نصوص أدبية
خالد الحلّي: عَاشِقَانِ فِي رُكْنٍ مُنْعَزِلٍ

اِمْرَأَةٌ غَامِضَةٌ
يَعْشَقُهَا رَجُلٌ
لَيْسَ أَقَلَّ غُمُوضًا
كَانَا كُلّ صَبَاحٍ يَلْتَقِيَانْ
فِي بُسْتَانْ
يَتَجَمَّعُ فِيهَا عُشَّاقٌ مِنْ كُلِّ مَكَانْ
كُلٌّ مِنْهُمْ يَحْمِلُ بَاقَةَ وَرْدٍ
يُهْدِيهَا لِلْآخَرِ
لَكِنَّ اَلْمَرْأَةَ وَالْعَاشِقَ يَخْتَلِفَانْ
بِغُمُوضِهِمَا، وَوُضُوحِهِمَا
بِشُرُودِهِمَا، وَصَفَائِهِمَا
يَفْتَرِقَانِ، وَيَلْتَقِيَانْ
اَلْمَرْأَةُ تَحْمِل بَيْنَ يَدَيْهَا أَوْرَاقًا
وَالْعَاشِقُ يَحْمِلُ فِي جَعْبَتِهِ أَقْلَامًا
فِي رُكْنٍ مُنْعَزِلٍ يَقِفُ اَلْاِثْنَانْ
اَلْمَرْأَةُ تَكْتُبُ أَشْعَارًا لَا تُعْجِبُهُ
فَيُمَزِّقُهَا
وَالْعَاشِقُ يَكْتُبُ أَشْعَارًا لَا تُعْجِبُهَا
فَتُبَعْثِرُهَا
وَيَغِيبَانْ
عِنْدَ حُلُولِ اَلظُّلْمَةِ
ثُمَّ يَعُودَانْ
فِي اَلْيَوْمِ اَلثَّانِي لِيُعِيدَا اَلْكُرَةَ،
لَكِنْ لَا يَجِدَانْ
أَوْرَاقًا أَوْ أَقْلَامًا
لَا يَجِدَانْ
نَهْرًا يَجْرِي، أَوْ وَرْدًا يَتَفَتَّحُ
لَا يَجِدَانُ
مَا يُوحِي لَهُمَا بِالشِّعْرِ
وَلَا يَجِدَانْ
مَنْ يَقْرَأُ أَشْعَارًا كَتَبُوهَا مُنْذُ زَمَانْ
فَيَخِيبَانْ
وَبِبَحْرِ اَلْحُزْنِ يَغُوصَانْ
***
شعر: خالد الحلّي