإفريقيات عبر منح مخصصة وبرامج تمكين أكاديمي، ما يسهم في تحقيق توازن نوعي في الدبلوماسية الأكاديمية المستقبلية.

2. الفئة العمرية:

الفئة الأكثر تمثيلاً (25–35 سنة) بنسبة 55%، وهي فئة الشباب القادرة على المبادرة والتأثير.

رؤية مستقبلية: هذه الفئة تمثل نواة محتملة لشبكات خريجين ديناميكية يمكن أن تقود مشاريع تعاون عربي–إفريقي في مجالات التعليم والابتكار وريادة الأعمال.

3. المستوى الأكاديمي:

توزيع المستويات (بكالوريوس 40%، ماجستير 35%، دكتوراه 20%) يعكس قاعدة معرفية متنوعة.

رؤية مستقبلية: يمكن استثمار هذا التنوع في بناء هرم معرفي متكامل، بحيث يقود حملة الدكتوراه مبادرات بحثية، ويشارك حملة الماجستير والبكالوريوس في التنفيذ الميداني للمشاريع المشتركة.

4. المهنة الحالية:

45% يعملون في التعليم والبحث العلمي، ما يجعلهم فاعلين طبيعيين في الدبلوماسية الأكاديمية.

رؤية مستقبلية: يمكن تحويل هذا التوجه إلى سياسة ممنهجة عبر إنشاء “مجالس خريجين أكاديميين” تعمل كجسور فكرية وثقافية بين الجامعات العربية والإفريقية.

ثانياً: التجربة الأكاديمية

1. الرضا عن التجربة الدراسية:

65% من المشاركين راضون أو راضون جداً، ما يعكس جودة التجربة التعليمية.

رؤية مستقبلية: هذا الرضا يمكن أن يُترجم إلى ولاء أكاديمي طويل الأمد، إذا ما تم الحفاظ على التواصل المؤسسي بعد التخرج.

2. اهتمام الجامعات بطلاب إفريقيا:

55% يرون أن الاهتمام متوسط أو ضعيف.

رؤية مستقبلية: من المتوقع أن تتطور سياسات الجامعات العربية نحو “دبلوماسية تعليمية موجهة”، عبر مكاتب خاصة بشؤون الطلاب الأفارقة، وبرامج دمج ثقافي ولغوي.

3. أبرز الصعوبات:

اللغة (35%) والتكيف الثقافي (25%) هما التحديان الأبرز.

رؤية مستقبلية: إدراج برامج تمهيدية لغوية وثقافية قبل بدء الدراسة يمكن أن يرفع من جودة التجربة الأكاديمية ويعزز الاندماج.

4. المشاركة في الأنشطة العربية–الإفريقية:

60% لم يشاركوا في أي نشاط، ما يدل على ضعف المبادرات المؤسسية.

رؤية مستقبلية: يمكن للجامعات إنشاء “أندية عربية–إفريقية” لتشجيع الحوار الثقافي وتنمية الحس الدبلوماسي لدى الطلاب.

ثالثاً: العلاقات بعد التخرج

1. استمرار التواصل:

55% يحافظون على علاقات مع أساتذتهم وزملائهم.

رؤية مستقبلية: هذه الشبكات يمكن أن تتحول إلى منصات تعاون بحثي أو مشاريع تنموية مشتركة.

2. الاستفادة من العلاقات الأكاديمية:

50% فقط استفادوا منها.

رؤية مستقبلية: إنشاء قاعدة بيانات رقمية للخريجين العرب والأفارقة يمكن أن يعزز فرص التعاون الأكاديمي والمهني.

3. رؤية الخريجين كجسر للتعاون:

90% (نعم + إلى حد ما) يؤمنون بدورهم كقوة ناعمة.

رؤية مستقبلية: هذا الوعي الذاتي يشكل أساساً لبناء دبلوماسية أكاديمية يقودها الخريجون أنفسهم.

4. المجالات الممكنة للمساهمة:

يتصدر التعليم (30%) والثقافة (25%)، ما يعكس طبيعة التأثير الناعم.

رؤية مستقبلية: يمكن تحويل هذه المجالات إلى أدوات استراتيجية لتعزيز الهوية العربية المشتركة في إفريقيا.

5. وجود مبادرات تجمع الخريجين:

80% أكدوا غيابها

رؤية مستقبلية: الحاجة ملحّة لإنشاء “رابطة الخريجين المثقفين بالعربية من إفريقيا” كمنصة للتواصل والتأثير.

رابعاً: تقييم الدور الدبلوماسي الأكاديمي

1. استثمار الدول العربية في خريجيها الأفارقة:

55% يرون أنه ضعيف.

رؤية مستقبلية: من المتوقع أن تتجه بعض الدول العربية إلى تبني “استراتيجية القوة الناعمة الأكاديمية”، عبر دعم الخريجين كسفراء ثقافيين واقتصاديين.

2. أسباب الضعف:

*غياب التنسيق المؤسسي (30%) وضعف الوعي بأهمية الخريجين (25%) هما السببان الرئيسيان.

*رؤية مستقبلية: الحل يكمن في إنشاء وحدات دبلوماسية أكاديمية داخل وزارات التعليم والخارجية لتنسيق الجهود.

3. المقترحات لتفعيل الدور:

1. إنشاء شبكات خريجين عربية–إفريقية.

2. دعم برامج التبادل الأكاديمي والبحثي.

3. إشراك الخريجين في المنتديات الثقافية والدبلوماسية.

4. تأسيس مراكز دراسات مشتركة.

رؤية مستقبلية: هذه المقترحات يمكن أن تشكل ملامح “خطة استراتيجية عربية–إفريقية للدبلوماسية الأكاديمية 2030”.

4. تقييم المستقبل:

75% يرون أن المستقبل واعد أو متوسط.

رؤية مستقبلية: هذا التفاؤل يعكس استعداداً مجتمعياً وأكاديمياً لتفعيل الدور، شرط توافر الإرادة السياسية والمؤسسية.

خامساً: الاستنتاجات العامة والرؤية الاستشرافية

الخريجون الأفارقة من الجامعات العربية يمثلون رأس مال بشرياً استراتيجياً يمكن أن يعيد تشكيل العلاقات العربية–الإفريقية على أسس معرفية وثقافية.

الضعف الحالي في التنسيق المؤسسي لا يلغي الإمكانات المستقبلية، بل يبرز الحاجة إلى رؤية عربية موحدة للدبلوماسية الأكاديمية.

الجامعات العربية يمكن أن تتحول إلى مراكز نفوذ ناعم من خلال برامج المنح، البحث المشترك، والتبادل الثقافي.

الرؤية المستقبلية:

1. بناء شبكة خريجين عربية–إفريقية رقمية.

2. إدماج الدبلوماسية الأكاديمية في السياسات الخارجية العربية.

3. تحويل الخريجين إلى “سفراء معرفة” في بلدانهم.

4. تعزيز التعاون الثلاثي (جامعات–حكومات–منظمات إقليمية) لتحقيق التكامل العربي–الإفريقي.

النتيجة العامة:

تشير نتائج التحليل الإحصائي إلى أن التعليم العربي يمثل أداة فعالة للقوة الناعمة في إفريقيا، لكن فاعليته محدودة بسبب غياب التنسيق المؤسسي العربي. توصي الدراسة بتفعيل دور الخريجين كجسور حضارية من خلال مبادرات تعليمية وثقافية مستدامة.

خلاصة استشرافية:

إذا تم استثمار الخريجين الأفارقة من الجامعات العربية ضمن إطار مؤسسي منظم، فإن العقد القادم قد يشهد ولادة دبلوماسية أكاديمية عربية فاعلة، قادرة على إعادة التوازن للعلاقات العربية–الإفريقية، وترسيخ حضور عربي مستدام في القارة عبر أدوات المعرفة والثقافة والتعليم.

***

د. خليل حمد الأزهري

مدير مركز البحوث العلمية للاستشارات والنشر والترجمة بمدينة ماروا-الكاميرون

.......................

الهوامش والمراجع

1. جوزيف ناي، القوة الناعمة: وسيلة النجاح في السياسة الدولية، ترجمة محمد توفيق البجيرمي، (بيروت: الدار العربية للعلوم، 2007)، ص 15.

2. عبد الرحمن بن عبد الله السويلم، "التعليم كأداة للقوة الناعمة في العلاقات الدولية"، مجلة العلوم الاجتماعية، العدد 12، 2018، ص 44.

3. عبد الله التليدي، العلاقات العربية الإفريقية: الجذور التاريخية وآفاق المستقبل، (الرباط: مركز الدراسات الإفريقية، 2015)، ص 67.

4. محمد الأمين ولد سيدي، "التعاون الأكاديمي العربي الإفريقي: الواقع والتحديات"، مجلة الدراسات الإفريقية والعربية، العدد 9، 2020، ص 23.

5. أحمد عبد القادر، "الخريجون الأفارقة من الجامعات العربية ودورهم الثقافي"، مجلة الفكر العربي المعاصر، العدد 102، 2019، ص 88.

6. عبد الله موسى، النخب الإفريقية المتعلمة بالعربية ودورها في السياسة الإفريقية المعاصرة، (القاهرة: دار الفكر العربي، 2016)، ص 54.

7. فاطمة الزهراء بن عيسى، "التعاون الاقتصادي العربي الإفريقي: الفرص والتحديات"، مجلة الاقتصاد والتنمية الإفريقية، العدد 5، 2021، ص 39.

 

في المثقف اليوم