حوارات عامة

د. آمال طرزان تحاور د. سهير عبد السلام حول:

تحديات النجاح، قضايا المرأة، ورؤى للمستقبل

نماذج نسائية رائدة في الوطن العربي

***

* نود التعرف على نبذة عن حياة الدكتورة سهير عبد السلام الشخصية ومسيرتها الأكاديمية؟

- سهير عبد السلام سيرتي الشخصية متزوجة وعندي ثلاثة أبناء، صبيان وبنت. مسيرتي الأكاديمية أستاذة الفلسفة السياسية في كلية الآداب بجامعة حلوان، وعميدة الآداب سابقًا، وكيلة للجنة الثقافة والإعلام والسياحة والآثار بمجلس الشيوخ المصري.

* كيف أسهم الوالدان في تشكيل شخصية الدكتورة سهير عبد السلام؟

- للوالدين دور هام جدًا في حياتي، فالأم كانت ربه منزل ولكنها كانت على درجة عالية من الثقافة، فقد كانت تقرأ لكبار الكتاب، علمتني حب المطالعة والقراءة والاطلاع والمعرفة والانفتاح على المعرفة والعلوم، أما الأب فقد كان يعمل مهندساً، من صعيد مصر تعلمت منه القيم والأخلاق الأصيلة، وكانت لديه طموحات شخصية نحو مستقبلي، كنت أضعها نصب عيني ساعية إلى تحقيقها، فكان عندما يرى الدكتورة (سهير القلماوي) في التلفزيون كان يقول لي: أتمنى أن تكوني مثلها. وقد جمعت بين أم من الإسكندرية وأب من الصعيد وولدت في الإسكندرية وعشت فيها حياتي حيث حصلت على ليسانس وماجستير ودكتوراه من جامعة الإسكندرية، ثم انتقلت إلى القاهرة عند زواجي.

* ما المواقف التي تركت أثراً كبيراً في تشكيل شخصيتك الفكرية والسياسية؟

- المواقف الفكرية: درست لفلاسفة ممن ينظرون إلى الأمور برؤية متحيزة ويتناولن القضايا الفكرية وفقا لقناعاتهم الفكرية وانتماءاتهم المعرفية ولا يتناولون الموضوع الذي يُدرس بموضوعية وشمولية الباحث، بينما درست لفلاسفة آخرين ووجدت في رؤيتهم لنظرياتهم الفكرية نظرية بانورامية شاملة تتناول الموضوع أو القضية المدروسة بقدر عالٍ من الشمولية والموضوعية، وهذا ما حرصت عليه في جميع دراستي أن أتناول أي قضية من كافة الاوجه المؤثرة بها بموضوعية تامة.

أما سياسيًا: فقد تعلمت العمل دون مقابل؛ فالعمل في خدمة الوطن وخدمة الناس من غير انتظار مكافئة أو عائد؛ لأنه تطوعي .

* في ظل الحديث عن الهيمنة الذكورية في المجتمعات العربية، ما يمثل الرجل في حياتك الشخصية والمهنية بمعني اخر هل كان الرجل يدعمك أم يعوق تقدمك نحو النجاح؟

- توجد شخصيات ذكورية في محيط كل امرأة قد تدعمها أو تعيق تقدمها في المجال العام متمثلاً في المجال الاجتماعي والسياسي والاقتصادي . ولكن إصرارها على النجاح مع استخدام اللباقة والكياسة يمكِّنها من استخلاص حقوقها بذكاء من السلطات الذكورية التي تحيط بها.بالنسبة لي على الصعيد الشخصي وجدت دعم الأب والزوج لي؛ فالأب كان داعما وكان يحثني دومًا على العلم والعمل وكذلك الزوج .

* كيف استطعتِ الموازنة بين حياتك الشخصية والمهنية كعميدة لكلية الآداب بجامعة حلوان وعضو في مجلس الشيوخ، خاصة مع التحديات المرتبطة بالإدارة والسياسة؟

- من الممكن أن يقوم الإنسان بأكثر من عمل ولكن عليه أن يظل يتعامل مع كل منصب وكل عمل يقوم به بالمقومات الأساسية المطلوبة لهذا العمل. دون تداخل بين عمل وآخر. بمعنى أن عمل كعميد الكلية كانت له متطلباته التي تختلف عن عملي كعضو مجلس الشيوخ، عن خدمة المواطنين وعن الأسرة والعلاقات العائلية، وعليها تعطي كل عمل من هذه الأعمال ما يتطلبه هذا العمل بإتقان ودقة، وأن تفصل بين شخصيتها في العمل وشخصيتها كزوجة وكأم وألا تتخلى عن أنوثتها وأمومتها في نطاقها العائلي، مع التأكيد على اهتمامي الأول بحياتي الزوجية كزوجة وأم.

 * ما أهم التحديات التي واجهتها الدكتورة سهير عبد السلام في المجال السياسي، وكيف تمكنت من التغلب عليها؟

- بالنسبة للتحديات السياسية فتتمثل في أن الممارسة السياسية كانت لفترة قريبة حكرًا على الرجال، وكان صعبًا على المرأة اقتحامه إلا نادرًا، ولكن في السنوات الاخيرة تمكنت المرأة من تقلد الكثير من الأعمال القيادية والسياسية. ولكن لا تزال هناك بعض النزعات الذكورية من وقت إلى آخر تطفو على السطح تعمل على عرقلة مسيرة المرأة. لكن بالإصرار يمكن المضي قدمًا في الطريق المنشود.

كان التحدي الثاني هو التحول من العمل الأكاديمي كمعيدة للكلية إلى العمل السياسي، والسعي كعضو مجلس شيوخ، والتواصل مع الجماهير وتحقيق قاعدة شعبية لخوض الانتخابات البرلمانية. وقد تمكنت من التغلب على تلك التحديات بفضل دور الأحزاب السياسية؛ لأنها تدعم المرشح البرلماني وتيسر له التواصل مع الجماهير، وأنا انتمي لحزب مستقبل وطن الذي له قاعدة شعبية كبيرة.

* ما الذي تغير في شخصية د. سهير بعد مواجهتها للتحديات والصعوبات المختلفة؟

- أصبحت أكثر صلابة، وقوة، ولم أعد ألتفت إلى الأمور الصغيرة أو التحديات التي يفرضها البعض سواء من الذكورأو الإناث، و التي قد تعيقني عن مواصلة مسيرتي إلى النجاح.

* حدثينا عن شعوركِ عند اختارتك من قبل أكاديمية النيل للعلوم الحديثة والتنمية البشرية ضمن أفضل الشخصيات الإبداعية المطورة على مستوى الوطن العربي.

- لقد أسعدني هذا الاختيار كثيرا وزادني شرفاً .

* كيف تنظرين إلى قضايا المساواة بين الجنسين في المجتمع المصري والعربي؟

المساواة أصبحت أمرا واقعيا في المجتمعين المصري والعربي، حيث حصلت المرأة على الكثير من الحقوق التي لم يكن معترفًا بها من قبل. ومع ذلك ستظل هناك قوة رجعية تحاول عرقلة المرأة من مواصلة النجاح. لكن دعم الدولة يساعد على تخطى هذه المعوقات، مع التأكيد على إصرار المرأة على تحقيق النجاح.

* برأيك، ما العوامل الرئيسة التي تحد من مشاركة المرأة في السياسة والمناصب القيادية في الوطن العربي؟

- تظل بعض المجتمعات العربية مجتمعات ذكورية، تعاني من صراعات سياسية يصعب فيها عمل المرأة وحصولها على حقوقها . في المقابل، تعد مصر نموذجًا يُظهر أن حقوق المرأة ودعمها وتمكنها حق اساسي في النظام السياسي المصري، الذي يعتبرها جزءًا مهمًا وداعمت الديمقراطية وحقوق الإنسان.

* هل ترين تقدمًا ملحوظًا في تمثيل المرأة في المواقع السياسية اليوم؟ إذا كان الأمر كذلك، فما هي العوامل التي ساهمت في هذا التقدم؟

- بالفعل، تمكنت المرأة من تحقيق تقدم كبير على مدار السنوات الاخيرة، حيث تولت حقائب وزارية هامة ورفيعة. كما يدعم الدستور المصري حقوق المرأة، واتُّخذت تدابير مثل "كوتا" المرأة في المجالس النيابية مما ساعدها في الدخول للبرلمان . بالإضافة إلى ذلك، تستمر جهود الدولة في دعم المرأة للوصول إلى هذه المجالس دون الاعتماد على (الكوتا) فقط، بل بفضل جهودها الشخصية.

* بصفتك عضوا في مجلس الشيوخ، ما الأهداف والمقترحات الأساسية التي تسعين لتحقيقها لدعم حقوق المرأة وتعزيز قضاياها؟

قضايا المرأة جزء من مجموعة من القضايا التي يتم طرحها في مجلس الشيوخ . وبصفتي وكيلة للجنة الثقافية والإعلام والسياحة والآثار، أركز على تنمية وعي المرأة وحقوقها وسبل تمكنها؛ لأن عمل المرأة ونجاحها يؤدي إلى نجاح الأسرة واستقرارها، وتعليم الأبناء وتحسين مستوي معيشتهم؛ وبالتالي صلاح المجتمع ككل.

* ما النصائح التي ترغبين في توجيهها للشابات اللواتي يسعين لتحقيق النجاح في الحياة العملية؟

- اعملي على تطوير ذاتك، وحددي أهدافك بدقة. وأهم نصيحة أقدمها لهن هي تحقيق التوازن ما بين الحياة الزوجية والأسرية والطموحات الشخصية. وتذكري دائماً أن السير ببطء أحيانًا قد يكون أفضل من التوقف أو التراجع.

***

حاورتها: د: آمال طرزان

 

في المثقف اليوم