أقلام حرة
ياسمين هرموش: بين الواقع والخيال

هل نعيش في عالم واحد، أم بين عالمين؟
بين صلابة الواقع ورحابة الخيال، يحيا الإنسان متأرجحًا، باحثًا عن المعنى، وعن لحظة توازن لا تأتي إلا نادرة.
في زحام الأيام، يبدو الواقع كجدارٍ من الإسمنت، لا يلين. نعيشه بكل ما فيه من أعباء ومواعيد وحقائق قد تكون قاسية، لكنه رغم صلابته، يبقى ضروريًا لتشكيل وعينا، ولرسم ملامح هويتنا. هو الأرض التي نقف عليها، والمرآة التي تعكس حقيقتنا كما هي، بلا رتوش.
أما الخيال، فهو سماؤنا المفتوحة، جناحانا اللذان نحلّق بهما بعيدًا عن قيود الوقت والمكان. نكتب به القصائد، نحلم بالمدن المستحيلة، ونخلق به عوالم لا يمكن أن توجد إلا فينا. هو مساحة الحرية المطلقة، حيث يمكن للضوء أن ينبت من العتمة، وللأمل أن ينهض من الرماد.
لكن السحر الحقيقي يكمن في النقطة التي يلتقي فيها الواقع بالخيال. تلك اللحظة التي يتحول فيها حلم إلى فكرة، والفكرة إلى مشروع، والمشروع إلى واقع ملموس. كثير من الإنجازات الكبرى بدأت بخطٍّ على ورقة، أو حلم في عقل شاب لا يعرف المستحيل. وحتى أكثر القصص خيالًا، تجد جذورها ممتدة في تربة الواقع: لحظة حزن، أو فقد، أو حب، أو انتظار.
نحن لسنا كائنات واقعية بالكامل، ولا خيالية بالكامل، بل مزيج مدهش من الاثنين. نحتاج أن نحلم كي نستمر، ونحتاج أن نفيق كي ننجو. وبين الإقلاع والهبوط، تكتب كل واحدةٍ منا حكايتها الخاصة.
فليكن خيالنا وقودًا، وواقعنا بوصلتنا.
***
بقلم: ياسمين هرموش