نصوص أدبية
مرشدة جاويش: غَيْمُ الاغْتِرَابِ

أَيَا سَرَاباً
تَجَلَّى لِي كَغَيْمٍ
قُبَيْلَ هَمْسِ السَّدِيمِ
الْغَائِرِ فِي الْعُمْقِ
كُنْتَ رَهِينَ الْوَجَعِ
الْقَاسِي
تُقَبِّضُ بَيْنَ يَدَيْكَ
أَصْدَاءَ الْأَنِينِ
الْمَبْحُوحِ
وَنَرْجِسَةً مِنْ شَظَفِ
السَّحَابِ الْعَقِيمِ
وَلِلسَّمْعِ تَرَامَى أَثِيرُكَ نَادِباً
يَنْقُرُ خَوَافِيَ الرُّوحِ
بِمَرَارَةٍ
فَرَاحَتْ أَوْصَالِيَ
تَسْتَنْشِقُ لُهَاثَكَ الْمُتَوَهِّجَ
تَسْتَشِفُّ فِيهِ
شَفَقَكَ الْبَعِيدَ
لِمَ ارْتَكَبْتَ التَّمَادِيَ
حِينَ اسْتَحْكَمَ
قُرْبِي إِلَيْكَ؟
وَلَمْلَمْتُ مَا بَعْثَرَهُ
عَبَثُكَ الْمَكْلُومُ؟
لِمَ أَحْرَقْتَ
فَيْضَ الْوِجْدَانِ
وَأَلْقَيْتَ بِي فِي مَهَبِّ
الْهَاوِيَةِ الصَّمَّاءِ؟
أَيَا غَائِرَ الْوَعْدِ
هَلْ أَنْتَ سِرٌّ خَانَ كُلَّ مَكْمَنِ؟
وَكَيْفَ أَدْرَكْتَ نَزْفَ الرُّوحِ
فِي صَدْرٍ
أَوْ مَثْوَى لِبَقَايَا مِنْ هَوَاءٍ؟
كَيْفَ هَانَ عَلَيْكَ
وَعْدٌ
كَأَنَّهُ خَيْطُ الضَّوْءِ
فِي عَتمَةِ الْبَاطِنِ؟
لِمَ اسْتَبَحْتَ صَبْرِيَ
وَوَدَعْتَ خُطُوَاتِي
تَهْوِي إِلَى بَرَزَخِ
الشَّوْكِ الْمُمِيتِ؟
لَنْ أَغْفِرَ...
فَلَمْ تَعُدْ جِرَاحُ الْوَجْدِ
تَنْزِفُ غَضّاً
بَلْ جَفَّتْ قُرُوحاً
سَمّاً عَلَى جَسَدِ الرُّوحِ
وَلَنْ أُرْثِيَ
لِعَاشِقٍ تَهَاوَى
خَرِسَتْ حَوَاسُّهُ
عَنْ رُؤْيَةِ خَطَايَاهُ
أَنَا مُتَبَرِّئَةٌ
مِنْ كُلِّ نَبْضٍ لِاسْمِكَ
قَدْ حَرَّرْتُ مَوَاجِعِيَ الْخَفِيَّةَ
مِنْ حِبَالِ رَمَادِكَ
فَلَا عَوْدَةَ
أَيُّهَا الْوَهْمُ الْجَائِرُ
بِيَأْسِ الْعَدَمِ الْمُخِيفِ
قَدْ سَقَطَ سِتَارُ الشَّفَقِ
الْأَخِيرُ
فَلَا وُجُودَ لِي بِكَ
بَعْدَ الْآنَ
وَمَا مِنْ نَزْفٍ سِوَى صَمْتٍ تَبَدَّى!
***
مرشدة جاويش