أقلام حرة

أقلام حرة

1 - لا أريد ألعودة الى ماض، مشبع بالغش والأكاذيب، مقمشاً بأسماء الله والأنبياء، كانت ثقتنا عمياء، أكثر مما كانت عليه بصيرتنا، أسباب الخوف جعلتنا نصدق، ان غضب الله وعقابه في جهنم، أقل بشاعة وهولاً من عذاب القبر، هذا الذي يسلطه علينا، مجندي عزرائيل (منكر ونكير)، كل هذا وعذابات اخرى مفترضة، من اجل قبول المعروض علينا من وساطات وشفاعات الوسطاء، للحصول على مغفرة ألله، عن ذنوب لم تُرتكب، نظام التخريف الغيبي، الى جانب جهلنا بالحقائق التاريخية والعلمية، قد نال من وعينا وغيب المتبقي من بصيرتنا، ومزق فينا فضيلتي الشك والمراجعة، المتغيرات الأخيرة، ما بعد الأحتلال الأمريكي عام 2003، والذي رافقه اعصار الأجتياح الأيراني المدمر، اشعل حرائق ألشك، في الغابة السوداء للشعوذات والتخريف، وأذاب غلاف الجليد الخانق، للمتبقي من عقولنا، فبرعمت اول موجات الشك المجتمعي، واصبحت رؤيا عوائق واعاقات الشعوذات والتخريف أكثر وضوحاً، واصبحنا نميز، ما بين حقيقة القيم السماويية والتخريف الغيبي، الذي ترتفع فيه الغيوم السوداء، لموجات الأحتيال والتدجيل، من الأرض التي نعيش عليها، ولا علاقة للسماء بما يفبركه، وسطاء الغش والوقيعة على الأرض، وستفتح المتغيرات القادمة، ثقوباً أكثر، في جدار الأحتيال والألتفاف على العقل المجتمعي.

2 - نولد مذعورين ونحيا خائفون، وقبل الموت أشد ذعراً، فالوسطاء على الأرض، خطفوا الله وغيبوا وظائفه السماوية، كما خطفوا الأنسان وعطلوا عقله، والشعوب التي تفقد عقولها، شعوب مستهلكة لا تصلح للحياة، أن المصائب السياسية والأقتصادية والأجتماعية، التي تعاني منها شعوب المنطقة، والعراق بشكل خاص، هي كوارث إسلامية مع سبق الأصرار، تسير على عكازتي التشيع والتسنن، لا تتوقف في حدود، حتى تجعل من البشرية (إن ستطاعت) "عصفاً مأكول"، بسطاء الناس لا يدركون موقف نبي الأسلام من المذهبين، مع هذا ام مع ذاك، لكنهم يعلمون، ان لكل مذهب مرجع وضريح، الأجتياح الأيراني للعراق، ظاهرة إسلامية بأمتياز، كالقاعدة والنصرة وداعش ومليشيات الحشد الشعبي، وكذلك حزب الله اللبناني وانصار الله اليمني، العالم المنافق لا يتجرأ على القول، ان ايران تحتل العراق، وسبب تدمير دولته ومجتمعه، حتى لا يجد نفسه ملزماً، لنصرة الضحايا، بعض الدول الكبرى، مشاركة او متواطئة (ولمصالحها) مع الأحتلال الأيراني والتمويه على جرائمه.

3 - ديمقراطية الأحتلالات والحصارات الأمريكية، وفرت فرصة مثالية، لمذاهب ذوي الملفات، وفرت لهم عن عمد وسبق اصرار، كامل السلطات والثروات والوجاهة ووسائل الأعلام، وفتحت امامهم ولنفسها، المنافذ الحدودية لتهريب الثرروات والأثار الوطنية، وأخضعت تماماً، كامل سمعة المتمذهبين وشرفهم وعقائدهم، الى ملفات فضائح بغية ابتزازهم، وكان البيت الشيعي بشكل خاص، الأكثر دناءة وأستعدادا للتلوث، والأسرع انزلاقاً في الهاوية، بعد إن عرتهم ثورة الأول من تشرين، وكشفت عن استعدادهم، لخيانة الشعب والوطن، لجأوا لمنطق الذخيرة الحية، حتى اكتسب مذهبهم الأيراني بحق، لقب (مذهب ذوي الملفات)، وصح بهم المثل "المبلل ما يخاف من المطر"، فلا يعنيهم او يخجلهم، وجهة ولائهم (عمالتهم)، إن كانت لأمريكا او لأيران.

4 - يبدو أن الأسلام كان ثورة ذكورية، ضاق بها قحط الجزيزة العربية، فانفتحت شهيتها على جغرافيية الأخرين وثرواتها، يبدو ان النبي محمد، كان اكثر حرصاً على مبادئه، وبعد وفاته سقطت الأقنعة عن الأقنعة، وتغولت الصراعات حول الغنائم، وتعرض اكثر الصحابة للأغيالات، وتوسعت مساحة الغزو الخارجي والمجازر الداخلية، والى يومنا هذا، فأصبح الأسلام بلا مسلمين، والمسلين بلا إسلام، وخطفت المذاهب والجماعات، وظائف الله والقيم السماوية، وقدست نفسها المراجع والملوك، ورؤساء الدول الأسلامية، ثم سحقت المجتمعات وجعلت نصيبها، الفقر والجهل والأذلال التام، وفقدت المرأة المسلمة، كامل حقوقها وثُلمت آدميتها، فأتسعت مساحة الغربة والشك، بين الله والأنسان، وأصبحت مذاهب الوسطاء، الطرق الخاطئة، إلى معرفة الأنسان لربه ودينه، وهنا يمكن القول، ان المجتمعات الأسلامية، قد فقدت رشداها وكفرت بربها خلف الوسطاء، فنقلت عدوى تلوثها الى مذاهبها، حتى أصبحت مكباً لفضائح الملفات والعاهات.

***

حسن حاتم المذكور

11 / 01 / 2024

 

أمام عجز الحكومات العربية، وأمام غياب الفاعلين الاجتماعيين، واختفاء الزعامات الشعبية، كيف لا نلتفت إلى أنفسنا في ظل الأحداث الجارية في المنطقة العربية، على الرغبة في الفعل، وعلى الجهد من أجل التجديد والتحديث،، فذلك وحده ما ينتشلنا من براثن الضياع الذي قد يقودنا نحو الجحيم، ما لم نتمكن من تجنبه. كثير من الحضارات السابقة التي نتغنى بها غطتها الرمال، أو هدمها الغزاة، حين انقسمت إلى ممالك متطاحنة، نعيش نفس المأساة في العراق، وسوريا، واليمن، وليبيا، والسودان، وفلسطين،، من المؤكد أن الفشل أو السقوط لَيسَا قَدرًا لا مفر منه،، ولكن أُولئكَ الذِينَ لَا ينظُرُونَ بِتبَصُّر  إلى المخاطر التي تهددنا، يجردوننا من أسلحتنا، ويخدروننا بالألعاب والأخبار الزائفة العابرة، ويجعلون أعداءنا أكثر جرأة كما يحدث الآن في غزة، وهم أعداء موجدون فينا مثلما يوجدون حولنا.

ليس علينا أن نستنجد بالأسلحة، ولا بالقانون الدولي، ولا بمحكمة العدل الدولية، أو بالثورة، وإنما بالوعي وبالاقتناع بأن أخطر أعدائنا اليوم هو انعدام الوعي لدينا، وهو بحثنا عن أكباش فداء، وهو ضعف إرادتنا للحياة، وهو ضعف حبنا للمساواة والعدل والحريات، أننا نعيش عصور الشيخوخة وما راكمته من تجارب. ولن يفيدنا في شيء أن نحتمي بمقولة أو بشخص يرعانا أو يفترض أنه سيرعانا. يجب أن نعطي الكلمة للذات الكامنة في كل واحد منا، فهي وحدها القادرة على أن تجعل منا فاعلين، مبدعين لمستقبلنا، وذلك حتى تخاطبنا هذه الذات وتحثنا على تحرير مشاريعنا الوهمية إلى الحقيقة الغائبة، نحتاج إلى الإرادة في تغيير طريقة التفكير أو طريقة العيش أصعب من تغيير نظام الحكم أو تغيير نحو اللغة.، فمنذ أن اعتقد البعض من دول النفط الغنية ما يكفي من القوة فما عدنا نتصور أنفسنا كمخلوقات للإله ولكن كخالقين للإله، حينذاك انسقنا وراء فكرة أن نتوارى من تلقاء أنفسنا متنازلين عن حريتنا في الاختيار، وأن تتماهى مع أعمالنا، مع آلاتنا، مع قراراتنا السياسية وخاصَّتًا مع معارفنا. لقد اقتنعنا بأن قوتنا تكمن في فكرة الحتمية التي علينا أن نستسلم لها، لأن لغتها ليست لغة المعتقدات أو لغة العواطف الشخصية، ولكن كيف يمكن أن نحدد وضعيتنا الراهنة التي أعتبرها اليوم وضعية ما بعد قرن أو قرنين من تشَكُّلُ ما سمته كتبنا التاريخية القديمة بالعالم الحديث العالم الذي ولد مع الثورة الفرنسية كما يقول الفرنسيون، أو مع حركة الإصلاح، أو مع الثورة الصناعية أو مع بداية عصر هذا العالم الذي اعتبر هوياتنا تتلاشين مع أعمالنا.

لا عذر لنا لننعزل داخل عاداتنا المحلية بعد أن استنفدنا سحر غزو العالم. علينا أن نَسلُكُ طَرِيقًا مُعَارِضًا، وهو أن نتشبع بالوعي وبحقوقنا، وبقدرتنا على التصور، قدرتنا على الكلام، وعلى البناء ورسم المستقبل وربما يكفي أن نقتنع بقوة بأن طريق الفكر وطريق خلق عوالم دائمة التجدد، وذلك حتى نستعيد الرغبة والشجاعة كي ننجح في بناء انبعاث أكثَرُ نَجَاحًا مِنْ انبعاث دول كثيرة خلال القرن التاسع عشر. إن الإرادة وحدها كفيلة بتشكيل أدوات تحررنا، وأقواها الرغبة في أن نكون أَحرَارًا مُبدِعِينَ، وأنْ نحترِم حُقُوق الْآخَرِينَ بِقَدرِ احتِرَامِنَا لحُقُوقِنَا. يعيش عالمنا العربي أزمات طاحنة تعصف بدول هشة اقتصادِيًّا منذ حرب روسيا وأوكرانيا وتداعيات هذه الأزمة على دول في المنطقة حول الأزمة الاقتصادية التي قذفت بنا في أتون البؤس والحروب الأهلية الدائرة، قد كشفت بصمت الفاعلين الاجتماعيين بل بغيابهم، أكثر مما حددتها النتائج الاقتصادية والاجتماعية لانتصار الرأسمالية المتوحشة، التي خانت مهامها الاقتصادية. ومنذ ذلك الوقت ازددنا اقْترابًا من الهاوية بما يكفي ربما كي يدرك من يحكموننا من داخل البيت الأبيض إلى مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسيل إلى ضرورة التدخل في كل شأن عربي، ومنذ ذلك الحين أَيضًا ازدادَتْ وضعِيتُنَا تدهوُرًا مرَّاتٍ عدِيدةً بالمناسبة، لكن رغبتنا في التدخل ازدادت بدورها. ومع ذلك، لم تشرق الشمس بعد على عالم لا تحركه الإرادة والمعرفة والرغبة في أن ننقل للأجيال التالية. عالمًا مُتطَورًا يمنحُ حُبَّ الحيَاةِ مِنْ استِعادتنَا لِوعينَا. هل عالم الاجتماع الفرنسي آلان تورين عندما كَتبَ كِتابهُ: "نهاية المجتمعات" هل كان يقصد العالم العربي...؟!!

***

محمد سعد عبد اللطيف

كاتب وباحث مصري في الجغرافيا السياسية

لم يكن في وارد الرئيس الامريكي المنتهية ولايته جورج بوش الإبن، أن تكون مغادرته لكرسي رئاسة البيت الابيض بتلك الطريقة الدراماتيكية المهينة، التي سيسجلها التأريخ ويحفظها على جبينه ما دام حيا وحتى بعد رحيله بأحرف من الذل والهزيمة، حين سدد له احد الصحفيين العراقيين الشجعان قذيفتين من القنادر ذات المقاس المناسب جدا، عراقيتي الصنع وبإمتياز، لم يستطع خلالها ولتداركها سوى الانحناء أمام تلك (الهجمات) الغير متوقعة في مثل هكذا مناسبات، ناسيا او متناسيا حجم الرفض الشعبي لقواته المحتلة  ولعملائه.

واذا ما افترضنا أنَّ زعيم اكبر دولة في العالم ورغم الحمايات والحراسات واجهزة الرصد والمراقبة المنتشرة في كل ارجاء القاعة ومحيطها، والتي شهدت توقيع اتفاقية الذل والتبعية وما اعقبها من اجراءات بروتوكولية كعقد الطرفان مؤتمرا صحفيا، لم تفلح كل تلك الإحتياطات المتخذة في منع ذلك الصحفي الشاب منتظر الزيدي من القيام بذلك الفعل الشجاع والذي هزَّ عرش وأحطَ من سمعة أكبر رئيس دولة في العالم وأكثرها عسكرة وغطرسة، بسبب من عدوانها الغاشم على العراق وشعبه، فكيف سيكون مصير العملاء، ان كانوا بحماية الاحتلال او بدونه.

وما تعرَّض له بوش الإبن لم يتأتَ بمعزل عما يعانيه المواطن العراقي من ويلات ومصاعب بسبب من سياسات الاحتلال وعملائه وما سببه للبلاد من خراب وتدمير، تجاوزت كل حدود المنطق والمعقول وبلغت حتى بناه الإجتماعية ولحمته، حيث لم تشهد له مثيلا كل انواع واشكال الاحتلالات السابقة، ولتعطي درسا بليغا لكل من يخون شعبه ووطنه، على الرغم من كل محاولاتهم البائسة واليائسة الهادفة الى تبييض وجه الغزاة وَمَن أتى بهم.

ولا بد هنا من العودة قليلا الى الوراء ولنتذكر بضع من احاديث العملاء، حين كانوا يطلّون برؤوسهم والسنتهم العفنة من على وسائل الاعلام المرئية والمسوعة، مدافعين بوقاحة وذل عن قوات الاحتلال وبساطيله، مروجين كذلك لفكرة انَّ العراقيين وبمختلف تكويناتهم وإنتمائاتهم ومشاربهم، قد استقبلوا (دخول) القوات الأمريكية وتدنيسهم لأراضينا بالورود والزهور والرياحين, باعتبارهم محررين كما يدعون. وأجزمُ أنَّ الرسالة قد وصلتهم، وأنَّ هناك قنادر أخرى بانتظارهم كما انتظرت رأيسهم من قبلهم.

وليس غريبا في سجل العراقيين النضالي من إستخدام لغة القنادر كأحد أشكال التعبير والحوار الذي يجرونه مع الآخر، وليس أي آخر فالمعني هنا، المداهن والمدلس والمساوم، والذي يحاول إستغفال الشعب بأشد وأكثر الأساليب وضاعة وخبثا، وعلى رأسهم وفي مقدمتهم تلك الأصوات النشاز التي ما إنفكت تروج للإحتلال وجندرمته.

وإذا عدنا بالتأريخ الى الوراء، فأربعينيات القرن الماضي ليست ببعيدة عن ذهن الطبقة السياسية الحاكمة والمنصَّبةُ من قبل قوات الاحتلال. وإذا كنّا قد نسينا فسوف لن ننسى تلك الاهزوجة الشعبية التي غطت شوارع عاصمة الرشيد ومدن العراق كافة وبصوت واحد، ينم عن وعي عال من  قبل المواطن العراقي ومعبرا في ذات الوقت عن سرعة البديهية التي يتميز بها، وما تولَّدَ عنها من ردة فعل، تتناسب وطبيعة ما يعاني منه، وكان الشعار محسوبا بدقة حين هتفوا وبصوت مدو، كان قد بلغ مداه وحقق هدفهٍ: نوري سعيد القندره وصالح جبر قيطانه. الاول كان رئيسا للوزراء والثاني وزيرا في حكومته، لعمالتهما للاجنبي، رغم انهما لم يكونا بتلك الوضاعة والنذالة التي نراها ممن يطلقون على أنفسهم برجالات العهد الحالي إن كانوا حقاً رجالا.

ولابد هنا من الإشارة والاشادة بـ(الدور) الذي لعبه محمود المشهداني، رئيس ما يسمى بالبرلمان العراقي والذي نصَّبه الإحتلال وضمن محاصصة مقيتة، قسَّموا على أثرها شرعية إستباحة الدم العراقي، حيث له، أي للمشهداني، الفضل الكبير في استعادة أسهل الوسائل واوفرها وأمضاها قوة في تطبيق العقوبات على اعضاء برلمانه، حين هَدَّد وعلى الهواء مباشرة وعبر شاشات التلفزة المحلية والعربية بأعلانه (إنَّ اي قانون لا يتوافق مع الاسلام سوف أضربه بالقندرة).

وكما يبدو فإن السيد المشهداني يعرف بدقة لغة الخطاب التي تنسجم وتليق باعضاء هكذا برلمان، فجلّهم أو على الأقل نصفهم يدركون وبشكل جيد حجمهم الحقيقي وكيف ينظر لهم ابناء الشعب العراقي. ولو كان لدى رئيس ما يسمى بالبرلمان، من الشجاعة والوطنية والغيرة على بلده ما يكفي، لكان قد إستخدم ذات الأسلوب في التصدي للمحتل ومقاومته. في كل الاحوال فقد سَجَّلَ له التأريخ سابقة، لم يكن ليجرأ على اطلاقها أحدٌ غيره، وذلك حين أحيا لغة القنادر بعد ان مضى عليها دهرا من الزمن.

وإذا كان لنا من التأريخ حكمة وموعضة لنقولها ونستشهد بها، فإنَّ لكل شعب أساليبه وفنونه في مقاومة المحتل، مهما بلغت قوته وجبروته ومهما علا شأنه. وفي الحديث عن المقاومة العراقية الباسلة، فلها من الزخم والحماية والحاضنة الشعبية ما يمكن أن تفاجئ به قوات الاحتلال وعملائه. ولعلَّ ما أقدم عليه البطل منتظر الزيدي، يُعَدٌ من أبسط الوسائل تعبيرا عن رفضه للغزاة وأكثرها وضوحاً. وهنا لابد من القول من ان حياة البطل الصحفي في ذمة الشرفاء من العراقيين وسواهم من أحرار العالم, وان تعرَّضَ جسده الطاهر لأي سوء، فلتتحمل قوات الاحتلال وعملائه كامل المسؤولية وما سيترتب عليها.

لك امنّا كل التحايا والتقدير، وبوركت يداك يا منتظر فلقد أصبت الهدف وبدقة متناهية، وأجزمُ أنَّ هناك المزيد من العملاء والخونة، ممن ينتظرون ويستحقون وبتقدير عالٍ دفعة أخرى من القنادر.

ملاحظة مهمة: المقالة أعلاه تأتي مكملة لمقالتين إثنتين كنت قد نشرتهما تباعاً، والثلاثة تشترك في ذات الفكرة وتكمل بعضها بعضا، وكانت قد كُتبت في حينها. كذلك أقدم أعتذاري لإحتواء المقالة على بعض المفردات المخدشة للحياء. في ذات الوقت وليعلم القارئ اللبيب والطيب، بأنها موجهة تحديداً لتلك الشلة العفنة والسافلة من العملاء والخونة، ممن باعوا وطنهم بأبخس الأثمان للأجنبي وباتوا رهناً لإشارته، ومن كل لون وتحت أية ذريعة، فهذا لعمري ما يليق بهم.

***

حاتم جعفر - السويد / مالمو

من الجندل، وأمرّ من الحنظل، الحديث الذي أدلى به منسق الأمم المتحدة للعمل الإغاثي في السودان "علي الزعتري" لاحدي الصحف النرويجية، حيث أفاد في حديثه المتهافت أن السودان البلد الذي جحاجحة سادة، وأبطاله زادة، وصناديدة قادة، يطمئن إلي الذل، ويستريح إلي الهوان، لأجل ذلك أبوابه للنوال مشرعة، وقدوره من الضراعة مترعة، وجفانه من الأنفة مفرعة، لهفي على السودان الذي أطرّ الشموخ شاربه، وزوى الإباء حاجبه، فقد اعتاد على تطاول المترفين، ومساوئ الموسرين، فنحن لا نعرف أيها السادة وطناً عانى في دهره مرارة الجور والحيف، مثل هذا الوطن الذي لم تنفصم عروته، وتعظم كبوته، إلا بمثل هذه الأحاديث الشوائل. إنّ هذا الشعب الذي جمع أشتات المفاخر، إذابعثرنا عيوبه، وتتعبنا فواحشه، وبحثنا في مخازيه، فلن نجده قد استخف بالأمانة، أو رتع في الخيانة، أو أقام على المهانة، فأنى له وهو الذي يسرف في التصون، إن كان في التصون اسراف، أن يرضى بالذل صاحبا، كيف لشعب يعلم جلياً معنى الكرامة، ويدرك تماماً مدلول الإباء، أن يرمي نفسه في مثالب الضعة والصغار، فلا يعيش إلا مجروح القلب، مقتول النفس، مطعون الوجدان، حديثك يا سيدي الفاضل نتعلم به الصبر، ونتكلف فيه الاحتمال، ونغضي منه الجفن على قذى، ونطوي منه الصدر على أذى، فنحن مهما ضعضعتنا القوادح، وأرهقتنا الفوادح، وأضنانا السغب، فلن ندفع غائلته بذل السؤال، لن نمد أيادينا في ضراعة وإن أبصرنا الموت مُوتِر قوسه، يجتث شأفتنا بوقع النبال، فالسودانيون جميعاً يبتغون الكمال، ويسعون إليه، ويلحون فيه، و"التسول" عندهم لا يرد حياضه ورود الهيم العطاش إلا من تخرّمته بوائق الدهر، وطحطحته دوائر الأيام، ذلك الفقير المعدم الذي يضنيه المنع والجمود، ويبكيه الإعطاء والجود، عركته الدنيا عرك الأديم، وداسته الفانية دوس الحصيد، أمنيته التي تفجر في دواخله ينابيع السعادة، أن يرى نفسه محمولاً على أعواد المنايا، فالموت عنده يعد من النعم الجليلة، والهبات الخطيرة، لأنه ملجأ حام، وسند حافظ، يقيه مطارح الهوان. لحا الله سوء الظن بالعباد، ورمي شعب أغر طويل النجاد بالتزيد والافتئات، فالسودانيين الذين أشتهروا بين لداتهم بالعفاف والتصّون، ينسْبُ إليهم أحدهم نقيصة التسول، والعيش على صدقات الآخرين، وهُم من هُم في حب الكرامة التي أقامها الله في صدورهم من غير قوائم، وأعلاها عندهم بغير دعائم، وبلادهم قد آثرها الله بالنعم السوابغ، والرفد الروافغ، نشكره تعالى على سالف مننه، ومتآلد أفضاله، ونسأله عزّ وجلّ وهو الذي فجر لنا الأنهار، وأرسى لنا الجبال، ومهد لنا التلال، وأكثر لنا الغلال، أن يقينا شر من قويت عدتها، وعمت مكيدتها، ولانت عريكتها، الأمم المتحدة التي تحركها قوى فغرت فاغرتها، وثقلت في الأرض وطأتها، فديار العرب والإسلام تحلبت لها الأفواه، وتلمظت لها الشفاه، واتقدت لها الأكباد، نحن نعلم أيها العزيز الأكرم كيف تنصب الشراك، وتحاك الدسائس، ونعرف من يدير رحى الحرب، ويمتعه سماع الطعن والضرب، ورؤية طرقاتنا مضرجة بدمائنا عنده أرق من الهوى، وأشهى من الماء على الظمأ، فهو لا يروم إلا جوارح مهشومة، وديار مهدومة، وخدود ملطومة، ولسان ينطق بالعضيهة والفرقة.

***

د. الطيب النقر

 

هذه فكرة ربما سينفيها الكثيرون، وينظرون إليها بعيون النكران، وحتى الإستخفاف، لكنها ظاهرة جلية في الأوطان والبلدان.

إذ يمكن معرفة الواقع الحضاري لأي مجتمع، من كثرة النصب والتماثيل للشعراء والعلماء، فإذا قل عدد تماثيل العلماء وزاد عدد تماثيل الشعراء، فالمجتمع ليس في عصره، والعكس صحيح.

في إسبانيا تتفوق تماثيل العلماء العرب على تماثيل الشعراء، وفي بلداننا تزدحم مدننا بتماثيل الشعراء.

هل يوجد تمثال لعالم عربي في القرن العشرين؟

من النادر أن تجد ذلك في بلداننا، أما الشعراء ورهائن الكراسي، فما أكثر تماثيلهم وصورهم.

ليس تقليلا من أهمية الشعراء وكونهم جزء من الحياة في كل زمان ومكان، لأنهم يعبرون عن مكنونات النفوس بآليات فنية معروفة.

الموضوع فيه دلالة على التنكر للعلم والعمل، والتركيز على الكلام وإعتباره الإنجاز والأمل.

كانت القبائل العربية تتفاخر بشعرائها وتحتفل بنبوغ شاعر فيها، لأنه لسان حالها ووسيلتها الإعلامية وصوتها المعبر عنها.

ويبدو أننا لا نزال نتمسك بذات السلوك، ولا نقترب من عصرنا، ونشد الرحال إلى ماضينا، فهو الذي يمثلنا، ولا نستطيع تمثل زماننا والتفاعل الإبداعي معه بإرادتنا الحضارية الأصيلة المعطاء.

كل يوم تسمع هناك تمثال لشاعر، وقليلا ما تسمع عن تمثال لعالم، أو مساهم بصناعة الحياة في مجتمعاتنا.

قد تكون التفسيرات كثيرة، والتفاعلات شديدة، لكنه واقع حال يختلف عما عند المجتمعات المتقدمة، التي تدرس كل خطوة وتستوعب مآلاتها، وما يتمخض عنها من سلوكيات وردود أفعال، أما في ديارنا فأهواؤنا تقودنا.

فهل لنا أن نعطي لكل ذي حق حقه، ونرسي في المجتمع الأنوار والمشاعل العلمية؟!!

ترى لماذا معظم رسائل الماجستير والدكتوراة كلامية؟!!

***

د. صادق السامرائي

يرى بعض الكتاب والصحفيين والمحللين السياسيين؛ ان الدول العربية، او المنظومة الرسمية العربية؛ لم تعمل (كما عملت وتعمل اللوبيات الصهيونية) قبل عقود على  تأسيس مراكز ضغط لصالح العرب وقضاياهم وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، لتشكل دعما للقضية الفلسطينية في الداخل الامريكي وفي مراكز صناعة القرار في امريكا. كما يقول البعض الاخر وفي ذات المسار والاتجاه؛ ان المنظومة الرسمية العربية؛ لم تعمل باستخدام ما هو متوفر لديها من ادوات الضغط؛ في فك الارتباط الاستراتيجي بين دولة الاحتلال الاسرائيلي وامريكا. ان كلا القراءتين على درجة كبيرة من الخطأ؛ طبقا لبنية النظام الرسمي العربي، وارتباطاته عربيا واقليميا ودوليا، وطبيعة العلاقة التخادمية الاستراتيجية بين اسرائيل والغرب. فالمنظومة الرسمية العربية؛ لم تُفعَل هذه الادوات حتى هذه اللحظة، على الرغم من المذابح الصهيونية والامريكية في غزة؛ فكيف يراد منها ان تعمل على تأسيس مراكز ضغط داخل امريكا لصالح القضية الفلسطينية، او حتى لصالح قضايا الشعوب العربية التي تحكمها هذه الانظمة، قبل عقود وعقود من الآن. او يعمل النظام الرسمي العربي؛ على فك الارتباط الاستراتيجي بين امريكا والكيان الصهيوني. غاب عن هذا البعض؛ ان هذا الارتباط الاستراتيجي، هو ارتباط له اصرة وجودية؛ دينية وكونية.. امريكا والغرب بصورة عامة؛ تنظر الى دولة الاحتلال الاسرائيلي كمركز متقدم لهما في المنطقة العربية وفي جوارها الاسلامي؛ في رعاية مصالحهما في المنطقة العربية منذ لحظة زرعها في قلب الاوطان العربية، حتى الآن والى الامد البعيد، اذا لم يحدث تحولا استراتيجيا في المنطقة وفي العالم، لكن هذا التحول من الباب الثاني؛ سوف يحصل في المقبل من السنوات، بطريقة أو بأخرى؛ لأن حتمية تطور التأريخ؛ تفرضه فرضا. ان امريكا والغرب او البعض الاغلب من الغرب؛ يستخدما الكيان الصهيوني ودولته التي تحتل اراضي فلسطين، وما اقصده بالكيان الصهيوني ليس دولة الاحتلال فقط، بل جميع اليهود المنتظمون في مؤسسات صهيونية بعضها سرية، وأخرى علنية؛ وهي مؤسسات لها هيكل وشكل الدولة؛ في التنظيم والاهداف وسياسة تنفيذها، ووسائل تطويرها وتعميقها وتوسعتها، وانفاق تغلغلها في المجتمعات الامريكية والغربية والعربية والاسلامية، وبقية اصقاع الارض؛ تضم اليهود الذين يؤمنون بسرديات التوراة، والحركة الصهيونية، واطماعها في فلسطين وفي غيرها؛ في جوار فلسطين من الاوطان العربية، في امريكا وفي الغرب وفي جميع دول العالم؛ في تعزيز نفوذ امريكا والبعض من دول الغرب في المنطقة العربية وفي جوارها الاسلامي، وهو نفوذ وتمكيَن في داخل المجتمعات العربية؛ بعقول وأقلام وأعلام حرفي، منهجي، علمي، وشركات، يمتلكها، او يساهمون فيها يهود الصهينة، بأكثر من خمسين بالمئة، ليس بالضرورة يهود يحملون الجنسية الاسرائيلية، بل من امريكا ومن دول الغرب؛ يعملون على انتاج كتلة بشرية، تشكل مراكز تأثير ونفوذ امريكي وغربي وصهيوني غاطس، في المجتمعات العربية، اضافة بالعمل الدؤوب على استدامة وجودها المنتج في المجتمع الامريكي والغربي، والروسي. لقد لعبت دولة الاحتلال الاسرائيلي منذ زرعها في قلب الوطن العربي؛ ادوارا مركزية في خدمة المشاريع الاستعمارية الامبريالية في دول المنطقة العربية، وحتى في جوارها الاسلامي. فبعد تأميم قناة السويس، هذا التأميم الذي ضرب في مقتل مصالح بريطانيا وفرنسا؛ هاجمت الدولتان مع اسرائيل مصر في العدوان الثلاثي المعروف؛ خدمة لمصلحة القوتين الامبرياليتين الاستعماريتين، بريطانيا وفرنسا، هذا مجرد مثال فقط وهناك الكثير من الامثلة في كل تأريخ هذا الكيان الاحتلالي الاستيطاني الاستعماري، اذا ما وسعنا دائرة نفوذ دولة الاحتلال الاسرائيلي الى المشروع الصهيوني الذي يمتد نفوذه خارج اسرائيل الى دول الغرب وامريكا والى حد ما كل دول العالم، بما فيها الدول العربية ولو بالشكل الغاطس تحت الارض في الدول العربية، لكنه في ذات الوقت واضح كل الوضوح لكل ذي بصيرة، من خلال تأثيراته في الساحة السياسية والثقافية والامنية في دول المنطقة العربية، وحتى في جوارها الاسلامي. ان دولة الاحتلال الاسرائيلي التي تمثل الوعاء الوجودي للمشروع الصهيوني الكوني؛ تمثل جسر واداة امبريالية استعمارية امريكية وغربية؛ في خلخلة النسيج الاجتماعي والسياسي والثقافي في داخل كل دولة عربية تقريبا؛ من خلال تنمية وتقوية الخواصر الرخوة في داخل الكثير من الدول العربية، ودفعها للتمرد على النظام السياسي في تلك الدولة العربية او هذه الدولة العربية؛ مع تعطيل او وضع العراقيل امام أي حلول تُقدَم عليها هذه الدول؛ للتخلص من هذا التمرد أو ذلك التمرد، والتفرغ للتنمية. ان هذا كله في الدول التي تندفع لبناء اقتصاد قوي؛ وتنمية الموارد بعيدا عن الهيمنة الامريكية والغربية، بقرارات مستقلة في الاقتصاد والسياسية وما له صلة بهما؛ على طريق السيادة الكاملة، التي ليس في جسدها جروح. من المهم هنا الاشارة الى ان تلك الانظمة؛ تتحمل الوزر الاكبر؛ في اتجاهين اولا كونها انظمة دكتاتورية تحكم شعوبها او هي قد حكمت شعوبها بالحديد والنار. وثانيا عدم ايجاد حلول ناجعة؛ لإطفاء نار التمرد؛ بإعطاء الحقوق كل الحقوق بنية صادقة بلا لعب ولف ودوران؛ يفتح، أو فتح نوافذ التشكيك الذي تباعا وبصبر؛ حطم معابر السلام والاستقرار.. ان هذين الاتجاهين هما من فتح الابواب امام التغول الاستعماري الامبريالي الامريكي والغربي؛ بجسور واذرع صهيونية وان كانت تحمل في البعض من الحالات؛ الجنسية الامريكية او الغربية. وبالعودة الى مجازر الصهاينة في غزة؛ ان هذا العدوان الاسرائيلي على غزة وايضا بدرجة اقل على الضفة الغربية؛ له اهداف هي غير اهداف اسرائيل المعلنة. هذه الاهداف بالإضافة الى انها لخدمة التوسع الاستيطاني الاسرائيلي، فهي ايضا وفي ذات الاهمية الموازية؛ لخدمة مشاريع امريكا بالدرجة الاساس والغرب ايضا ربما بدرجة اقل، لكنها مع ذلك تقع على ذات المسارات. وما اقصده هنا هو طرق التنمية التي تكون فيها دولة اسرائيل حكما وضرورة جغرافية ملزمة، لابديل عنها، كمركز ثقل في هذه المشاريع التي هي تفكيرا بها وانتاجا لها؛ لمواجهة المشاريع الصينية والروسية في المنطقة العربية وفي جوارها.

***

مزهر جبر الساعدي

 

لجأت الحركة الصهيونية إلى مجموعة من الأكاذيب والأساطير وروجت لها بهدف تبرير مشروعها المتعلق باستعمار فلسطين.وقد كان تاريخ ابتكار هذه الأكاذيب في أوروبا ومنها ولد الخطاب الذي ينادي بحق اليهود في أرض فلسطين.

وقد استفادت من خلال الترويج لتلك الأكاذيب والأساطير لصنع قومية جديدة مشحونة باستعمار فلسطين بادعاء أنها تعود لهم كشعب يهودي، وأن الشعب الفلسطيني ما هو إلا شعب طارئ أتى من هنا وهناك ولا تربطه بفلسطين أي جذور. ومن هنا ولدت العمليات الإرهابية بهدف احتلال الأرض. وبعد إرساء الوطن المزعوم الذي قام على أنقاض السكان الشرعيين وأصحاب الارض عن طريق انتهاج الحروب لحماية هذا الوطن هو الحل. فهذه الحروب من وجهة نظرهم حروب عادلة ضد ما أطلقوا عليه إجرام بحق أصحاب الأرض لأنهم هبوا لاستعادتها والدفاع عنها. وهنا ارتكب العدو الصهيوني المجازر بأسلحته المطورة ثم ادعى طهارتها كلما وجه أحدهم له اتهاما بأنه عدو إرهابي وقاتل أطفال ومرتكب مجازر.

وعندما يتبجحون بما يسمونها (أرض إسرائيل) وهو مصطلح تناخي (أي ما يسمى بالعهد القديم) فإننا نرد عليهم بأن هذا المصطلح لم يرد ذكر له في التناخ، وحتى مصطلح (أورشليم) الذي أطلقوه على القدس لم يظهر ولا مرة في توراتهم. كما أن اليهودية لم تنشأ على أرض فلسطين إنما الحقيقة التاريخية أن نشوءها كان خارجها. لكن الحركة الصهيونية استعارت مصطلحاتها الفكرية مثل (أرض إسرائيل والعودة والوطن) وغيرها من المصطلحات الدينية من الشريعة اليهودية ثم شحنتها بالوطنية القومية التي لم يكن لها وجود أصلا فتحولت الأرض المقدسة التي كانت تحرم الهجرة إليها إلى وطن يجب إقامته كدولة سياسية. وقد طور هذا التصور الأسطوري شرعنة الإحتلال الصهيوني لفلسطين بالإضافة إلى كسبه تأييد العالم من أجل تبرير هذا المشروع.

وما يحصل اليوم في حربها على غزة ٢٠٢٣_٢٠٢٤ يراه العدو من باب الحروب العادلة. وأن ما يحصل من قتال من قبل المقاومة الفلسطينية هو من وجهة نظر عقيدتهم إجرام وإرهاب بل إن من حق هذا العدو الدفاع عن أمنه وأمن وطنه المزعوم بشتى الوسائل حتى لو كانت لا أخلاقية ولا إنسانية. فهو لا يعتبر ما يرتكبه من مجازر بحق المدنيين إبادة وتطهير عرقي بل دفاع وحرب عادلة. ففي حروبه التي خاضها عام النكبة لا يعترف بإبادة جماعية فعلى لسان المؤرخ اليهودي (بيني موريس) يقول (نحن نتحدث عن جرائم قليلة مقارنة بعمليات الإبادة التي تمت في البوسنة أو ألمانيا أو ستالينغراد، إن أحصينا عدد الجرائم حتى العام ١٩٤٨ فالعدد لا يتعدى ٨٠٠ قتيل، عندما نأخذ بعين الاعتبار أن ما حدث هنا عام ١٩٤٨ كان حربا دموية فقدنا من خلالها ١% من سكان البلاد، نرى أن سلوكنا كان جيدا).

ومن هنا نفهم أن ما يراه العالم من مجازر ترتكب يراه العدو دفاعا وحروبا عادلة لذلك فإنه بعد كل مجزرة يغسل الكلمات فيستبدل المجزرة بدفاع.

***

بديعة النعيمي

الودُّ الشفيف، والحب الشديد الذي يُحظى به السوداني في كل صقع ووادٍ، ليس مرده في وجهة نظري القاصرة، حديثه الممتع الذي تتخلله الفُكاهة، وتحيط به الدعابة، أو لنضجه الذهنيطه وثقافته المتعددة الجوانب، بل لاستقامة خُلقِهِ، ووضوح منهجهِ، وللكم الهائل من حُسن السجايا التي يتحلى بها السواد الأعظم من هذا الشعب الشامخ، ولعل الشيء الأنوط بأفئدة الشعوب، والأعلق بذاكرة الأمم، الكرم الذي يقف السوداني على جادته، فصاحب اللون الكالح، الذي يعيش بجسد مهدود، وعصبمجهود، يخِفُ للمعروف، ويهتز للعطاء، ويرتاح للندى، ويمكنهُ أن يصبر على كل خطب، ويثبت على كل محنة، إلا نائبة تنفصم عندها عُرى جلده، وينهار دونها جُرف اصطبارهِ، فكيف لسخي مخروق الكف والجيب لا يبقي على ما كسب، أو يقبض على ما ملك، أن يلج داره ضيف ولا يوغل في كرم وفادته، كيف لسبط الأنامل، ورحب الذراعين، ألا يستسلم للشجون، ويستكين للحسرة، وهو يرى الفقر المدقع الذي يقيم بداره، كما يقيم الداء الوبيل بالجسد المعتل، وضيف قصده من مكان نائٍ، عندها حتماً يتبدّل الثغر الذي يفترُّ بالابتسام، وتغوص بشاشة الوجه الذي يومض بالبشر والوئام، ويحل محلهما الكدر والسقام، ولا يجد بقية الكرام مراغماً ولا سعة، سوى الدين والاقتراض حتى يحتفي بضيفه، ويطعمه من الأطايب التي تشرئب إليها كل نفس، وتتوق إليها كل معدة.

لأجل ذلك يهش الأنام في وجه السوداني، ويتقاضون عن هناته عملاً بحديث المعصوم عليه الصلاة والسلام: «تجاوزوا عن ذنب السخي فإن الله أخذ بيدهِ كلما عثر، وفاتح له كلما افتقر». وخاتم الأنبياء والمرسلين الغزير الفواضل، الكثير النوافل، الذي يعطي عطاءَ من لا يخشى الفقر وصفته سفانة بنت حاتم الطائي بأنه :«يحِبُ الفقير، ويفكُ الأسير، ويرحم الصغير، ويقدر الكبير، قال عن السخي:«السخي قريب من الله، قريب من الناس، قريب من الجنة، بعيد من النار، والبخيل بعيد من الله، بعيد من الناس، بعيد من الجنة، ولجاهل سخي أحب إلى الله من عابد بخيل».وخصلة الكرم التي تعد بمثابة أصل المحاسن كلها، خصّ الله قاطني الجزيرة العربية بالشقص الأغر، والحظ الأكمل منها، فقد كانوا معادن الكرم، وسدنة السخاء، فقد روت لنا أمهات الكتب العربية أخباراً في الجود، يكاد سامعها ينكرها لبعدها عن المعهود، كما قال الأبشيهي منها خبر ذلك الأعرابي الذي جاء إلي سيدنا عبدالله بن عباس رضي الله عنهما وهو بفناء داره فقال: «يا بن عباس إن لي عندك يداً قد احتجتُ إليها، فصعد ابن عباس فيه بصره ولم يعرفهُ، فقال: وما يدك؟ قال: رأيتك واقفاً بماء زمزم، وغلامك يمتح لك من مائها، والشمس قد صهرتك، فظللتك بفضل كسائي حتى شربت، فقال: أجل إني لأذكر ذلك، ثم قال لغلامهِ: ما عندك؟ قال: مائتا دينار، وعشرة آلاف درهم، فقال: ادفعها إليه، وما أراها تفي بحق يده». ومن أجواد العرب في الإسلام سيدنا عبدالله بن جعفر، كان الخليفة معاوية بن سفيان يعطيه ألف ألف درهم في كل عام، فيفرقها في الناس ولا يُرى إلا وعليه دين، وحدث أن لامه أصحاب المجد الأصيل، والشرف الأثيل، السيدان الشريفان الحسن والحسين رضي الله عنهما على سرفه في بذل المال، فقال: بأبي أنتما، إن الله عز وجل عوّدني أن يتفضل عليَّ، وعودتهُ أن أتفضل على عباده، فأخاف أن أقطع العادة، فيقطع عني المادة، وحدث أن مرض السخي النقي قيس بن سعد بن عبادة، فلم يهرع بعض أخدانه ومعرفته لعيادته، فثقل ذلك عليه، وحينما سأل عن سر ذلك الغياب، قيل له: إنهم يستحيون مما لك عليهم من الدين، فقال: أخزى الله مالاً يمنع عني الإخوان من الزيارة، ثم أمر منادياً ينادي من كان لقيس عنده مال، فهو منه في حل، فكسرت عتبة بابه بالعشي لكثرة العوّاد

***

د. الطيب النقر

 

القتل بالكلمات من أبشع وسائل القتل، وما أمهرنا في إستعمال الكلمات لقتل بعضنا وتدمير وجودنا. فالكلمات قذائف ذات قدرات متنوعة للتدمير والإمحاق، وفقا لمعرفة خطورتها وتأثيراتها وآليات قذفها في العقول، لنحت أفكار ومواقف وسلوكيات فاعلة في الوسط المكاني والزماني.

الكلمة من أدوات أسلحة التدمير الشامل، لأنها تحث في البشر طاقات سلبية تسعى لتدميره، وإخراجه من كينونته وتغيب ذاته وموضوعه، حتى يكون من ألد المعادين لهما.

فالكلمة السيئة المدججة بما يؤهلها للإنفجار تتحول إلى فاعل نشيط لتدمير الهدف المطلوب، فلا يبذل الأعداء سوى صياغة الكلمات وبثها بين الناس لكي تمارس دورها التدميري الفعال.

وأمتنا تفعل بها الكلمات ما تشاء من الخرابات والإتلافات المتنوعة، وسُخرت لهذا الغرض أقلام كبيرة سقطت في مستنقعات الغفلة، وتوهمت بأنها تقوم بواجب نبيل، وهي المُسخرة لأغراض خفية، ومسوقة بآليات تعميها عن النظر الواضح، فتتحرك كالدمى وتؤدي وظائف لو وعتها لأجهزت على نفسها.

وتجد المواقع الإعلامية تعج بالأقلام القاذفة للكلمات القاتلة، والقاضية بإشعال الحرائق وتحويل الوجود العربي إلى دخان لتزداد الأبصار عماءً، وتفقد الخطوات مواضعها، ويفنى البشر بالبشر، وهو في غثيان من شدة سكره بالكلمات المحقونة في رأسه المثمول بالضلال والبهتان.

فلننتبه للكلمات وإستعمالاتها، ونتعلم كيف نصوغ العبارات الإيجابية، الحاثة على البناء والتفاؤل والقدرة على صناعة الحياة الحرة الكريمة.

وعلينا أن نعزز ما نذهب إليه بمختارات مشرقة من مسيرة الأمة الحضارية، بدلا من التركيز على بطولات الدم وإشاعة ثقافة التوحش والإفتراس، وفرض قوانين الغاب الشرس الفتاك.

إن الأمة بخير عندما تكون الكلمة الطيبة نبراس وجودها وبوصلة مسيرها، وعندما تتوفر لديها مناعة كافية ضد الكلام الخبيث الساعي إلى إنثلامها.

فهل سترعوي الأقلام وتتبصر الأفهام؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

لم يكن عام ١٩٤٨عام نهبت فيه العصابات الصهيونية أرض فلسطين من أصحابها الشرعيين فقط، بل لقد أثبت افراد هذه العصابات بأنهم لصوص بامتياز عندما قاموا بعد ارتكاب مجازرهم بنهب كل ما طالته أيديهم من ممتلكات منقولة للفلسطينيين، وقد صرح حينها رئيس حكومة دولة الاحتلال المؤقت (دافيد بن غوريون) خلال جلسة مقر ماباي بتاريخ ٢٤/ تموز ٤٨ قائلا (اتضح أن غالبية اليهود حرامية). كما وساذكر ما حصل بعد مجزرة اللد حينما جمع قائد كتيبة (يفتاح) التابعة لعصابة (البلماح) في ١٤/تموز أعضاء كتيبته في غابة (شيمن) ووبخهم على نهب مدينة اللد، وكتب حينها (بدأت بعض عناصر وحداتنا بسرقة ونهب الممتلكات التي خلفها الفلسطينيون).

وقد اشترك حينها بعمليات النهب سكان كيبوتسات وأفراد عصابات الهاجاناه وشتيرن وإرغون، عناصر شرطة، جنود ومؤسسات تابعة للدولة. وأكبر مثالين على عمليات النهب ما تم بعد مجزرة دير ياسين ومجزرة اللد. ثم بعد ذلك أصبح امر النهب متداولا وعلنيا في بقية المجازر.

ونحن بهذا لا نتبلى على اليهود ولا نقول ما ليس فيهم، إنما قلنا ما قلناه استنادا لما تناوله المؤرخ اليهودي(آدم راز) بشأن هذه العمليات وأقصد عمليات النهب التي حدثت عام ١٩٤٨. وقد ذكر راز في كتابه أن الجزء الأكبر من قيادة حزب ماباي أيدت النهب باعتباره خطوة حتمية لتهجير الفلسطينيين من بيوتهم وأراضيهم. وذكر أيضا أن الجنود اليهود الذين وقفوا على الحواجز التي وضعت على مخارج مدينة اللد عام ٤٨ قد استولوا على أموال ومجوهرات المهجرين. وقد كان جنود كتيبة يفتاح قد تلقوا أوامر بتجريد الفلسطينيين من كل شيء قد يبدو ثمينا كساعات اليد والمجوهرات والنقود وأي ممتلكات ثمينة أخرى.

واليوم في الحرب على غزة ٢٠٢٣- ٢٠٢٤ نجد جيش الاحتلال بالإضافة إلى ارتكابهم للمجازر بحق المدنيين وقصف العمارات السكنية والمنازل يقومون بعمليات النهب سائرين على درب أسلافهم من العصابات. فقد تمت عمليات سرقة ممنهجة لأموال وممتلكات أهل غزة. ونستدل هنا لما أشارت إليه صحيفة ايديعوت أحرونوت العبرية (أنه منذ بداية الاجتياح البري لقطاع غزة استولى الجيش على ٥ ملايين شيكل تم تحويلها إلى القسم المالي بوزارة الدفاع). كما أشارت أن الأموال المصادرة تشمل عملات أميركية وأردنية وعراقية وغيرها. بالإضافة إلى الاستيلاء على ممتلكات وحاجيات أخرى.

فالعدو لا يكتفي بالتدمير والقتل وسرقة الآباء والأمهات وإنما يسرق كل شيء ويسطو على كل ما هو ليس له، وهذا نهجهم الذي لم تغيره السنون.

***

بديعة النعيمي

 

لا يوجد حزب لم بلد مستبدا، فغاية تأليف الأحزاب تحقيق نوازع النفس المتطلعة للإستبداد. الأحزاب تضع لها أهدافا للتمويه على دوافعها المطمورة، وما أن تحين الفرصة حتى ينفلت ما فيها من الجشع والإستحواذ الذي تتوج لتحقيقه فرد قد برز فيها، وتمكن من القوة والسطوة، فيتحول الحزب لعبة في يديه.

أحزاب الدنيا تلد مستبديها، وبهم تتألق وتنتهي وكأنها أدت دورها ورسالتها.

الأحزاب بأنواعها، ومهما إدّعت بأدبياتها وشعاراتها، غايتها الوصول إلى سوح الإستبداد والتفرد بالسلطة والإستحواذ على مقدرات البلاد والعباد.

فعندما نقرن كلمة حزب بأي مسمى، نمنحه الضوء الأخضر للوصول إلى ميادين الإستبداد.

فالأحزاب ذات عقائد والعقائد ديدنها الإستبداد، فلا توجد عقيدة ترضى بغيرها، أو تتآلف معها، العقائد غابية الطباع همجية التفاعلات.

فالعقائد الدينية تتماحق، والحزبية والمذهبية، ولن تهدأ مسيرات الإقتتال بينها، ما دامت تمتلك القدرات اللازمة لتسويغ إنفلات النفس الأمّارة بالسوء، وتبرير مآثمها وخطاياها وتجريد الفاعل من المسؤولية.

والأحزاب في فضاءات الديمقراطية وغيرها، يمكنها أن تصنع مستبدا من بينها، والأمثلة واضحة في أوربا ودول أخرى، أنجبت صناديق الإنتخابات فيها رموزا تسببت بخسائر حضارية فادحة.

وهذه النتائج المأساوية لمسيرات الأحزاب، تستدعي قوة دستورية تمنع جماحها، وتحد من سلطاتها، وترسم خطوطا حمراء لتفاعلاتها، إن تجاوزتها فعليها أن تدفع ثمنا باهضا.

وحتى في المجتمعات الدستورية النظام والكيان، تتحقق ولادات قيصرية لرموز إستبدادية من رحم أحزابها، لكن إرادة الدستور تتصدى لها وتقيد سلوكها، وفي بعض الأحيان تنقاد الأحزاب وراء المستبد المولود فتقضي على وجودها.

وفي المجتمعات التي يفقد الدستور فيها دوره وفعاليته، تكون الأحزاب ذات نشاط تناسلي لإنجاب المستبدين الفاعلين في حياتها.

فلا يمكن لهذه المجتمعات أن تتصور الحياة من غير مستبد فاعل فيها، وقابض على مصيرها، ومتحكم بأيامها بالقهر بالحاجات،  فهل من تأديب للأحزاب؟!!.

***

د. صادق السامرائي

14\2\2021

 

في كل يوم أسأل نفسي: ماذا ستكتب؟ وهل المطلوب منك أن تُصيب القراء الأعزاء بالكآبة والضجر وأنت تلاحق أخبار النواب " الأكارم "، وتحاول اصطياد الموضوعات من ماء السياسة العكر؟. ولهذا تجدني أحيانا أستبدل حديث السياسة بأحاديث عن الكتب والثقافة،

وكنت أنوي أن أكتب لكم عن أحد مؤلفات الفيلسوف السلوفيني سلافي جيجك والكتاب بعنوان " تراجيديا في البداية، هزلية في النهاية " وهو اسم يحيلنا بالتاكيد بما يجري في بلاد الرافدين، يحاول السيد جيجك في كتابه أن يكشف عن وجهين للسياسة " وجه تراجيدي وآخر هزلي " وصاحبنا السلوفاني الذي كان يعيش ضمن حدود جمهورية يوغسلافيا، قبل أن تتحول إلى أكثر من ثماني جمهوريات، يحاول أن يذكرنا بزعيم يوغسلافيا جوزيف تيتو، الميكانيكي الذي أصبح واحداً من أهم شخصيات القرن العشرين. والرجل الذي تجرأ على الاختلاف مع ستالين يوم قال له : لماذا تريد جيشاً يوغسلافيا قوياً؟ نحن جيشك. ليجيب تيتو: شيئان لا يمكن استيرادهما، الوطنية والجيش. الآن يريد البعض أن يسخر من الجيش العراقي والتقليل من اهميته، وقد تكررت في السنوات ظاهرة لا وجود لها إلا في هذه البلاد المغرقة في الخطابات والشعارات، تتلخص في محاولة البعض الإساءة للجيش أو محاولة التقليل من أهميته، والإصرار على جعله رقماً فائضاً في معادلة الاستقرار .

سيقول البعض مالك يارجل بدأت بالبحث عن موضوع، وانتهيت بشعارات عن المواطنة والجيش؟ ماذا أفعل يا سادة، لابد من العثور على موضوع، يبعد عني ملاحقات بعض الذين يعتقدون أنني عميل لج، وأنني المسؤول عن ضياع عشرات المليارات وتخريب تجربتنا الديمقراطية الرائدة.

ياسادة كم هي صغيرة همومنا أن نعثر على ديمقراطية حقيقية لا مكان فيها للمحسوبيات، سيرد البعض حتماً؛ لماذا تريد أن تنكر أننا بلد ديمقراطي من الطراز الأول ألم تقرأ تصريح السيد رئيس المحكمة الاتحادية وهو يعلنها صريحة أننا أفضل نموذج ديمقراطي في العالم؟. فعلاً ياسادة والدلائل كثيرة، يكفي منها أن يسمح لمثنى السامرائي بأن يصبح عضواً في لجنة النزاهة البرلمانية، وأن يصر البعض على إسدال الستار على سرقة القرن لصاحبها "المدلل" نور زهير .

الحقيقة أنني لم أكن أريد الحديث في السياسة، لكن ماذا أفعل والبعض لايريد لنا أن نغادر عصر "المهزلة السياسية"، بدليل أن الكثير من النواب يصرون على عودة محمود المشهداني للاستفادة من الخبرات " العظيمة " في ادارة مجلس النواب والحصول على "المالات".

***

علي حسين

 

يمتد الاستيطان الصهيوني على أرض فلسطين التاريخية منذ الربع الأخير من القرن التاسع عشر مرورا بفترة الانتداب البريطاني وصولا إلى هذا اليوم.

وقد شدد القائمون على هذا المشروع على العلاقة بين الشعب والأرض،لأن تأكيد هذه العلاقة عند المهاجرين اليهود كانت ذات أهمية بالغة لنجاح المشروع الصهيوني. فعندما اشترى أثرياء اليهود أمثال (موشيه منتفيوري والبارون روتشيلد) أخصب أراضي فلسطين مثل مرج ابن عامر من عائلة سرسق اللبنانية ،أطلقوا على عملية الشراء تخليص الأرض.بمعنى أن هذه الأرض كانت لهم واليوم استرجعوها ،فأضفوا عليها المعنى الديني الوارد في تلاميدهم وتوراتهم. بالإضافة إلى منح هذه العملية البعد القومي.

وحتى تقوى صلة هذا الشعب المستورد من شتات الأرض بأرض فلسطين اتبعت سياسية تغيير هوية الأرض،فبدأت بمحو أسماء القرى العربية واستبدالها بمسميات وردت في كتبهم آنفة الذكر. لكن مساعي الحركة الصهيونية بتهويد فلسطين ارتطمت بوجود الشعب الفلسطيني المتجذر في أرضه منذ آلاف السنين. فما كان من القائمين على الحركة إلا أن بدأوا بتزييف الحقائق بهدف إقصاء أصحاب الأرض عن دائرة أرضهم وقطع أي صلة لهم بها، فقالوا أن الشعب الفلسطيني شعب جاء من الجزيرة العربية ومصر وغيرها وأن لا صلة لهم بهذه الأرض.

لكن ما هي الأهداف من وراء عملية الاستيطان؟

إن للاستيطان على أرض فلسطين عدة أهداف ،منها أهداف أمنية تهدف إلى توفير حزام حول المدينة المحتلة من هجمات الفلسطينيين. وأهداف ديمغرافية حيث أن بناء المستوطنات يهدف إلى استيعاب أكبر عدد من السكان اليهود وفي المقابل عدد أقل من السكان العرب. وأهداف دينية وذلك من خلال طمس المعالم الإسلامية بما فيها هدم المسجد الأقصى وقبة الصخرة ثم إقامة الهيكل الثالث. بالإضافة إلى أهداف سياسية واقتصادية.

ويعد بناء المستوطنات كما جاء في القانون الدولي خرقا للقانون الدولي والمواثيق الدولية والقانون الدولي الإنساني في الحرب والسلم وخرقا لحقوق الإنسان المتعارف عليها بموجب القانون الدولي.

فعلى سبيل المثال لا الحصر لنأخذ مستوطنة ( معاليه أدوميم) وهي مستوطنة يهودية في الضفة الغربية مقامة على أجزاء كبيرة من أراضي بلدتي العيزرية وأبو ديس الفلسطينيتين وتقع على بعد ٧ كم شرق مدينة القدس. فقد نشرت منظمة (بتسيلم) في عام ١٩٩٩ تقرير (منحدر الضم) الذي تركز في انتهاكات حقوق الإنسان الناتجة عن (معاليه أدوميم) وتوسيعها ،وتركز التقرير في طرد العرب البدو من قبيلة الجهالين، بالرغم من هذا التقرير إلا أن دولة الاحتلال قد زادت تبجحا فقررت إقامة جدار فاصل ومترابط بغرض الدفاع عن السكان المستوطنين من الفلسطينيين بعد اندلاع الانتفاضة الثانية عام ٢٠٠٠. والجدير بالذكر أن الجدار الفاصل يمر في غالبيته داخل الضفة الغربية وليس على الخط الأخضر. ومن المفترض بالمسار المقرر في منطقة (معاليه أدوميم) أن يبقيها والمستوطنات الصغيرة المحاذية لها( كفار أدوميم، أكيدار،نوفي برات،وألون) في الجانب اليهودي العازل من خلال تقطيع أوصال الضفة الغربية وصنع فاصل بين قسمها الجنوبي والشمالي وبالتالي عزلهما وإضعافهما.

واليوم وتزامنا مع الحرب على غزة ٢٠٢٣_٢٠٢٤ نجد دولة الاحتلال تكثف من عمليات البناء بجنون لزيادة عدد المستوطنات العشوائية والطرق المؤدية إليها بشكل غير مسبوق في الضفة الغربية ،وذلك استنادا إلى تقرير جديد نشرته منظمة ( السلام الآن) العبرية حيث قالت المنظمة أن الحرب المستمرة منذ ٣ أشهر يستغلها مستوطنون لتثبيت حالة أمر واقع على الأرض وبالتالي السيطرة على مساحات أكبر من المنطقة. وكأن هذه الدولة باتت تعاني من متلازمة الاستيطان مع شعورها باقتراب خطر النهاية.

***

بديعة النعيمي

ليس من الغريب أن تتحول العلاقات الاجتماعية في مجتمعنا الى علاقات إلكترونية تماشيا" مع التطورالعلمي من خلال إجتياح الثورة المعلوماتية للعالم عن طريق الشبكة العنكبوتية في عصر العولمة والتكنولوجيا الرقمية للحاجة الماسة اليها بعد أن جعلت الكرة الأرضية برمتها كقرية صغيرة لسرعة نقل الاخبار والتواصل من خلال الأجهزة الذكية التي باتت من سمات العصرنة والعولمة وأصبحت ضرورة ملحة لتسهيل متطلبات الحياة اليومية كحضارة الكترونية مثل الحكومة الالكترونية والتعليم الإلكتروني والتجارة الإلكترونية والخدمات الالكترونية وأخشى أن نشهد الزواج الإلكتروني في زمن التحديات والمفاجآت .

لذلك بدأنا نعيش في مجتمعين متناقضين الى حد ما مجتمع إفتراضي من خلال شبكات الانترنيت ووسائل التواصل التي تتجاوز كل الحدود الزمانية والمكانية باعتباره ضربا" من الخيال بعيدا" عن الواقع ومجتمع واقعي حقيقي ليصيب البعض بإنفصام في الشخصية بتولد شخصيتين متناقضتين في جسد واحد مما يؤثر سلبا"على حياته وسلوكه اليومي داخل الاسرة والمجتمع والتي كانت تتسم بالبساطة وصفو النيات وطيبة القلب وحلاوة المعشر والتزاور والتعاون والتآلف والمحبة والتكافل الإجتماعي بين العوائل والعلاقات العاطفية الودية التي باتت غريبة في العالم السيبراني الافتراضي.

ناهيك عن المشاكل الناتجة بسبب بعض المنشورات التي تحمل في طياتها رسالة يحقق من خلالها الناشر مبتغاه دون النظر الى الكم من التعليقات والإعجابات حيث يتفاعل كل متابع معها حسب قناعته وثقافته ويدلي بدلوه سلبا"أو أيجابا" وقدتوٌلد حالة من الحسد والضغينة بين المتابعين وفي حالات نادرة قد تصل الى النزاع والمحاكم في الوقت الذي لا ناقة له فيها ولاجمل والأدهى من كل ذلك موضوعة التهديد الأخلاقي والإبتزاز المادي الذي بدأ ينخر جسد الاسرة العراقية لسوء استخدام أجهزة الهاتف النقال والهدف الذي من أجله وجدت بغض النظر عن الجرائم الالكترونية التي باتت ظاهرة مشينة ما أنزل الله بها من سلطان .

فهل لنا أن نحافظ على ثقافتنا وتراثنا وحضارتنا وعاداتنا وتقاليدنا التي ورثناها عن الآباء والأجداد وعلاقاتنا الإجتماعية التي جبلنا عليها من خلال التوازن بين الأصالة والحداثة في التعامل مع الأمور الحياتية الضرورية بكل حيادية دون أن ننزلق في متاهات ومغريات الحياة الفانية والتي أضحت في متناول الجميع صغارا"وكبارا"بلا رقيب من خلال الشاشة الزرقاء ومواقع التواصل الإجتماعي وليكون الضمير هو الفيصل في التعامل معها حفاظا"على النسيج الإجتماعي والسلم المجتمعي .

***

حسن شنكالي

تؤكد بعض فقرات مذكرات هنري كيسنجر، أن الهدف الحقيقي من الحرب على العراق عام 2003 كان السيطرة التاريخية والروحية عليه.. والتي ستكون مقدمة لضمان السيطرة على عموم منطقة الشرق الأوسط.

 الضرب على وتر الدين والفكرة الطائفية، كان أهم وسيلة لبدء الحرب في الشرق الأوسط.. ولتكون سبباً في تقسيم المقسم والبدء بعملية الصراع الدامي فيه، ومن هنا جاءت فكرة اختيار العراق، لما يمتلكه من عناصر ومقومات الصراع بالإضافة للموقع الجغرافي المجاور لإيران والسعودية، واللتان تعدان من أهم الدول من حيث اثرهما في المنطقة وتأثيرهما على مجريات الاحداث فيها، وهو ما يعد حافزاً لعملية التقسيم الطائفي، إلى جانب الأسباب الأخرى المكملة والداعمة كوجود القوميات والمذاهب والتي تعد أهم الأسباب الداعمة لهذا الصراع .

عمل البيت الأبيض وطوال سنين لإضعاف العراق إقتصاديا، فخلق حروبا مصطنعة ساهمت كثيراً في إضعافه سياسياً..الأمر الذي جعله يبدو هشا فسقط أمام أول عاصفة شنتها الدبابات الأمريكية عام 2003 وبدون مقاومة تذكر من جيش يُعد من أقوى الجيوش في المنطقة العربية.

 حينها سعت الولايات المتحدة لأقناع المعارضة العراقية في الخارج، بضرورة إسقاط النظام وإنهاء وجوده، ولولا وعي التيارات السياسية في كشف النوايا الأمريكية لكانت تدور في رحى الاحتلال ليومنا هذا.

 نظام صدام نفسه كان له الدور الكبير والمهم في إسقاط البلاد بيد الأمريكان، فقد ساهم هذا النظام بتصفية المعارضين للولايات المتحدة، وما جاء بعدها من حرب تدميرية مع إيران راح ضحيتها أكثر من مليون قتيل، وحماقته بإحتلال الكويت والبدء بعملية حصار خانقة للشعب العراقي، كانت كلها  حججا من أجل تجويعه وإذلاله لاجتياحه واحتلاله، فأصبح العراق ومنذ عام 2003 ساحة حرب وصراع مكشوفة.

الخطوة الاخيرة كانت إدامة وتأجيج الصراع الطائفي ليكون بداية للسيطرة على عموم المنطقة، وتحويله إلى أرض للخراب والدمار والظلام ، تمهيداً للسيطرة على باقي دول المنطقة.

السياسة الأمريكية يمكن تلخصيها بإبقاء الوضع منقسم طائفياً فيكون تحت السيطرة، وهذا ما حصل فعلاً من تقسيمات طائفية وقومية في بنية الحكومات المتعاقبة بعد سقوط النظام، وتوزيع المناصب على أساس هذا التقسيم، إلى جانب سعي الأمريكان إلى تقسيم المناطق على نفس الأساس المذهبي والقومي، ودعم الأكراد قومياً وعندها تكون كركوك نقطة الخلاف بين العرب والأكراد.

 لم يعد خافياً أيضا أن واشنطن سعت بكل وسائلها لتضخيم دور إيران إعلاميا، لإخافة الدول العربية ودفعها إلى الصراع على أرض العراق وهذا ما تحقق فعلاً، وهي سائرة في تنفيذ مخططها بدقة، وما السفارة الأمريكية في الخضراء والتي تعد أكبر سفارة في العالم إلا دليل واضح على نواياها ورغبتها بالبقاء في الشرق الأوسط وتحديداً قبله العراق .

***

محمد حسن الساعدي

 

لم تكن سلام خياط التي رحلت عن عالمنا صباح أمس تُدرك أن حياتها التي كانت ضاجة بالأحلام والأمنيات والكتب والقصص والأشعار ستنتهي على سرير في دار للمسنين بلندن، وأن البلاد التي تغنت بحروف اسمها تستكثر عليها راتباً يحفظ لها حياة كريمة في الغربة، بدلاً من المعونات التي كانت تخصصها لها دائرة الإعانة في بريطانيا.

هل يمكنك عزيزي القارئ أن تصدق أن السيدة التي خدمت نصف قرن في مجال المحاماة ومثلها أو أكثر في مهنة الصحافة، عجزت أن تحصل على راتب تقاعدي في سنواتها الأخيرة، في الوقت الذي تمنح الملايين لنواب لاهم لهم في الحياة سوى التقليل من شأن العراق .

سلام خياط ساحرة الكلمة صاحبة الأسلوب المكثف والمرصع بجواهر اللغة، وروح الحياة ونضارة العبارة ودقة الرؤية والموقف الوطني الرصين ، كنت كلما أعثر على كتاب من كتبها النادرة الموضوعات، أتذكر عمودها "السطور الأخيرة" الذي كانت تنشره في صحيفة الجمهورية قبل أكثر من أربعين عاماً، ثم حطت به في صحيفة (المدى) ، ليُصبح علامة متميزة لفن الكتابة الصحفية، كتابة لا ثمن لها ولا مثيل .مقالات مكتوبة بمهارة وحرفية لا تقل إطلاقاً عن قدرت كاتبتها في طرح القضايا الوطنية بعمق وثقافة.

سلام خياط كانت مغرمة بما تكتب، تعتقد أن الكلمة والموقف سيصنعان بلداً يكون ملكاً للجميع، ومجتمعاً آمناً لا تقيد حركته خطب وشعارات ثورية، ولا يحرس استقراره ساسة يتربصون به كل ليلة.. عاشت أسيرة لأفكارها وأحلامها متنقلة بين الحديث عن الثقافة والفنون وبين التأسي على حال الوطن، مدركة أن الجهل لا يصنع مستقبل، وأن لعبة الديمقراطية الزائفة ستؤدي بالعراق إلى المجهول محذرة في واحدة من سطورها الأخيرة من أن: "الغرير وحده من تبهره الحملات الانتخابية المستعرة، فالأموال الطائلة المرصودة، لا تدفع عبثاً، ولا لخاطر المرشح شخصياً، ولا تحسباً لنافلة، ولا لمرضاة الله! من يدفع فلساً، يرتجي استعادة المبلغ أضعافاً مضاعفة فيما لو تحقق الفوز.. إنه موسم البذار بانتظار مواسم حصاد وفير يمتد لسنوات أربع".

لم يقرأ أحد من مسؤولينا "الأكارم" شكواها التي سطرتها في سطورها الخيرة عام 2018 تشكو ظلم البلاد لها: "وجدت البارحة بين بريدي، رسالة من دائرة الإعانة، يخبروني فيها أن راتب الرعاية الاجتماعية قد زيد بمقدار ستة باوندات إسبوعياً لمواجهة التضخم.. إنهمرت دموعي رغماً عني، إذ تذكرت مراجعاتي العديدة لنقابة المحامين ببغداد، ألتمس راتباً تقاعدياً بعد حوالي نصف قرن (ممارسة فعلية وانتساباً) للنقابة، أحمل خيبتي، ألملم حاجياتي، وأقدم موعد عودتي لبلاد الإفرنج. من يوقف حزن العراقي وهو يعامل في وطنه كالغريب، ويحاط بالإنصاف والعدالة في بلاد الغرباء؟ " .

***

علي حسين

احتضار الخدمة المدنية في عهد البشير وموتها في عهد البرهان

إن من العبث الذي ليس إلى وصفه سبيل، إقناع تلك الجموع المستهترة من قبيلة الموظفين الذين يعتقدون أن الهيئات والمؤسسات الحكومية التي شيدتها الدولة إنما نصبتها رعاية لمصالحهم، وأقامتها حرصاً على منفعتهم، لأجل ذلك نراهم يتصرفون فيها كما يتصرف المرء في تالده وطريفه، نبصر من استطالوا عجباً، وترفعوا كبراً، يذيقون الناس ضروب المحن، وألوان الفتن، حتى صار الرجاء الباسم العريض أن يقضي الرجل بغيته التي من أجلها قدم إلى هذه الدواوين في عدة أيام رغم أنها لا تتطلب سوى لحظات لإنجازها، ما تفسير هذه الظواهر التي تعجز عن فهمها العقول؟ ولماذا صار الناس لا يجدون حباً ولا هيامًا، ولا يحسون عشقاً ولا غرامًا تجاه الخدمة المدنية، التي كانت تصطنع الدقة، وتحرص على رضاء الناس؟ ما هي الأسباب التي جعلت السواد الأعظم من الموظفين، لا يظهرون المودة وحسن الاستعداد، لتوثيق الصلات بينهم وبين المواطن، الذي يعجز عن حصر الآثام التي تُقترف، والسيئات التي تُجترح في حقه، حينما يدلف لتلك المباني التي يرفرف فوق ساريتها علم الدولة؟ إن من العدل الذي لا حيف فيه، أن نلتفت إلى القول الذي لا يثير الريب، أو يدفع إلي الشك، ذلك القول الذي يذهب إلى أن الخدمة المدنية قبل بزوغ نجم الإنقاذ كانت واضحة مستقيمة لا عوج فيها ولا التواء، نريد من سادتنا الآن بعد أن مضت الإنقاذ إلى غير رجعة في سفور وجلاء، أن يمحقوا هذا القول، ويبطلوا هذا الزعم، ويستأنفوا السعي للسيطرة على الخدمة المدنية، التي تسير بلا هدى ولا نظام، نريد منها أن تستأصل شأفة هذه الأصنام التي تخال أنها أقوى من أن تغالب، وأصلب عوداً من أن تحطم، نريدها أن تشاهد خيبة الأمل، ومرارة الخذلان، التي يكابدها هذا الشعب حينما يهدر وقته في تلك المرافق، ليعود وقد انحدرت الشمس إلى الغروب شاحباً كاسفًا، نريد من حكومتنا المشبل-إن صح أن لنا حكومة في ظل هذه الحرب، فنحن لا نرى منها غير أطياف- نريد من أرباب الحكم والتشريع أن يقفوا عند الخدمة المدنية ويطيلوا الوقوف، وينظروا لها بعين فاحصة وينعموا النظر، حتى يزيلوا عنها كل ما يحزن، ويدرؤ عنها كل ما يسوء، فهم إن فعلوا ذلك صانوا مصالحها من العبث، وعصموا منافعها من الضياع، ورفعوا عن كاهل هذا الشعب الصابر على عرك الشدائد، معضلة يسعى إليه الضنى فيها من كل وجه، ويهجم عليه الكدر فيها من كل سبيل.

لعل الحقيقة التي لا يرقى إليها شك، والواقع الذي لا تسومه مبالغة، أن الأمر الذي يثير حفيظة السودانيون، ويتغلغل في حناياهم الطيبة المتسامحة، أن الإنقاذ والأنظمة التي تعاقبت على سدة الحكم من بعدها،والتي  كان تريد الإصلاح فتسىء، وتقصد الهداية فتضل، لم تتهيأ كل تلك الأنظمة بعد بالقدر الكافي الذي يبث الطمأنينة في النفوس، لمحاربة سلطان الفوضى الذي يعم البلاد، فهي لم تخاصم كل موظف فاسد على ما أتى من مخازٍ، ولم تلجم كل مرتشٍ ضال فيما تورط من شرور، ينبغي -لحكومة الحرب وما بعد الحرب- أن تبلغ الكمال، وتحقق الآمال، في تقدير كرامة هذه الأمة، ومراعاة حرمتها، وأن تتمعن في فلسفة الامتعاض الذي أخذ بخناق هذا الشعب، على حكومة البرهان وما بعد البرهان أن تستمع بكلتا أذنيها لأصداء السخط والتبرم من صحة تعتل، وتعليم يختل، واقتصاد يفنى.

***

د. الطيب النقر

الحكومات العراقية المتتالية منذ العام 2003 م وهي تتمسك ببقاء القوات الامريكية  بحجة التدريب على الاسلحة المختلفة ومقاومة تنظيم الدولة، ترى هل يعقل هذا الكلام؟ العراق في يوم من الايام كنا نعده الاقوى عربيا تسليحا وعددا، وكنا نذهب اليه لأجل التدريب العسكري والانضباطية، سقط النظام امر واقع ولكن ان يسقط الجيش فهذا لا يمكن تصديقه، نعم قام بريمر الحاكم العسكري للعراق بحل الجيش ولكن هل يعقل ان كل الجيش تم تسريحه بحجة ايديولوجيته وفكره العروبي او البعثي او الشعبوي سمّوه ما شئتم؟، ثم لو ذهبنا الى ان الجيش تم تسريحه ،ما الذي جعل الحكومات المتعاقبة تعجز عن بناء جيش وطني قوي على مدى عقدين من الزمن؟ والسؤال الاهم هل هي فعلا جادة في بناء جيش وطني يحمي البلاد مخاطر  التدخل الاجنبي؟.

تنظيم الدولة ندرك انه صنيعة امريكية صرفة (لم يكن موجودا بالمنطقة قبل 11 سبتمبر 2001) لأجل بث الفتنة بين مكونات شعوب المنطقة  وتدمير مكتسباتها ونهب خيراتها ،هل يعقل ان تنظيما حديث التكوين استطاع ان يسيطر على نصف العراق في لمح البصر؟ وينهب الاموال الطائلة من بعض البنوك؟ أ لم يمددكم الأمريكان بمختلف انواع الاسلحة والذخائر نظير الاموال الهائلة بالخزينة العراقية او الاموال التي تم تجميدها ببنوك امريكا والغرب عقب احتلاله؟

العراق اليوم منتهك السيادة ومسلوب الارادة،التطاحن على السلطة ادى الى شراء الذمم واهدار المال العام، الاكراد على وشك اعلان دولتهم المستقلة فهم يتعاقدون مع من يريدون من الشركات الاجنبية لبناء الاقليم ويوجهون الدعوات لأفراد وجماعات ينبذها الشعب العراقي ويحرم بل يجرم القانون العراقي التعامل معها وبالأخص الصهاينة افرادا وكيانات (شركات). نهرا دجلة والفرات يتم التحكم فيهما من قبل العثمانيون الجدد، ولا تحرك الحكومات العراقية المتعاقبة ساكنا بل تكتفي في افضل الاحوال بالإدانة والشجب والاستنكار واللجوء الى المجتمع الدولي.

مع تضييق الخناق على الغزاويين. تتبنى بعض الفصائل المسلحة العراقية الهجمات على القواعد الامريكية بالعراق، كيف يحدث ذلك؟ فصائل تتبع الحكومة وقواعد اجنبية متواجدة بالبلد وفق التشريعات النافذة أي اتفاقيات وعقود .

هل يعني ذلك ان الحكومات المتعاقبة وهذه الحكومة بالذات مجبرة على التعامل مع الامريكان والبقاء على قواتهم وقواعدهم بها، لأنها ان لم تفعل ذلك فستعمل امريكا على سحب البساط من تحت ارجلها؟ ولذلك فهي مضطرة للتغاضي عن اعمال تلك الفصائل والتظاهر امام امريكا بعدم قدرتها على لجمها، علّ تلك الهجمات تؤرق مضاجع الامريكان وتستنزفهم وتؤدي الى رحيلهم، ام انها لعبة تقودها الحكومة بالتفاهم مع الامريكان للظهور امام الشعب العراقي الابي الرافض للوجود الاجنبي والامريكي على وجه الخصوص بانها وطنية لامتصاص غضب الشعب؟

المؤكد ان الامور ستنجلي قريبا، وسيكون للشعب العراقي موقفه المشرف والثابت بشان الاستقلال وعدم التبعية بالانتخابات المقبلة، ويضع حدا لسياسة الفساد والانبطاح اللامتناهي.

***

ميلاد عمر المزوغي

 

معضلة الأمة الشرسة، أن ذباب الكراسي بأنواعه، قد أوهم الجالسين على كراسي الفردية والإستبداد، والذين يمسكون بسوط السلطة، وينوبون عن ربهم الذي يوهمون الناس بأنهم يعبدونه، بأن العلم بدعة، ويتعارض مع الدين، ويحرر العقول من إرادة التبعية والخنوع، ولابد من إستعمال الدين كبضاعة للتضليل والخداع والتنكيل، ولصق تهم التكفير والزندقة بأي عقل رشيد.

وبموجب إرادة الحكم بتعطيل العقول، تعرض معظم أعلام الأمة عبر مسيرتها إلى أقسى التفاعلات السلبية، ومنهم من أصابه الذل والهوان والتنكيل الشديد، وحتى القتل.

ولا يزال المؤدينون يرون أن من ضرورات الهيمنة بالدين أن يعم الجهل والأمية، ويفقد الناس عقولهم، ويحرم عليهم التفكير والسؤال.

ومن الشواهد الواضحة أن مراكز العبادة ما عادت مواطن تنوير وتثقيف وتعليم، فهمها التجييش الإنفعالي والتأجيج العاطفي العمياوي اللازم لنشر الكراهية والعدوانية بين أبناء الدين الواحد، وكل يدّعي ما يراه الحق المبين، وغيره من أعداء الدين.

فكيف نفسر كثرة العمائم ومراكز العبادة وإرتفاع نسب الأمية؟

المؤدينون بحاجة لمعشر من الجهلاء ليكرسوا إستعبادهم لهم، وتمتعهم بمميزات المعرفة والإستعلاء وفرض الأمر المطاع.

وإياك، إياك أن تسائل أو تحاجج مؤدينا، فسيعتبرك من أعدائه الساخطين، وربما سيفتي بإجتثاثك من الحياة لأنك تعارض وجهة نظره فهو الممثل لرب العالمين.

هذا من أهم عوامل إستنقاع الأمة بالجهل والأمية وإهانتها للعقل ومنعها للتفكير الحر، وإمعانها بالإندساس في الماضيات ورفعها إلى مقام مطلق، وبأن الأجيال غير قادرة على الإتيان بما جاء به الأولون، فالأجيال الحاضرة في عرفهم متخلفة وبعيدة عن الحياة، وعليها أن تفكر بالموت وتسعى إليه، فالحياة لا تساوي شيئا.

فالخطابات موتية والنشاطات تخريبية وعدوانية، وينبوع أحقاد وكراهية، فالدين تحول لسلاح ضد الحرية والإرادة العقلية الإبتكارية المعاصرة.

وهم الذين يتمتعون بمبتكرات العقول الكافرة!!

وتأملوا نسبة الفتاوى المتعاوية على مرّ العصور وستجدونها سائدة وقائدة!!

***

د. صادق السامرائي

 

الماء يُغطي اربعة اخماس الكره الأرضية وهو اساس تركيب الاجسام الحية/ من الماء كل شيء حي والماء الوسط الذي تجري فيه وبه كل الفعاليات الكيمياوية في اجسام الكائنات الحية وهو يضم/ يحوي خزين هائل من الحياة المتنوعة ولا توجد يابسه خاليه منه حتى الصحارى.

الطفولة عماد الحياة ومستقبلها والحافظة للثوابت والمتغيرات الوراثية والناقلة لها والدامجة اصولها وفروعها وطفراتها وهي الجيل القادم لكل جيل فلا يوجد جيل خالي منها.

الثوار هم شُعلة الحياة وبُناتُها والمحافظين عليها والمضحين في سبيلها ولا توجد بقعه ارض خاليه من الثوار او اثارهم.

الماء تكّون ويتكون من اتحاد عنصرين مهمين هما الهيدروجين المتفجر وحامل الطاقة الهائلة ومشعل النيران والاوكسجين الاساسي للحياة واللازم لأي اشتعال. والطفل نتج من اتحاد او اندماج حيمن ذكري واحد من مليون حيمن... وهو الأكثر هيجاناً/ طاقة (نسبياً) مع تلك البويضة الوحيدة الهادئة الساكنة والتي لولاها ما تم الاخصاب لأنهاواحدة في الأعم الاغلب من الحالات.

والثائر نتج عن اتحاد فكرة ثوريه تحمل طاقة الحياة وربما هائجة انتجتها الإنسانية لإيقاف الظلم والاغتصاب والتهميش أي تعديل مسار الحياة السائدة... والثوار اشخاص فاعلين محبين للحياة مضحين في سبيل حق.

الماء والطفل والثائر جاءت على ذكرها كل الكتابات القديمة منها والحديثة وكانت محور كل الفلسفات والأديان.

للماء ذكريات في كل مكان حتى التي تبدو للعيان انها خاليه منه... ذكريات حفرها في الصخور والسهول والوديان والمدن والحضارات في انسيابه او ثوراته وهياجه.

(تتوهم تصد الماي الحجار...دقق زين بيها تلكَه الاثار...الماي يذل الحديد يحوله زنجار)

الطفل حفر ذكريات طفولته في خلاياه وخلايا من عاش قريب منهم او معهم وهو مسالم بريء محب للحياة ونقائها ويشيع الفرح والبهجة في نفوس الجميع اينما حل ولكنه عندما يثور يقلب السعادة الى مأتم... وكل طفل يحمل ذكريات الطفولة مرات عديده ذكرياته وذكريات اقرانه وذكريات اطفاله عندما يكبر.

(الطفل والماي والثوار......زينه للحياة او منجم اسرار وأفكار)

والثائر انسان هادئ محب للحياة مضحي يحب الماء والاطفال ويترك ذكرياته في في جماد المكان وفي الزمان وفي النفوس...وعندما يفارقهم او يفارقونه تبقى تلك الذكريات تُعاد وتُطرح في مناسبات عديده ولكنه اذاغضب او شعر ان هناك ظلم وعسف يثور ويزلزل الارض تحت اقدام الطغاة وتهتز لثورته العروش والكروش والصولجانات والتيجان...

 (يتوهم ظلم يركب ظهور الناس...الثوار سوو حديد الظلم كوم حجار)

كم مرة بكى الثائر لوحده او امام رفاقه بكاء الاطفال وكم مره تمنى ان يكون له طفل ليتبع خطاه وكم مره شعر بالسعادة وهو يقترب من منبع ماء ليروي عطش رفاقه وكم مره تصرف الثائر كما الطفل عندما يصل مجرى نهر ليرتوي ويستحم ويتأمل وكم ثائر سقط في طريق الذهاب الى منبع الماء او مجراه او في طريق عودته وكم مره سقط وهو يحمل الماء على  ظهره ليمتزج الماء مع دمه الطاهر.

ضفاف الانهار والعيون والينابيع والسواحل تشكلت قربها وفي محيطها تجمعات حضريه. واقيمت حضارات وانتجت مدن وقيم وخدمات وثوار وأطفال. وللطفولة ضفاف بُنيتْ عليها حياة الأسر وهي أدات ربط الاجيال ومستقبل الحياة . والثائر بنى ويبني بعرقه ودمه وعمله مواقف كثيره حفرها في الحضارة البشرية سواء في حياته او مماته.

قيل عن الماء الكثير ويقال وسيقال شعرا ونثراً بوجوده او عدمه والطفل يتغنى وتغنى به الجميع وعندما يغادر الطفل طفولته سيقول فيها لمن يأتي منهم. والثائر قيل ويقال عنه الكثير بحضوره او غيابه مِمَنْ عايشه او مِمن لم يلتقيهم او يراهم والماء والطفل والثائر لهم صور راسخه في مخيلة كل انسان محب للخير والسعادة .

الماء ساحر يشعر الناظر اليه بالأمان والاطمئنان ويسمع مع حركته موسيقى يتفنن في استنتاجها او تخيلها وينقل صور سقف الكون وكل ما يتحرك فيها فوقه ويمزج الوان المحيط.

والطفل يُشْعِر الناظر اليه بالأمان والطمأنينة لما يحمله من براءة وينقل صور الغير من المحيطين به من ملامح او مشاعر او مؤثرات.

والثائر رغم تحسسه للمكان والزمان فهو يثير مشاعر الغبطة والثقة والنصر والامل في المحيط الذي يتواجد فيه ويشيع الامان بسَهَرهِ على حماية الناس والقيم ويقدم دائما المساعدة والفرح للغير رغم عذاباته وقلقه.

الماء يطفئ نيران الحرائق ونيران العطش ونيران الجفاف والطفل يطفئ نيران القلق ونيران التوحم ونيران الطلق والثائر يطفئ نيران الظلم ونيران الاستبداد.

الماء لا يموت بل يتحور/ بتحول الى حالات اخرى متحمل اوجاع ذلك خدمة للحياة فلو شعر ان الحرارة تلهب الناس وتزعجهم يمتص ما يستطيع ليتحول الى بخار لينعشهم وعندما يشعر ان الاجواء تميل للبرودة يتحول ذلك البخار الى ماء/مطر لتعم فائدته على مساحه اكبر من تلك التي كان قريب منها وعندما يشتد البرد يمتص تلك البرودة او يمنح الحياة الدفيء بان يعطي طاقه ليتحول الى ثلج/ جليد يتجمع وينتظر متحمل الوحشة والصمت ليذوب مره اخرى ليسقي ويروي وينعش وينشر الخير والحياة ويعزف معزوفات ويغذي الحياة المائية بالأوكسجين اللازم لها ويعطيها غذائها .

والطفل لا يموت لان كل يوم اوكل لحظه هناك طفل جديد ليتحول في مراحل العمر الى ان يعطي طفل جديد ليجدد الحياة وينقذها من الشيخوخة فتراه متحول متجدد ومجدد.

والثائر لا يموت فموته يودي الى تكاثر الثوار وازديادهم ويتحول الثائر من شخص عادي معتنق فكر الى صانع او مجدد للفكر فكل يوم شيء جديد واسلوب جديد...رغم الصعاب حيث ما ماتت ثوره بموت ثائر.

شح الماء يثير القلق وينشر الجوع والجفاف والمرض ويترك اثار مرعبه على الحياة وتنتشر اخبار ذلك في كل مكان ويدعوا للتفكير باستغلاله بأمثل صوره واعادة استعماله وتقنين استخداماته وابداع طرق جديده للمحافظة عليه.

وشح الطفولة يودي الى القلق العام والخاص وتبتدع طرق لإنتاج الطفولة والمحافظة عليها وتنميتها لان هذا الشُح يؤدي الى جفاف المجتمع بالشيخوخة.

وشح الثوار يثير القلق لأنه يؤدي الى تكاثر وانفلات اعداء الحياة ويؤدي الى جفاف التفكير وتشققه وشيخوخته.

الطغاة في كل العصور يحاربون الحياة ويحاولون قطع الماء عنها بتلويثه وتجفيف الانهار، وتدمير الزراعة ويحاربون الطفولة ويمنعون عنها اسباب الحياة والنمو الطبيعي ويخنقون احلامها بشكل مباشر ضد الطفل او غير مباشر ضد الماء واهل الطفل ويحاربون الثوار لانهم حماة الحياة ومجدديها وهم حماة الطفولة والمدافعين عنها وعن احلامها تلك الحرب تتم بشكل مباشر وفردي للثائر بتعذيب اطفاله او تهديده ليبتعد عنهم او بقطع سبل العيش والمعيشة.

(ما جّذب طفل لو صاحله بدار

لو مهضوم لو محروم لو مفطوم...غصب يتلوه محتار

ماكو طفل...طلع فد يوم ويه اشرار بس هوايه شفنه اطفال ثوار

الطيب يجمع طيب...طيب الطفل طيب الماي والثوار

ذك بحسن نيه وذوله بحسن نيه وقوه وإصرار).

***

عبد الرضا حمد جاسم

 

من المعروف أن البشر عبر التاريخ مارسوا أفعالا وحشية ضد بني جنسهم في حياتهم بغرض التنكيل والإذلال، لكن أحيانا ما كان يتم الانتقام من أعدائهم حتى بعد رحيلهم (بالموت). وذلك بالتسلط على قبورهم ونبشها وإخراج جثثهم لأهداف منها التشفي والانتقام والثأر لأسباب منها الصراع على الأرض وأسباب دينية بالإضافة إلى السعي لمحو أثر جريمتهم. ويرى بعض الباحثين ان لنبش القبور بعد نفسي واجتماعي في قوانين الثقافة والحرب لأي مجتمع. فكيف عندما تجتمع هذه الأهداف والأسباب كلها ضد شعب معين كما حدث ولا زال مع شعبنا الفلسطيني. فها هي جثامين الشهداء عام ٢٠٢٣_٢٠٢٤ في مقابر غزة لم تسلم من أحقاد جنود الاحتلال. وليس أدل عليها مما انتشر من فيديوهات تم تصويرها في مقبرة حي التفاح حيث تصور لقطات يظهر فيها الخراب الذي عم قبور الشهداء بعد نبش الجثامين واقتلاعها في أكفانها وسط أكوام من التراب، وأخرى تبدو مدفونة جزئيا، بين شواهد مقلوبة حيث كانت آثار جنازير الدبابات وعمليات التجريف. وقال أحد الحاضرين في المقبرة أن الاحتلال قد سرق عددا كبيرا من الجثامين لأسباب كنت قد تطرقت إلى ذكرها في مقال سابق.

وهنا نتسائل هل الهدف هو الانتقام بسبب ما ذاقوه على يد المقاومة في معاركها البرية معها؟ ام هو التشفي؟ أم الثار لمن مات من جنود الاحتلال؟ أم هي عقيدتهم؟

والجدير بالذكر أن القانون الدولي يجرم نبش القبور، حيث نصت معاهدات عام ١٩٤٩ في مادتها الرابعة على أن الأطراف المتحاربة عليها ضمان دفن الموتى بطريقة مشرفة، وفي مادتها ال٧٦ الخاصة بأسرى الحرب نصت على أن على الأطراف المتحاربة ضمان دفن الأسرى الذين يتوفون في الأسر بطريقة مشرفة. وتضمنت معاهدة جنيف الأولى والثالثة والرابعة عام ١٩٤٩ أنه على أطراف النزاع ضمان دفن الموتى بطريقة لائقة وفقا لشرائعهم الدينية إن أمكن وان تحترم قبورهم.

فما الذي فعلته دولة الاحتلال؟ لقد ركلت الأعراف والمواثيق والقوانين كلها في عرض الحائط، وارتكبت ما يندى له الجبين وسط دعم غربي وصمت عربي.

اليوم غزة يتيمة تحارب بمقاومتها دول تمتلك تراسانات ضخمة، زودت دولة الاحتلال بآلاف الصواريخ والقنابل المحرمة.

وماذا بعد أيها العالم وإلى متى؟.

***

بديعة النعيمي

 

عندما وقفت أمام هذا الموضوع، أمسكت قلمي، ووجدت الأفكار تنهمر عليّ كالمطر، وتتدفق مثل الأنهار، وتنفجر كالبركان.

أخبرت قلمي أن يبدأ في الغوص في بحر العلم مع صفحاتي، ونصارع أمواج الأفكار معًا؛ لاستخراج الكلمات التي مثل الدرر في مكنونها.

أسأل الله تعالى أن يرزقني طلاقة اللسان، وروعة البيان، اللذان يجعلاني أضيف لهذا البحر، وأقتبس قول العلماء “المرء بأصغريه: قلبه ولسانه”.

وقال الحكماء أيضًا: “إن من البيان لسحرًا، ومن الشعر لحكمة”، ومن هنا أحب أن أبدأ حديثي.

كنت يوما ما أمشي ليلاً على البحر وإذا سيل من الافكار يراودني:

ما هذه الحياة وما غاياتها؟

وهل كل الحياة ينبغي على الانسان أن يخوض التحدي مع ذاته للوصول أهدافه وأمنياته !وقد كثرت علي التساؤلات وجاءت على بالي قصة القائد

وقف القائد أمام جنوده المدافعين عن مدينتهم، فخطب فيهم قائلا: جاء اليوم الذي ننتظره لندافع عن بلادنا ونهزم أعداءنا، إنَّ موقع هذه المدينة مهم جداً وعلينا أن نصدَّ المعتدين عنها .

استبسل الجنود في الدفاع عن مدينتهم، لكنَّ العدوَّ كان أقوى منهم فانتصر عليهم، واضطرَّ القائد وجنوده إلى ترك المدينة، وتجمعوا في أحد الوديان .

جلس القائد يستريح وقد غلبه اليأس؛ فهذه أول هزيمة يمنى بها . وفي أثناء ذلك رأى نملة تحمل قطعة خبز أثقل من جسمها محاولة أن تصعد بها إلى أعلى الصخرة لتصل إلى بيتها، ولكنها وقعت، فأعادت المحاولة مرات ومرات، إلى أن نجحت أخيرا في الصعود إلى الصخرة، وهي تحمل قطعة الخبز .

قال القائد في نفسه: هذه النملة الصغيرة ظلت تحاول ولم تيأس إلى أن تحقَّق لها ما تريد، وأنا لن أيأس من أول هزيمة سأحاول من جديد،ثمَّ جمع جنوده ونظَّم صفوفهم، وتمكنَّ من طرد الأعداء من المدينة .

تذكَّر القائد النملة، فابتسم وقال: الحمد لله الذي ساق إليَّ تلك النملة لتعلمني درسا نافعا في قوةالعزيمة، والإصرار على الظفر.

فهذه القصة للعبرة والعظة فلا تيأس فرب الخير لا يأتي إلا بالخير وتحدى ذاتك انك تقدر فقط تحلى بروح الشجاعة والاقدام وإياك ثم إياك الانحناء والاستسلام وأنت انسان مكرم وقال تعالى ولقد كرمنا الانسان وتحلى بالصبر فمنهج الصبر هو مربط الفرس اصبر وواصل طريقك ولا تستسلم ستواجه الشتم والاستهزاء فقط واصل يقول غاندي في البداية يتجاهلونك ثم يسخرون منك ثم يحاربونك ثم تنتصر

كن قوي مهما تقلبت بك الايام ويقول أمير الشعراء أحمد شوقي قف دون رأيك في الحياة مجاهداً إن الحياة عقيدة وجهاد

ولا تستعجل على رزقك حتماً سيأتيك ولو بعد حين يقول الشاعر

لا تعجِلنَّ فليس الرزقُ بالعجَلِ

الرزقُ في اللوحِ مكتوبٌ مع الأجل

فلو صبرنا لكان الرزقُ يطلبنا

لكنّه خُلِقَ الإنسانُ من عَجَلِ

فلابد أن تصل إلى وجهتك ولا تفكر في محاربة كل الذين يهاجمونك فبعضهم يتعمد ذلك لإلفات نظرك واجهادك لتغير مسار تفكيرك المرسوم أو مآرب أخرى يقول ونستون تشرشل

لن تصل أبداً إلى وجهتك إذا توقفت لتلقي بحجر على كل كلب ينبح.

واصل طريقك وحتماً سيعم السلام الداخلي ومن ثم ترى انعكاساته جليةً ظاهرة في حياتك وتهدأ هذه الروح التي جبلت على حب التحدي للوصول الى الاهداف والغايات السامية ويقول المتنبي اذا كانت النفوس كباراً تعبت في مرادها الاجسام فهناك كثيراً من القصص في تاريخنا الانساني وإلى يومنا هذا ينبغي أن تكون إلهاماً لنا تحي فينا الامل وهناك حكمة عميقة لسيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه يقول

"أنا رجل أحيا بالأمل، إن تحقق فبفضل الله، وإن لم يتحقق فقد عشت به فترة من الزمن

انظر الى هذه العبارة الرائعة التي تحي في قلوبنا الحياة فمتى ما فقدنا الأمل فقدنا الحياة سأعيش على أمل أن كل شيء سيصبح

جميلاً مادام لنا رب يقول كن فيكون وكل التوفيق لكم جميعاً . انتهى

***

زكريا الحسني

كاتب من سلطنة عمان

تداعيات ما تسمى الحرب على غزة بمساحته وإمكانياته المحدودة لن تقتصر على القطاع والقضية الفلسطينية فقط كما لن تفتصر على كشف الوجه البشع للكيان اليهودي الصهيوني العنصري ونهاية اساطيره القديمة  والحديثة من هيكل سليمان الى الهولوكست، كما ستتجاوز التداعيات منطقة الشرق الأوسط، لتمس النظام الدولي برمته الذي تأسس بعد الحرب العالمية الثانية بمرتكزاته الأساسية: الشرعية الدولية والقانون الدولي العام وميثاق الأمم المتحدة واتفاقات جنيف ولاهاي والإعلان العالمي لحقوق الأنسان الخ.

تداعيات حرب غزة بالإضافة الى تداعيات حرب اوكرانيا ستعجل بقيام نظام دولي جديد متحرر من اساطير اليهودية الصهيونية وروايتها ومزاعم الديمقراطية الغربية وزيف عدالة الشرعية الدولية.

***

د. ابراهيم أبراش

نريد أن نقول ونسرف في القول، ونطلب ونلح في الطلب، من السادة أقطاب الفضل الذين لا يداخلنا منهم ريب، أو يخامرنا تجاههم شك في مدى حنوهم وشفقتهم، أن تولي تلك الطائفة التي يعتقل لسانها من الخجل، ويقطعها الحياء عن الكلام، النزر القليل من الاهتمام، فكل شيء في حياتهم يستغرق كل شيء، ويستأثر بكل شيء، فالمشقة التي سلطت عليهم من كل ناحية، وأخذت عليهم كل سبيل، تفد عليهم كل يوم لتعبث بهم عبثاً لا حد له، وتعمق في حناياهم المكلومة مشاعر الضجر والقنوط من ليل يمر في وحشة، ونهار يكر في حسرة.

إن الأمر الذي أدعى إلى العجب، والأبلغ في الغرابة، رؤية هذه المشاهد في مركباتنا العامة التي تضرم النفس، وتصلي الضلوع، وتستوقد الصدر، فذاك المحصل أو «الكمساري» الذي لا يندى له جبين، ولا تغض طرفه المخازي، لا يتكلف الحيل والأعذار في أخذ الأجرة كاملة غير منقوصة من فئات لا خروج فيها على نظام، ولا مخالفة فيها لقانون، إذا انتُهكت كرامتهم، وأهدرت حقوقهم في رابعة النهار، فحكومتنا المشبل التي تصطنع الأناة في توظيف ذوي الاحتياجات الخاصة، لا تحرص على تعميق الصلات بينها وبين من عصفت بهم أنواء الحياة الحديثة التي لا تأبه لعاداتنا الموروثة، وتقاليدنا المغروسة، التي أخشى أن يكون قد انقضى عهدها، وعفت آثارها، نعم لم تصر هذه الحكومة التي تقيم في كل يوم أدلة قاطعة جازمة على عجزها البين في مراقبة ما تصدره من قرارات، وما تسنه من تشريعات، على أن تزيح عن هذه المهج المترعة بالأسى والحزن أعباء أمل سامٍ عريض، فهذه الناجمة التي واهم من ظنّ أن أياديها خالية مما ينفع الناس، ويعمر الكون، ويجلب الخير لهذا البلد الذي أتمنى أن يؤخذ فيه الناس بالحسنى، وتنجلي عن كواهلهم اللاغبة غمرة الوصب والعناء، تريد هذه الثلة بلا شك أن تعيش وادعة مطمئنة وأن تخلو حياتها من مظاهر الذلة والانكسار، فالألم المضني الذي تعجز أيديهم عن دفعه أو تغييره، لا يمنعهم أن يخصبوا أرض الوطن بالنماء وليس في زعمي هذا شبهة من مبالغة أو إغراق، كل ما يجب علينا فعله أن نهرع إليهم، ونستمع منهم، ونمهد لهم أن يشقوا طريق العلا والمجد بلا ريث أو إبطاء، لا أن نثبط هممهم الماضية، وعزائمهم الهادرة، على حكومتنا ألا تسرف في خداعنا وتضليلنا، فقد سئمنا من تلك الأهزوجة التي تشنف بها مسامعنا غداة كل يوم، ورواح كل أمسية، نريد من سادتنا أن يجتثوا سياسة الأحاديث الجوفاء من أصلها، فهي تردد دائماً أنها لا تدخر وسعاً في مد يد العون لذوي الاحتياجات الخاصة، رغم أننا لم نرَ بعد دواوين الحكومة ومرافقها قد اكتظت بجموع المعوقين، لم نبصر أيها الأكارم دهاليز الجامعات قد امتلأت بحشود المكفوفين، كيف لنا أن نسير في طريق الرقي والتطور ونحن نضفي على هذه الشرائح مظاهر الإهمال والإغضاء، هذه الجماعات التي يجب أن نعزها ونخصها بالنعمة والاحتفاء، أسبغنا عليها ثوب الكدر ضافياً فضفاضاً، حينما جال في خاطرنا أن الشعب برمته يمكنه أن يرتاد قاعات الدرس ودورات المياه.

***

د. الطيب النقر

 

مسيرة التفاعل مع النصوص بأنواعها، وخصوصا الدينية إستندت على إقتراب ثنائي متطرف، خلاصته أن النص فيه معنى ظاهرة (حسي)، وآخر باطني (عقلي)، أي أن الحالة ذات بعدين، مما يمثل طرفين متطرفين وفقا لمفهوم منحنى الإنتشار الطبيعي.

أي أن الجهد مبذول في 2.5% من كل طرف في المواضيع المُتصدى لها، ويكون المهمَل منها أكثر من 70% والبعض يرى 95%.

الكون بما فيه من موجودات وظواهر وتفاعلات له ثلاثة أبعاد لا بعدان، وإلغاء البعد الثالث يتسبب بتداعيات قاسية.

نبه إلى ذلك واصل بن عطاء (80 - 131) هجرية، عندما طرح مفهوم (المنزلة بين المنزلتين)، وانطلق فكر المعتزلة العقلي بالبحث، لكنه مع توالي السنون وتبني المذهب من أناس آخرين، تم إلغاء البعد الثالث، وتركز محور الحركة على ما يسمى (خلق القرآن)، والقراءة الموضوعية للقرآن تكشف  أن فيه المطلق والنسبي، ولا يوجد ما هو أزلي مطلق أو مجعول مطلق.

أي أن المعتزلة تطرفوا وتسببوا بإنطفاء أنوار حركة ذات قيمة فكرية وإبداعية نادرة، ذلك أن البعدين يأكلان بعضهما البعض، فالظاهر يأكل الباطن والباطن يأكل الظاهر.

وما يحصل في الواقع المعرفي، أن إلغاء البعد الثالث من مرتكزات التداعي والإندثار والخمود.

وكأننا ننكر بين الليل والنهار حالة ثالثة، وبين الظواهر تواصل إنتقالي، فلا يوجد خير مطلق وشر مطلق، فكل منهما يلد الآخر، وهكذا دواليك.

فالمتناقضات تتزاوح وتتوالد، فالواقع لن يكون أحسن مما هو عليه، إن لم يدرك المفكرون والمثقفون ضرورة وعي البعد الثالث، والتفاعل معه بصدق وتعبير أمثل عن جوهره.

الوجود ليس أبيضا وأسودا، هناك لون رمادي بينهما لا يجوز تجاوزه.

لا يوجد كذب مطلق وصدق مطلق، الموجود حالة متواصلة ذات طرفين متناقضين، ولولا التناقض ما تحقق التواصل!!

***

د. صادق السامرائي

26\8\2022

 

سؤال مهم يدور في أروقة أذهان الكثير من المثقفين وقلوبهم على العراق وحبه يسري في دمائهم مع الكثير ممن يرون في ضمائرهم ونظرة ترقب على مستقبل العراق وشعبه الصابر المجاهد الذي تحمل أوزار وهموم مخلفات الحروب المتعاقبة وأخطاء حكامه وعنجهيتهم وتخبطهم في اتخاذ القرارات المصيرية وعلى من في جعبته الجواب الشافي والسؤال المطروح دائما لماذا العراق بالذات يعيش في دوامة هذه الحروب والمشاكل والصراعات الدولية والإقليمية والداخلية والذي يدفع ثمنها ويتحمل عبئها الشعب العراقي من استنزاف ثرواته ودماء أبنائه الزكية الطاهرة التي تسيل على أرضه وخارجه فعلى مدى تأريخ العراق المعاصر ساحة مفتوحة على مصراعيها لكثير من الصراعات التي لا ناقة ولا جمل فيها ولا مصلحة لشعبه سوى الدمار لبناه التحتية وتدمير اقتصاده وتبديد ثرواته وعدم استقراره سياسيا وامنيا دون بلدان الجوار والدول العربية فهل المخطط المرسوم له أن يبقى هكذا ضعيفا محتاجا لغيره من الدول الكبرى والمنطقة .

فهل نجد يوما ما من لديه القدرة والشجاعة الكاملة على الإفصاح عن الجهة التي تتلاعب بمقدرات هذا البلد والشعب المسلوب الإرادة السياسية وبعثرت أوراقه الاقتصادية والمادية والبشرية ويفصح عن الأيادي الخبيثة التي تلعب في ساحته حيث اختلطت الأمور على المواطن البسيط وأصبح لا يفرق بين العدو والصديق ومن عليه ومن معنه كون العراق شُرعت أبوابه لكل من يريد أن يمرر مشروعه الخاص به خدمة لسياسته الخارجية ومصلحة أسياده . ومن وجهة نظر شعبية ووطنية كسؤال امتحاني لمصداقية السياسيين يوجه لهم وبالخصوص الشرفاء الوطنين في السلطة خصوصا وخارجها البوح عن الجهات التي لا تريد لهذا الشعب والبلد الاستقرار والتنفس ولو لفترة قصيرة للوقوف على قدميه للبناء والتطور والعمران ولكن بنظرة تمعن بسيطة نستطيع أن نستدل على أن هناك أيادي خفية معلنة وغير معلنة تحرك دمى الساسة العراقيين بأصابع دول خارجية وخليجية وعملاء من الداخل منها إيران وتركيا وبريطانيا وأمريكا لتحقيق مصالح شعوبها ودولها وتنفيذ مشاريعها الطامعة بثروات العراق وقتل الروح الوطنية والعقيدة الدينية التي طالما تمسك بها هذا الشعب الأبي على مدى عصور سابقة وما زال يقدم الكثير له.

***

ضياء محسن الاسدي

 

الحرب على غزة (28)

منذ تدمير هيكل هيرودوس أي الهيكل الثالث بعد هيكل سليمان المزعوم سنة ٧٠ للميلاد على يد جيش الرومان بقيادة تيطس، واليهود يدعون في ما تسمى صلواتهم أن يعيد الله بناء هيكلهم الثالث في القدس.

وينقسم الحاخامات فيما يخص الهيكل إلى من يدعو لزيارة الحرم وقسم آخر يتحفظ لدواع دينية وسياسية،  بينما يدعو القسم الثالث إلى بناء الهيكل. ومن هؤلاء حاخام صفد (شموئيل إلياهو) يسانده حاخامات آخرون. وفي فتوى له صدرت عام ٢٠١٢ يقول (الملكوت التي نحلم بها تعرف كيف تهزم أعداءها وتضربهم ولا تترك جرحى في الميدان يخططون لحرب قادمة. ولا مجد لها إلا الهيكل حتى لو نضطر لمحو المساجد في الجبل المقدس). ويصعد هؤلاء دعواتهم لتدنيس الحرم القدسي استعجالا للخلاص وبناء هيكلهم المزعوم بأسرع وقت. اما بالنسبة لدوافع بناء هذا الهيكل والفتاوى حوله فأولها القومية، حيث يرى أنصارها فيه أنه قلب الدولة اليهودية ومركزا لوحدة اليهود. اما الدافع الثاني فهو ديني يرى ان بناء الهيكل يتيح إقامة أكبر قدر من العشائر التوراتية. وبالنسبة للدافع الثالث فهو رومانسي، فبناء الهيكل يتيح لليهود التواصل على زعمهم مع إلههم بعلاقة حميمة وحقيقية. والرابع فهو (مسيالي) أي غيبي وأنصاره يزعمون أن بناءه يشكل خطوة حاسمة لاستحضار الخلاص، على حد قولهم.

ويرى هؤلاء الحاخامات بأنه من أجل التسريع من بناء هذا الهيكل من الضروري تغيير أنظمة العبادة في الحرم عن طريق تغيير الموقف الديني بعد تأليف قلوب اليهود وإزالة مسجدي قبة الصخرة والمسجد الأقصى. كما يستلزم توفير أدوات ما يقع تحت مسمى العبادة في الهيكل منها أدوات عزف، ثياب الكاهن الاعظم والبخور ومذبح للقرابين المعد لبنائه بين الأقصى وقبة الصخرة.

وهناك منظمات تحظى بدعم من أعضاء الكنيست ووزراء وغيرهم ممن يؤيدون بناء الهيكل، حيث تتغذى هذه المنظمات المتطرفة من تصريحات هؤلاء السياسيين ومن ضمنهم أعضاء من حزب الليكود.

وقد اتضحت هذه الرؤية بعد حرب ١٩٦٧ حينما وقف لواء المظليين وهم يبكون على حائط البراق وصوت قائدهم ( مردخاي غور) يصرح بحماسة للإذاعة العسكرية بقوله( جبل الهيكل في أيدينا).

واليوم وقبل عملية طوفان الأقصى وتحديدا بتاريخ ٢/ أكتوبر ٢٠٢٣ اقتحم المسجد الأقصى أكثر من ألف مستوطن متطرف يهودي بحماية من شرطة الاحتلال وقاموا بتأدية ما يسمى صلاة تلمودية عند باب السلسلة وهو أحد أبواب المسجد الأقصى. كما اقتحمه مئات من قطعانهم على شكل مجموعات متتالية من جهة باب المغاربة وأدوا طقوسا تلمودية حاملين (قرابين نباتية) من سعف النخل، فيما ارتدى آخرون لباس الكهنة الديني.، وتأتي هذه الاقتحامات في ثالث أيام ما يسمى (عيد العرش اليهودي) وسط اعتداءات على المرابطين الفلسطينيين.

كما وأقدمت الشرطة على فرض قيود عمرية على دخول المصلين إلى المسجد يمنع الشباب الفلسطينيين من دخول المسجد خلال فترات الاقتحامات.

وقد نادت جماعات يمينية يهودية بتكثيف الاقتحامات للمسجد الأقصى خلال عيد العرش.

ومن هنا نخرج بنتيجة واضحة من خلال ما ذكرناه من اقتحامات وجلب أدوات عبادتهم الفاسدة وثياب الكهنة والقرابين بأنهم بالفعل يسعون لقلب النظام الديني في المسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة كما يقدمون على تدنيسه كمقدمة لبناء الهيكل استعجالا على ما يزعمون انتظاره وهو الخلاص.

وأستغرب بعد كل هذه الحقائق التي تتضح كالشمس لمن يتنكرون لعملية طوفان الأقصى التي جاءت ردا على هذه الاقتحامات والطقوس التي يؤديها اليهود في المسجد الأقصى وبالمقابل الاعتداء على المرابطين من شعبنا الفلسطيني الصابر.

***

بديعة النعيمي

 

الحرب على غزة (27)

تأسس سلاح الجو في دولة الاحتلال بتاريخ ٢٨/ مايو ١٩٤٨ وكانت طائراته آنذاك طائرات قتالية قديمة من بقايا الحرب العالمية الثانية. كما أقدمت الدولة على شراء طائرات أضافتها إلى ما تملك.

وقد خاض سلاح الجو عدة حروب ابتداء من حرب ١٩٤٨ وحتى الحرب الأخيرة على غزة ٢٠٢٣. ويشكل سلاح الجو خط الدفاع الأول للأمن القومي لدولة الاحتلال بالإضافة إلى مهام أخرى مثل صنع التفوق العسكري والتجسس ونقل القوات والمعدات وأنظمة السلاح والقيام بعمليات البحث والإنقاذ والإخلاء وضرب أهداف في عمق أرض الآخر.

ومن المعروف بأن أسطول هذه الدولة مدعوم من طائرات أمريكية الصنع كون الولايات المتحدة الأمريكية هي المزود الرئيسي لها. فيمتلك على سبيل المثال طائرات مقاتلة أمريكية خفيفة من طراز (إف - ١٦) وطائرات من طراز (إف- ١٦سي) بمختلف إصداراتها مع تعديلات في أجهزة الرادار والرؤية الليلية والمحركات والمعدات الأخرى. كما يمتلك مقاتلات خفيفة متعددة الأغراض من طراز (إف -١٥إيفل). كما تمتلك الشبح الأمريكية القاذفة من طراز (إف -٣٥).بالإضافة إلى امتلاكها طائرات نفاثة ومروحية فرنسية وإيطالية وألمانية.

وكانت أولى عمليات سلاح الجو بتاريخ ٢٩/ مايو ١٩٤٨ عندما تصدت للقوات المصرية بالقرب من أسدود ثم توالت العمليات في بقية عملياتها من العدوان الثلاثي على مصر إلى حرب ٦٧ فحروب الاستنزاف ولبنان وغيرها وصولا إلى ٢٠٢٣ في ٧/ اكتوبر حيث كانت طائرات سلاح الجو بقيادة اللواء (تومر بار) قد دخلت الحرب مباشرة مع المقاومة الفلسطينية من خلال تنفيذ ضربات كثيفة وأحزمة نارية سوت مربعات سكنية كاملة مع الأرض ومستشفيات وعشرات المساجد ومدارس ومئات المجازر ولم يسلم من القصف لا بشر ولا حجر. كل هذا في محاولة من الجيش لتعويض اهتزاز صورته عن طريق تلك الضربات الجوية المستمرة. غير أننا نجدها تتخبط في كثير من الأحيان ،فقد أقدمت على قتل جنودها بما هو تحت مسمى نيران صديقة.

كما وصرحت كتائب المقاومة الفلسطينية بأنها تمكنت من إسقاط عدد من المروحيات وطائرات استطلاع من نوع (سكايلارك ٢). كما أسقطت عددا من طائرات درون الاستطلاعية وأخرى بهدف القتل.. واستطاعت قبل أيام إسقاط طائرة حديثة من نوع ( هيرمز٩٠٠) تكلفتها ٦ مليون دولار.

بقي أن نقول أن دولة الاحتلال لولا سلاح الجو لما تمكنت من الصمود أمام إيمان المقاومة حيث نجدها تخسر المعارك البرية وتذوق فيها الويلات.

***

بديعة النعيمي

 

منذ النكبة التي ارتكبتها الامم المتحدة (ممثلة في امريكا وبريطانيا وبقية الدول الاستعمارية) في حق الشعب الفلسطيني والذي اصبح مشردا مشتتا بين دول العالم، احتضن لبنان جزءا كبيرا منهم ليعيشوا في المخيمات التي تفتقر الى ابسط المتطلبات للعيش الكريم، وهذا الاحتضان الشعبي ترتب عليه تحمل اثمان باهظة ،فكثيرا ما كان العدو يشن غارات جوية ويقوم بالاستهداف البري والبحري للمهجرين ومن يؤوونهم، ومنذ حوالي الخمسين عاما ارتكب العدو مجزرة بحق قادة المقاومة في قلب بيروت (كمال ناصر، وعدوان وابويوسف1973 م)، وصل الامر بالعدو الصهيوني في العام 1982 الى استباحة العاصمة بيروت، وتصفية العديد من المقاومين للاحتلال الصهيوني من لبنانيين وفلسطينيين.

 العالم الحر المتمدن المتمثل في امريكا وبريطانيا وبقية الدول الغربية يساهم وبشكل يومي في قتل المهجرين ومضيفيهم، بوضعها فيتو على تسليح لبنان، ليبقى ميدان رماية للعدو يستخدمه متى اراد ،ويعمل جاهدا على اقامة منطقة عازلة في الجانب اللبناني المتمثل في القرار 1701 ليأمن هجمات المقاومة حيث اشتد عودها وازداد بأسها واصبحت تمثل رقما على الساحة يحسب لها الجميع ثقلها، واصبحت قوة ردع لا يستهان بها.

حرب غزة المعاصرة او ما يعرف بــ(طوفان الاقصى)، اثبتت لشعوب العالم كافة بما فيها شعوب الغرب المغيبة عن ما يجري حولها والتي تستقي معلوماتها من وسائل الاعلام الحكومية العتصرية،اثبتت لها ان المعايير الانسانية بشان الحقوق العامة من عيش كريم وتقرير المصير  وحرية الراي والتعبير تختلف من مكان الى اخر ومن عرق الى اخر، انهم ينظرون الى بقية الامم على انها خلقت لأجل خدمتهم والسمع والطاعة والا فالويل لها.

لقد اجهضت امريكا وتوابعها اكثر من قرار لآجل وقف شامل لإطلاق النار وتجنيب المدنيين ويلات الحرب، يجدون المبررات للصهاينة لضرب المشافي واماكن العبادة، ونبش القبور للتشفي من القتلى والمتاجرة بأعضائهم، وفوق ذلك كله يتحدثون عن ايجاد ماوي لسكان القطاع ومن ثم السماح للصهاينة بالإقامة فيه وليتحقق حلمهم في اقامة كيانهم المزعوم على كامل تراب فلسطين التاريخية.

بالأمس استهدف الكيان الصهيوني وبمساعدة امريكا ثلة من المقاومين بقلب بيروت، لكنهم تناسوا ان اصحاب الحق لا يموتون ان غابت اجسادهم،فسيكون هناك خلف لأفضل سلف يكملون مشوار التحرير ولهم من الاسباب ما يجعلهم قادرين على ذلك، كافة الاسلحة التي يستخدمها المقاومين (صواريخ وقذائف وطائرات مسيّرة) قاموا بتطويرها . 

الشعب الفلسطيني باق بارضه رغم ما يلاقيه من اصناف العذاب، قتل وتدمير وتهجير ،يزفه شهداءه بالزغاريد، بينما الصهاينة الذين هم بالأساس ليسوا ابناء الارض بل اناس من مختلف اعراق العالم تجمعهم روح التكبر وحب التسلط والتحكم اقتصاديا في العالم، نجدهم ومع انطلاق المعارك يشدون الرحال البلدان التي اتوا منها ويحملون جنسياتها، حقا ان فلسطين ليست بلدهم ولن يبقى بها الا من ولدوا بها وجذورهم التاريخية ضاربة في اعماق ارضها.

تحية لبيروت حاضنة المقاومة الفلسطينية على مدى 8 عقود ،حتى وان لم تستطع حمايتهم من جبروت العدوان الصهيوني الامبريالي الغاشم، فإنها تحتضن رفاتهم (اجسادهم الطاهرة) لتثبت للأعداء قبل الاصدقاء انها ارض كل العرب، ستقود بيروت بشرفائها رغم قلة امكانياتها معركة تحرير فلسطين من النهر الى البحر، وليذهب كل الدخلاء الى اوطانهم الاصلية.

***

ميلاد عمر المزوغي

 

التصنيع أضحى سهلا ومتيسرا، فالدنيا تفكر والصين تصنع، فمعظم المصنوعات تمثل أفكارا تحقق تصنيعها في الصين، أي أنها ليست أفكارا صينية وإنما صناعة صينية، بمعنى، أن الناس في دول العالم تعمل على فكرة وتطوره وتصبح ناضجة للتصنيع، فتذهب إلى الصين لإنجاز ذلك.

والسبب أن الصينيين قد إمتلكوا المهارات التصنيعية المعاصرة، وأصبحوا قادرين على تحويل الأفكار إلى موجودات مادية فاعلة في الحياة.

فعندما تتوفر الفكرة يتحقق تصنيعها، وهكذا فأن القول بوجود دول صناعية وأخرى غير صناعية فيه نوع من التضليل، فالدول المسماة صناعية تركز على الصناعات الحربية الثقيلة لأنها تدر عليها المليارات، أما الصناعات الأخرى فأنها من نصيب دول العالم الأخرى، وقد شذت عن ذلك الصين لأنها جمعت بين الحالتينن، لتمكنها من إبتكار الوسائل اللازمة للإستثمار بالبشر وتحويله إلى طاقة فاعلة في بناء القوة والإقتدار.

وعليه فأن القول بأن دولنا غير صناعية لا يتوافق وإيقاع العصر الذي نعيشه، فدولنا قادرة على فعل كل شيئ عندما تتحرر من الأضاليل والأوهام والثقافات الساعية لتحنيطها،وتخميد أنفاس الأجيال في ربوعها، ومنعها من إستنشاق هواء العصر، والإمعان في الإندساس بالغابرات والأجداث، وفقا للتوجهات القاضية بأن الحياة في الدين وليس العكس.

فالمطلوب أن تنطلق الأفكار في مجتمعاتنا، وأن يتم تصنيعها في أي مكان في الأرض، وربما يكون من الأربح أن لا تُصنع في ديارنا بل في مصانع الآخرين، لأن الكلفة أرخص والخبرة أقدر.

فعلينا أن نحث الشباب على إصطياد الأفكار اللازمة لصناعة الواقع الأفضل للأجيال، ودعوا الصين تصنّع الأفكار، ونجني الثمار، ونكون بأسعد حال.

***

د. صادق السامرائي

8\10\2022

 

(اختطافهم لتنشئتهم على القومية اليهودية)

الفلسطينيون الرُّضَعِ الذين يتعرضون للاختطاف من قبل جنود إسرائيل هم في خطر أكثر من الأطفال الذين يموتون أو هم اليوم مشردون خارج وطنهم، ويكابدون ألم الجوع والبرد، هو مشروع لتهويد أطفال فلسطين، وقد اختار العدو "الرُّضَّعُ " لأنهم لا يدركون شيئا مما يحدث والحرب القائمة، لأن العدو سيغير هويتهم ويعمل على تهويدهم وغرس فيهم حُب القومية اليهودية، ففي الحروب تقع أشياء كثيرة اعتداءات وانتهاكات واغتيالات لكن اختطاف الرُضّع فلم يحدث في التاريخ.

 فمشروع تهويد أبناء المسلمين قديم يتجدد،  وهي عملية ممنهجة منذ الإحتلال الصهيوني لفلسطين، ولا أحد يعلم إلى أي تيار سينتمي إليه هؤلاء الرضع بعد أن يكبروا ويصلون إلى سن الخامسة على الأقل، هل إلى التيار الأهالي أم الليفورني، أو اليهود السفارد أو الإشكناز، رغم اختلاف عبريتهم  ويعلمونه الثقافة العبرانية  كما سيعملون على تجنيسهم ، ظنا منهم أنهم سيصبحون من شعب الله المختار، وهي واحدة من  الأفكار التي ينتهجها اليهود في مشروعهم الإلهي، فضلا عن إخضاعهم لبعض الطقوس اليهودية عندما يصلون سن البلوغ، الحديث هنا عن رُضَّعِ لم يصلوا إلى السن القانوني لاستخدامهم في الحروب سواء دينيا أو سياسيا ،  وما يحدث لهم من تغيير في حياتهم، لأنهم حديثي الولادة ولا يدركون ما يحدث حولهم، وهنا مكمن الخطر لأنهم سينشأون على الطريقة اليهودية ، فيعلمونه التوراة ، والتراث اليهودي والدور التاريخي والروحي للشعب اليهودي.

 وهذه التنشئة تجعلهم جزءًا من المجتمع اليهودي، وتزويده بالثقافة العبرية و يغرسون في ذهنه حب القومية اليهودية،  وتعميق فكره بالوعي اليهودي حتى يقنعونه أن العرق اليهودي من ارقى العروق و العرب والمسلمين أكبر عدوٍّ لهم، حيث  يكبر هذا الرضيع (المسلم)  وفي قلبه حقد كبير على الإسلام والمسلمين، وقد يُجنّد في الجيش الإسرائيلي ويقتل يوما شقيقه أو واحدا من أبناء بلده الأصليين دون أن يعلم أنه مسلم وتم اختطافه ، وهكذا تكون القومية اليهودية فلسفة حياة بالنسبة له، وقاعدة تبدأ من وقوفه للنشيد اليهودي، وهو يردد: إسرائيل هي وطن الأمة اليهودية،  فالمشروع الصهيوني يهدف إلى تكوين جيل من اليهود (من أبناء المسلمين)  يحبون اليهودية والثقافة العبرية وهو ما أكده دافيد بن غوريون أول رئيس وزراء لإسرائيل في المؤتمر الصهيوني الرابع والعشرين والمنعقد عام 1956م " أنه لن يكون للحركة الصهيونية مستقبل بدون تربية وثقافة عبرية لكل يهودي بوصفه واجبا ذاتيا، وقال ان حفظ اليهودية مرهون بتطوير التعليم العبري والثقافة العبرية.

 إنه الحديث عن الإسلام اليهودي ، نلمس ذلك في عمليات "التطبيع" التي تمارسها بعض الدول العربية والتي تعلن دعمها لإسرائيل، وقد صدرت عديد الفتاوي حول التحول من الإسلام إلى المسيحية إلى اليهودية، واعتبرها البعض ليس كفرا، وإن كان هذا التحول يدخل في باب الحريات الفردية وحقوق الإنسان في الاعتقاد، لكن أن يختطف أطفال رضع  ويبعدون عن أمهاتهم لأغراض لا تعني شيئا ولا تهدف إلى شيئ سوى تهويدهم،  فعملية التهويد  لها جذور تاريخية ولكن لا يمكن اعتبار كل اليهود أعداء للإسلام وللعرب وبخاصة الفلسطينيين، فهناك جماعات يهودية ضد ما يحدث الآن في غزة والقصف البشع على السكان  وهي تعارض دولة إسرائيل وتدعو إلى حل سلمي للصراع القائم بين الطرفين، فعلى سبيل المثال لا الحصر نقرأ عن منظمة الصوت اليهودي من أجل السلام  (JVP)التي تأسست عام 1996 وهي منظمة شعبية تهدف إلى تعزيز السلام والعدالة والمساواة لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين، ومنظمة يهود من أجل العدالة للفلسطينيين (JfJfP):التي يدعو أفرادها إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وغيرها من المنظمات والجمعيات التي تدعو إلى إحلال السلم بين الشعوب والتعايش فيما بينهم، يبقى الدور على الأنظمة العربية الصامتة والتي لم تحرك ساكنا لوقف مشروع التهويد الذي تهدف إليه إسرائيل وبكل الطرق والوسائل.

***

علجية عيش

اللغة العربية بشهادة علماء اللغة في العالم من أرقى اللغات المتصرفة. غير أنها ترقى برقي أهلها وتضعف بضعف أهلها لو أردت أن توازن بين خصائص اللغة العربية وبين خصائص اللغات الأخرى لوجدت بوناً شاسعاً ولكن ضعف هذه الأمة أضعف معها لغتها. أنظر مثلا كلمة اللطيف:

كلمة اللطيف وردت في سبع آيات من القرآن الكريم ولم يقترن إسم اللطيف إلا باسم الخبير. واللطيف في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل. والفرق بين اسم الفاعل، والصفة المشبهة بإسم الفاعل، هو:

 إسم الفاعل: يدل على الحدوث والانقطاع. بينما الصفة المشبهة بإسم الفاعل: تدل على الثبات والدوام. ومن أوزانها فعلان وفعيل. فاللطيف هنا جاءت على وزن فعلان وفعيل. صفة مشبهة بإسم الفاعل.

‏كنت أبحث عن الله من خلال التأمل في المخلوقات والكائنات من الذرة إلى المجرة وأتسائل كيف أشعر بوجود الإله وكيف السبيل إلى ذلك وهل هناك سرا لا أعلمه أو شيئا آخر لم أجده إلى الآن حتى جاء ذلك  اليوم الذي قال لي رحل حكيم كم أنت لطيف فوقعت هذه الكلمة على قلبي وحركت بحور من المشاعر والأحاسيس فتأملت كثيرا في هذا الكلمة فقلت إن الله عز وجل من اسمائه اللطيف واستعرت بلطف الله في حياتنا وكيف تتسهل الأمور بلطف من الله فقلت كم أنت لطيف يا إلهي رغم محدودية إدراكنا ومنطقنا في البلوغ إلى جمال لطفك الذي لا ينتهي كم أنت لطيف حينما أوجدتنا وكم أنت لطيف حينما رزقتنا وكم أنت لطيف حينما ألهمتنا وعلمتنا وفهمتنا وجعلت أطيب خلقك تتجه نحونا بلطف وجعلت اللطف في دائرة أطباعنا وسلوكنا والله كل لطف نجده ينبغي أن نعلم  يقيناً لطف الله علينا وما يحتوي هذا الاسم من عظمة وجلال

كن لطيفا لأن الله لطف مطلق. كن لطيفا لأن من اسمائه اللطيف. وهنا أورد شعراً لطيفاً

اسقِ الفؤاد محبةً وسلاما

وارسم على وجه الغريب وئاما

*

و اصنع جميلًا في الحياة فإنما

باللطف نبلغ في القلوب مقاما

فكل ما يواجهنا من خيبات وآلام سترى بعدها لطفا عظيما لأن الله لم يخلقنا ليشقينا وحتى الابتلاء جاء ليطهرنا وينقينا لنرتقي ويشملنا لطف الله  وراء كل أمر حكمة إلهية لا ندركها في حينها ولكن سندركها ونشعر  بلطفها  لاحقا ونعلم أن الله عز وجل لطفه بنا لا حدود له

فكن راضيا بقدر الله وأنه هو اللطيف الذي وسع لطفه سائر الكائنات فتأمل معي سير الأولين والآخرين ستنظر إلى لطف الله الذي ترى أبعاده في خلقه ولله في خلقه شؤون وكن مؤمناً بأن الله على كل شيء قدير.

ونختم مقالنا بهذه العبارة: نحن من طينٍ يوجعنا الأذى ويجرحنا صغير الشَوك.. ويجبرنا لطف الله. انتهى

***

زكريا الحسني

كاتب صحفي من سلطنة عمان

 

الحياة في العلم وبدونه تنتفي معانيها وتطلعاتها نحو الأفضل، فالعلم يصنع الحياة، ويولد من رحمها، ويعني أن نعرف بالدراسة والبحث وإتخاذ المناهج العلمية وسيلة لمواجهة التحديات وتأمين الإرادات.

فالعلم يستحضر ما نريد، ومَن لا يجيد التفاعل العلمي لا يحصل على القوة والإقتدار.

والعلة الأساسية في مجتمعات الأمة تتلخص بغياب العلم ونكرانه بل ومعاداته، والتوهم بأن الحياة في الدين، وبدونه لا معنى للوجود والبقاء، مما يتسبب بتداعيات تشاؤمية وإستثمار في الأحزان والويلات اللازمة لترسيخ مفاهيم الإنهيار والإندثار.

ومن الواضح أن عقول الأمة أمعنت بغفلتها العلمية، وتمادت بالتركيز على ما لا ينفع، ولا يساهم في إطلاق الطاقات الكامنة في أعماق الجماهير الحية الواعية.

ويعود السبب للكراسي التي علمت ومنذ أكثر من قرنين أن الحياة في العلم، فوجدت العمائم الحافة بها ستتضرر من العلم، فأوهمتها بأن الحياة في الدين، فهو الذي يصنع القطيع التابع القابع، أما العلم فسيؤسس لسلوكيات لا يمكن ضبطها بالقوة والسلطان، ففي العلم حرية عقلية، وهي محرمة في الدين، الذي يدعو للسمع والطاعة، وبأن القابع بالكرسي يمثل إرادة الرب، ومن لا يطيعه خارج عن الملة وعدو للرب والدين.

تلك حقائق مؤلمة لا يقترب منها المحسوبون على الفكر والفلسفة، ويتحركون حولها خشية المواجهة مع القوى المدمرة لمرتكزات الوجود القويم.

فهل من جرأة على التفاعل بعلمية مع منابع المآسي والويلات؟!!

***

د. صادق السامرائي

10\6\2022

 

الحرب على غزة (26)

إن الصراع بين الحركة الأسيرة وإدارات السجون والمعتقلات صراع مستمر لأنه امتداد للصراع الحضاري والتاريخي بين الشعب الفلسطيني الذي يسعى بكل طاقاته لتحرير فلسطين وبين العدو. هذا العدو الفاشي الذي يهدف من وراء عمليات الاعتقال إلى قتل المعتقل معنويا وجسديا ،وإفراغه من محتواه الوطني من خلال ظروف الاعتقال وسياسية القمع والإرهاب الممنهجة وحرمان المعتقلين من أبسط حقوقهم الإنسانية. فمن الأساليب التي يستخدمها محققي الشاباك ضد المعتقلين الضرب الوحشي المفضي إلى الموت،تكسير الضلوع،الهز العنيف،الحشر داخل ثلاجة،الصفع على الوجه وركل المعدة والبطن وأماكن أخرى،الضرب على مؤخرة الرأس والتهديد بالاغتصاب وغيرها من الوسائل والأساليب التي أقل ما توصف بأنها وحشية ولا إنسانية. وما تمارسه دولة الاحتلال من تعذيب وتنكيل بالمعتقلين ليس بالأمر الجديد ولا الطارئ فقد لجأت إليه منذ أن سرقت الأرض من أصحابها بوعد ظالم وانتداب صليبي حاقد فثار أصحابها لاستردادها والدفاع عن حقهم المسلوب. وهنا افتتحت عشرات المعتقلات منذ كانت فلسطين تحت الانتداب البريطاني منها سجن عكا الشهير والذي تعرض فيه الثوار إلى التعذيب والإعدام.

واليوم مع الحرب على غزة تتزامن الاعتقالات لسكان القطاع. فقد أشار المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إلى تطابق شهادات جمعها مع ما كشفت عنه صحيفة هآرتس العبرية بشأن جرائم إعدام ميداني نفذت بحق المعتقلين . فيما قضى آخرون جراء التعذيب الشديد وسوء المعاملة خلال احتجازهم في معسكر للجيش يعرف باسم (سدية تيمان) يقع بين مدينتي بئر السبع وغزة جنوبا ،وقد تحول إلى سجن (غوانتانامو) جديد يحتجز فيه المعتقلون في ظروف قاسية جدا داخل أماكن أشبه بأقفاص الدجاج في العراء ودون طعام أو شراب لفترة طويلة من الوقت.

وقد صرح بعض المعتقلين المفرج عنهم بتعرضهم لتعذيب قاس على يد جيش الاحتلال حيث قاموا بحرمانهم من النوم وقدموا لهم طعاما فاسدا ومتعفنا. كما منعوهم من التحدث مع بعضهم خلال فترة الاعتقال ومن لم يتقيد بالتعليمات تعرض للتعليق من رجليه لساعات طويلة من قبل الجنود.

وذكر أحد المعتقلين أنه ومن لحظة الاعتقال عصبوا عيونهم واقتادوهم إلى مناطق مجهولة وأبقوهم مكبلي الأيدي و الأرجل لمدة يومين كاملين. ونقل البعض بأن جيش الاحتلال تركوهم لمدة ست ساعات مقيدي الأيدي خلف الظهور مع الجلوس على الركب طيلة تلك الساعات.

ومن الأساليب التي استخدمها الجيش الظالم مع المعتقلين أنهم قاموا برش أجسادهم بمواد غريبة وغير مألوفة الأمر الذي جعلهم فريسة للحشرات.

كما أقدم الجيش على ترك المعتقلين عراة في البرد والهواء في مناطق مجهولة. وأجبروا المعتقلين على تناول أقراص دواء سببت لهم الهلوسة والتي ما زال البعض يعاني من آثارها من صداع ودوار حتى بعد أن أفرج عنهم.

ناهيك عن الضرب الذي تعرض له المعتقلين والذي كانت آثاره واضحة في أجسادهم.

هؤلاء هم القابضون على الجمر السائرين على طريق الشوك المتلمسين طريق الشهادة في سبيل فلسطين. رحم الله شهداء غزة وفلسطين عامة. ولسوف نبقى نكرر ما قاله الشهيد عز الدين القسام (وإنه لجهاد نصر أو استشهاد).

***

بديعة النعيمي

 

من هنا بدأت بواكير مسيرة الحياة التعليمية منذ نعومة الاظفار مع تلك الحروف الجميلة بأصواتها ورسومها من قبل معلم الصف الأول الإبتدائي (ا..و...ر ...ز...د...ي) والتي كانت بمثابة طلاسم تحتاج الى فك رموزها لا غير لتتبلورمن خلالها ملامح شخصية الطفل ومستقبله وتكون فيما بعد مفتاحا" للتسلح بالعلوم والمعارف والتي أنارت بها العقول ونمت وتغذت بها الأفكار من أجل غد افضل إتسم بالقيم والمبادئ الإنسانية والتي أفضت الى فتح آفاق رحبة لغد مشرق على أيدي عمالقة العلم وبناة الأجيال معلمي جيل الطيبين والذين حفرت ذكراهم بالعقول قبل القلوب ليكونوا بحق قدوة بقوة الشخصية والاناقة والعلم والاخلاق الفاضلة التي إمتازوا بها بالرغم من قساوة المعيشة حينها وصعوبة تداركها مع تنامي معدلات الفقر وانعدام فرص العمل .

فالحنين الى الماضي يرتبط بتلك العلاقات الإيجابية الطيبة العابرة للطائفية المقيتة التي لم نكن نألفها حينذاك وكانت تجمع كل مكونات المجتمع في بيئة مدرسية نقية ينهل الجميع منها دون تمييز خالية من خطابات الحقد والكراهية المعهودة في زماننا بعيدة عن الزيف والخداع خاصة عندما تلتقي بصديق الطفولة والبراءة وأيام الدراسة والصبا تعود بك الذاكرة الى تلك الأيام الخوالي وتعيد عقارب الساعة الى الزمن الجميل لتبقى المواقف الطريفة حاضرة كما كانت وتفتش بين ثنايا الضحكات عن السعادة الحقيقية التي إفتقدناها للظروف التي مرت بنا من سنوات عجاف من حصار وحروب ونزوح وتعود الاحاسيس الى أحلام مرت كلمح البصر ولازلنا نتذكر كراريس المدرسة الإبتدائية مملوءة برسومات طفولتنا ومقاعد صفوف دراستنا لازالت تحكي قصص حياتنا البريئة .

فاليوم لا دار ولا دور ؟! واللبيب بالإشارة يفهم

وختاما"قال امير الشعراء أحمد شوقي (قم للمعلم وفه التبجيلا .. كاد المعلم ان يكون رسولا).

***

حسن شنكالي

نحن في حاجة لمواجهة تلك الحقائق، والتماس العلاج الناجع لها، فوحدتنا القومية الحق الذي لا يحتمل شكا ولا جدال، أنها باتت تعاني من الضعف والفتور، وهزال هذه الوحدة لا يحتاج منا إلى بحث أو استقصاء، فعللها واضحة مسرفة في الوضوح، ولعل الأسباب التي قادت لأن تكون هذه الوحدة ضعيفة واهية، هو قصور عقلنا الجمعي لتصوره للأشياء ء وقضاءه فيها، فنحن حتى نستعد للنهوض بهذه الاعياء، وتحمل تبعاته، ينبغي أن نقر أن هناك  عللا أخرى غير هذه العلة الظاهرة، التي تتمثل في حروبنا المستمرة، فالحرب سببا سهل على الألسنة اجتراره، ويسير على العقول التفكير فيه، كلا ليست الحرب التي نعتبرها مصدرا للكثير من المشقة التي تواجهنا الآن في حياتنا الحاضرة، هو العامل الذي أدى لانحسار وحدتنا الوجدانية وتراجعها، ليست الكريهة هي التي أضعفت صلاتنا، و مزقت لحمتنا، وضعضعت تكاتفنا، وقوضت نسيجنا الاجتماعي، هذا الاضطراب الذي بات هو السمة الواضحة لمجتمعنا السوداني، يحتاج منا إلى رقي وتقدم وجهاد، وحتى نجتثه من شأفته، ونجزه من منبته، نحتاج فعلا لأن نلجم هذه العاطفة وهذا الشعور، في حالة السلم أو الخصومة، ونستبدلهما بالحكمة والروية، ففي اعتقادنا أن تأثرنا بالحس والشعور، هو سبب كل هذه  المصائب التي لم يعد يختلف مقدارها باختلاف الأفراد والبيئات، إن تماهينا مع القبيلة ومثلها وأعرافها، وتجاوبنا الدائب لها كلما رفعت عقيرتها بالنداء، لم يضعف بعد أو يتضاءل، فنحن ما زلنا نخضع لها، كما كان غيرنا يخضع لسلطانها على وجد شديد، ورغبة جامحة،  فمن "السخف، وهراء القول، وفاتر الحديث" كما يقول أديب مصر الضرير، أن نزعم أن عاطفتنا في السودان ظهرت عليها مظاهر الحدة والحرارة والصدق، ظهورا قويا عنيفا،  ونحن أسرى لهذه الجوائج، ولكن بان دفق هذه المشاعر، ولاحت ضخامة تلك الأحاسيس، حينما تداعت جموع الناس ملبية نداء قبائلها، وانتظمت في تلك النفرة الشعبية الهادرة لمجابهة خطر عربان الشتات، ولكن الحرب التي انطلقت منذ أكثر من ثمانية أشهر في عاصمة البلاد وفي غرب السودان، ظل الناس يشهدون وقائعها في ترقب وحذر، وينتظرون في ضجر،أن تنجلي غمرتها بانتصار الجيش، تفاعل الناس الآن مع تلك الحرب التي لا تأصرها آصرة، مرده إذن التفات الوجدان لنداء أطلقته قبيلة من القبائل، وفي الحق أن مثل هذه النداءات على كثرتها، غنية بالحب، ولا يتردد أتباعها في تلبيتها في تهافت وحرص، على ضوء ذلك نستطيع أن نزعم في يقين واطمئنان، أن نفوذ القبيلة لن يناله ضعف أو خمود، إلا إذا بات حبنا للسودان لا تشوبه شائبة، فالوطنية الصحيحة تقتضي أن يكون حبنا لأوطاننا أسمى وأرفع حتى من حبنا لشخوصنا وعائلاتنا، الوطنية الصحيحة التي نحتاج لأن نفهمها، ونقدرها، ونخلص لها، يجب ألا تنهكها الخصومات السياسية، أو تعصف بها الآثرة وحلل الانتهازية، أو تودي بها المنافع والطموحات الشخصية، بل يجب  أن تكون عروتها باقية قوية، ومكانتها بارزة في ناحية من نواحي قلوبنا، الوطنية الصحيحة من المهم حقا أن تعجز الأيام وأحداثها لاضعافها أو النيل منها.

نحن نظهر هذا الحزن العميق، لأن مآسي السودان وخطوبه التي يتبع بعضها بعضا،في نزف شديد، وسرعة غريبة، تلزمنا بأن نعيد التفكير في كل ما يتصل بنظامنا الاجتماعي، وبكل ما يحيط به من ظروف، فنحن نعتقد أن هذا النظام هو الذي ورطنا في كل تلك الآثام التي نسرف في ارتكابها، دون أن نكلف أنفسنا عناء التفكير فيها، ولعل القول الذي ينم عن الحق، أن هذا النظام هو الذي قادنا لئلا نعيش تلك الحياة الهادئة الوادعة التي يعيشها غيرنا من الشعوب، هو الذي جعلنا نبغض بعضنا بعضا، ويحتقر بعضنا بعضا، ويكيد بعضنا لبعض، إن الأمر الذي يجب أن نمضي فيه دون روية أو تفكير، هو السعي لتغيير هذا النظام البغيض الثقيل، الذي يدعو إلى الشر، ويصد عن الخير، ولا تذعن فيه شرائحه ومكوناته، لتضامن وجداني عريض، إلا إذا نزلت بها غاشية، أو ادلهمت بها الخطوب، نعم يجب أن نحتال في تغيير نظامنا الاجتماعي الذي يعلي من سقف القبيلة، تلك القبلية التي توارثناها، وخضنا في لججها، بحكم تربيتنا وأمزجتنا والمحيط الذي نعيش فيه، قد آن الأوان للتحرر من قيودها، يجب أن ننكرها ونسرف في الانكار، لأنها هي التي تجعل كل فرد منا ينظر لغيره نظرة ازدراء واحتقار، هي التي  قادت في واقع الأمر، قوات الدعم السريع تخرج من التعريض إلى التصريح ببغضها للشمال، ولإنسان الشمال، ومما لا يند عن ذهن، أو يلتوي على خاطر، أن صراعتنا القبلية تجعل الأمبريالية سعيدة مغتبطة، تصفق بيديها في جزل وابتهاج، لأنها تحقق لها ما تبتغيه ، فالغرب الذي تطربه خصوماتنا وتعنيه، عمد في رفق ولين لاذكاء عبقها النتن، وحرص بسياساته المعتسفة ألا ينغمس السودانيوان في حب صريح لأطيافهم، إن نظامنا الاجتماعي الذي نركن إليه، ونلوذ به، ونحتمي به من كل شيء، هو العامل الذي قاد لأن تنقطع وتيرة صلاتنا بالجنوب الذي كنا نتخذه موضوعا للعبث وللسخرية، فجنوبنا الذي نتحرق شوقا لموعد عودته، لم يزّور عنا هذا الازوار، ويستعصم بهذا الاباء، إلا بعد أن أعيته ضروب التهكم والاستخفاف، زهد الجنوب في بقاءه معنا، بعد أن عجز الساسة وعجزت الأحزاب، لادراك شيء يسير الفهم والتعليل، أن الجنوب الذي يجاهدونه ويصارعوه، كان يبتغي منهم فقط العدل والانصاف، والدفع بسبل التطور في مجتمعاته المتباينة،  إن حقيقة انفصال الجنوب التي يدور الناس حولها، ولا يحسنون تصويرها، أن اسئثار بعضنا بالسيطرة والسلطان،  والتقدير والحكم، ضاعف من شعوره وانفعاله السريع، واحساسه بأن الشمال لا يقدر اختلاف بيئاته ولا ظروف حياته، فمضى الجنوب بعد صراع مرير إلى حال سبيله، ونحن إذا ظللنا على عمانا هذا، ولم نستشعر اختلاف البيئات بذوقها وثقافتها، ستسخط علينا دارفور أشد السخط، وسيسخط علينا أهالي النيل الأزرق أشد السخط وأعنفه، فقد أخبرتنا وقائع الدهر أن أي حادثة لا تقع إلا وقد سبقتها علة، وعلل تشرذم مجتمعنا هذا وتفككه، هو نظامنا الذي لا يرضاه الدين، و تأنف منه الأخلاق.

وحتى نلخص حديثنا هذا، وندع هذا الاستطراد والتفصيل، نقول أن نظامنا الاجتماعي الذي يجب أن نتفانى في طلبه، هو النظام الذي لا يتعارض مع الدين وقيمه ومسلماته، ولكي نكفكف هذه الدموع التي تنهمر، ثم تستحيل إلى زفرات حارة، ونحيب لا ينقطع، علينا أن نخفف لوعة حزننا بتنمية وجداننا المشترك، الذي يظهر شيئا من الجزع غير قليل، إذا أقامت الدواهي بناحية من نواحي قطرنا الكبير الممتد، علينا أن نفكر ونطيل  التفكير، في تشحيذ وحدتنا الوجدانية التي واهما من ظن أن تفعيل أسبابها  يكون في مدننا، وقرانا، وشوارعنا، وأسواقنا وحوانيتنا، ضخ الدماء في شرايين تلك الوحدة لا يتأتى إلا إذا كانت جذوتها قوية دائما، عنيفة دائما في أفئدتنا، وهذا لن يتحقق إلا إذا أظهرنا خضوعنا للسودان، واحتفينا بعنصره، و حرصنا على عقولناوأحلامنا التي تدعونا لأن نطيل رفع بصرنا إلى السماء، ونتدبر في كنه الأشياء وجوهرها، ستلتئم جراح وحدتنا، إذا تمسكنا بأهداب الدين الخاتم، ديننا الإسلامي الذي يدعو إلى الحرية والعدل والمساواة.

***

د. الطيب النقر

 

لقد اغتالت دولة الاحتلال منذ الحرب العالمية الثانية أشخاصا أكثر من أي دولة أخرى في العالم الغربي، والسبب أن قادتها وجدوا أن اغتيال أهدافا محددة طريقة مجدية للحفاظ على أمنها القومي. حيث تتم سرية الاغتيال بطريقة الاختيار ظنا منهم بأنهم عندما يتخلصون من الهدف الذي تم اختياره سيحلون المشاكل الصعبة التي تواجه الدولة.

ويجدر الذكر بأن اعتماد هذه الدولة على الاغتيالات كأداة عسكرية نابعا من الجذور الثورية الناشطة للحركة الصهيونية على حد قول الصحفي اليهودي (رونين بيرغمان) وغيرها من الأسباب التي تدعيها مثل (الهولوكوست) والخوف من التعرض للإبادة مجددا.

إذن فالنتيجة أن تاريخ الاغتيالات لهذه الدولة الإرهابية ليس بالأمر الجديد. فقد انتهجت هذا النهج من قبل قيامها ١٩٤٨، حيث كانت تنفذها العصابات اليهودية مثل (إرغون وشتيرن والهاجاناه) ،لكن بعد ٤٨ تولت هذه الاغتيالات (الموساد) وأذرع الاستخبارات اليهودية.

فمن تصفية الشرطي عارف العرسان عام ١٩١٥ على على يد (حراس هاشومير) التي تطورت فيما بعد إلى عصابة الهاجاناه. إلى ( دي هان) الحريدي المناهض الصهيونية والذي اغتالته الهاجاناه عام ١٩٢٤. إلى الضابط البريطاني( توم ويلكين) قائد الوحدة اليهودية في إدارة التحقيقات الجنائية في الانتداب البريطاني الذي اغتيل على يد عصابة شتيرن المتطرفة عام ١٩٤٤. وتطول قائمة الاغتيالات التي نفذتها دولة الاحتلال بهدف حفظ الأمن القومي كما قلنا وصولا إلى المهندس (يحيى عياش) الذي أعيا دولة الاحتلال ،فخلال عامي ١٩٩٤ و ١٩٩٥ كان مسؤولا عن تسع هجمات انتحارية قتل فيه وجرح العشرات من اليهود،عندها وقع اسحاق رابين (الصفحه الحمراء) ضد عياش. وقد تم اغتياله في ٥/كانون الثاني من العام ١٩٩٦.

والسؤال هل نجحت دولة الاحتلال بالقضاء على العمليات الفدائية باغتيال العياش؟ حتما لا. فقد كان عياش قد درب مجموعة من نشطاء حماس على فن صناعة العبوات الناسفة وكان من ضمن هؤلاء (محمد دياب المصري) المعروف (بمحمد الضيف) وغيره من النشطاء وبذلك ولد بدل الواحد مائة.

وبعدها اغتالت عددا من قيادات حماس ومنظمة التحرير الفلسطينية وصولا إلى الشيخ (أحمد ياسين) الزعيم الروحي لحركة حماس وهو خارج من المسجد مساء ٢١/ مارس ٢٠٠٤. ثم اغتيال الرئيس ياسر عرفات ،رحمهم الله جميعا وشهداء فلسطين عامة.

واليوم الثاني من يناير ٢٠٢٤ وبعد أن فشلت دولة الاحتلال في حربها على غزة ودخلت مأزقا لم تستطع الخروج منه وعجزها عن تدمير حماس كما وعد (بنيامين نتنياهو) في بداية الحرب وكما هي عادتها عندما تجد نفسها عاجزة تحتمي باغتيال القادة لظنها انه الحل الأنجع.

حيث اقدمت طائرة مسيرة تابعة لها على استهداف مبنى في الضاحية الجنوبية في بيروت حيث كان الشيخ العاروري نائب رئيس مكتب حماس يتواجد مع عدد من أعضاء الحركة ما أدى إلى استشهادهم. وبذلك يكونوا قد انضموا إلى قوافل الشهداء الذين سبقوهم...

فهل ستخرج دولة الاحتلال من مأزقها أم أن ألف صالح سيخرج لها من حيث لا تعلم؟.

***

بديعة النعيمي

الدوران حركة سرمدية فاعلة في الموجودات الكونية، ومنها الأرضية، والدوران يعني التغيير وعدم الثبات، فكل موجود يتبدل وكل حالة تعود إلى مبتدئها، فالقوي إلى ضعيف، والضعيف إلى قوة، وما تم نقص.

والحالات التي تستطيع التواصل هي التي تمتلك قدرات إعادة التصنيع الذاتي والموضوعي، وفيها طاقة ترميم ذاتية تستوعب إرادة التغيير.

فالقوة في الجريان، والضعف في السكون والإندحار، والمجتمعات لكي تتقوى عليها أن تتواشج وتتسابك،  فإختلاط الأمم والشعوب قوة  وعزلتها ضعف وهوان.

وبعض المجتمعات تتعلم وأخرى تتوهم أنها تعلم، والذي يعلم يرفض أن يتعلم فتطغى عليه فيضانات التقدم المتسارع المتولد من الدوران.

فالأيام أرحام ولاّدة، وفي كل يوم وليد جديد يريد أن يساهم في صناعة الحياة.

قوى تغور وأخرى تثور، وبعضها نامت ثم قامت، وفي رقدتها إعادة نظر، وتعميق رؤية وبناء وتصور متوافق مع العصر، وتوائم مع إرادة الحياة الحرة الكريمة.

فلكل فكرة ملاذ، ولكل رؤية ميعاد، وما أن تولد الفكرة حتى تتكون وتتطور وتتناسل في عقول الموجودات، فكأنها الشرارة التي أذكت النيران وأوجدت اللهيب الفتاك العابث بالأشهاد والغابات.

مَن يتوهم البقاء في الكرسي سيحترق بغتة ويتحول إلى رماد، ويكون الكرسي تابوته، ومن لا يرى بعيون مصلحة شعبه ستدوسه سنابك الأخطار وتعصف به الأهوال.

وكل مَن في الكرسي فان، فإرادة جذب التراب أقوى من الملك والسلطان وكم أكلت منهم، وكم أصابت الجبابرة بالخذلان والهوان.

الحصيف من تفانى في صناعة الخير، وإسعاد المواطنين، والتضحية في سبيل رفاهيتهم وأمنهم وسلامتهم وتأمين مصالحهم.

والطائش المنبوذ من توهم القوة فبطش وإستبد، وإستخف بإرادة التراب وحسب الناس من حوله أرقام، وغرق من أنانيته وظلمه وبؤسه المقدام.

فهل يتعظ البشر أم أن الكرسي يسلب اللب ويقيم الحداد ويجرد البشر من الإنسان.

إن الكرسي سيد وسلطان، والذي فيه دمية وأداة لصياغة البهتان.

***

د. صادق السامرائي

29\8\2021

 

أكدت حركة حماس "اغتيال" القيادي في الحركة صالح العاروري في ضربة إسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت الثلاثاء، مع اثنين من قادة كتائب القسام، الذراع العسكرية لحماس.

وتُعَدُّ عملية الاغتيال هذه بطائرة مسيرة الأسهل إسرائيلياً كونها حدثت خارج قطاع غزة بعد فشل محاولات إسرائيلية حثيثة للوصول إلى رموز قادة الحركة في أنفاق غزة، لبناء أكذوبة نصر وهمي، حيث اختزل نتنياهو النصر باغتيال السنوار في أرض يحاول جيش الاحتلال المهزوم بسط سيطرته عليها دون طائل.

وتأتي هذه العملية بعد يومين من قصف كتائب القسام لمدينة تل أبيب بصواريخ المقاومة من طراز إم 90 في رسالة بأن الحرب مستمرة والمقاومة صامدة، فكان الرد الإسرائيلي برسالة أخرى تفيد بأم سلسلة اغتيالات قادة حماس قد فتحت أولى صفحاتها باغتيال أحد أهم قادة حماس.

وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية قد نشرت مطلع ديسمبر الماضي، تقريراً يكشف خطة إسرائيل لاغتيال قادة حركة حماس في جميع أنحاء العالم، بمجرد انتهاء حربها في قطاع غزة.

ويبدو أنها استعجلت التنفيذ للرد على ما أقدمت عليه كتائب القسام في قصف العمق الإسرائيلي قبل يومين.

وذكرت الصحيفة نقلاً عن مسؤولين إسرائيليين، أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أمر وكالات الاستخبارات بوضع خطط لاغتيال كبار قادة حماس، الذين يعيشون خارج غزة "في أي مكان بالعالم".

وبحسب التقرير، دعا البعض "إسرائيل" إلى اغتيال خالد مشعل رئيس حماس في الخارج وآخرين "على الفور بعد هجوم 7 أكتوبر"، الذي نفذته الحركة على الكيان الإسرائيلي.

إلا أن العاروري كان قد تعرض إلى تهديدات مباشرة في أواخر أوغسطس 2023.. حيث وجه نتنياهو رسالة تهديد للعاروري خلال الجلسة الأسبوعية للحكومة الإسرائيلية، وذلك في ضوء تصاعد عمليات المقاومة الفلسطينية بالضفة الغربية المحتلة.

وكان رد حماس على تلك التهديدات بنشر صور للعاروري كان جالساً فيها خلف مكتبه ومرتدياً زياً عسكرياً وواضعاً أمامه سلاحاً، وكان يتحدث في الهاتف بلا مبالاة.. غير آبه بالتهديدات الإسرائيلية، موحياً بأن اغتياله -لو تم- لن يكون آخر المطاف فالمقاومة ولادة والقضية الفلسطينية لا تختزل في أشخاص.

والعاروري قيادي سياسي وعسكري فلسطيني بارز، وهو نائب رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس".

اختير عضواً في المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية-حماس عام 2010م وحتى التاسع من أكتوبر 2017 حيث أعلنت حركة حماس عن انتخاب العاروري نائباً لرئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" إسماعيل هنية خلال انعقاد مجلس شورى الحركة.

تم ترحيله إلى سوريا واستقر بها لمدة ثلاث سنوات، ومع بداية الأزمة السورية غادرها إلى تركيا في شهر فبراير عام 2012، واستقر بها ثم بعد سنوات غادر تركيا وتنقل بين عدة دول من بينها قطر وماليزيا وأستقر أخيرًا في الضاحية الجنوبية في لبنان حيث تم استهداف مكتبه واستشهاده.

وتكمن أهمية الشهيد بالنسبة ل"إسرائيل" في مساهمته بتأسيس الجناح العسكري لحماس في الضفة الغربية المحتلة، فيما ظل يشكل حلقة الوصل بين حماس من جهة وإيران وحزب الله من جهة أخرى.

لذلك يحمله الإسرائيليون مسؤولية جلب التمويل الإيراني لحماس وفق ما صرح به رجل المخابرات السابق أودي ليفي.. وقد تنبأ العاروري بعد السابع من أكتوبر، بنشوب حرب إقليمية إذا ما تم استهداف قادة من حماس وفق ما جاء في (يو أس أيه توداي) الأمريكية.

وكان العاروري سيلتقي الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله غدا الأربعاء.

واتهمته "إسرائيل" في وقت سابق بأنه يقف خلف عملية خطف المستوطنين الثلاثة في الخليل، حيث أعقبت الاتهام بهدم منزله في قرية عارورة شمال رام الله في الأول من أكتوبر 2023.

وهذا يفسر النية المبيتة لاستهدافه من قبل الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، وربطها بتصاعد أعمال المقاومة المسلحة في الضفة الغربية، وفق ما قاله الجيش الإسرائيلي حينذاك في بيان لـCNN، إن القوات "عملت في البلدة ليلاً لهدم منزل صالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي لمنظمة حماس، والمسؤول عن أنشطة حماس في الضفة الغربية".

ويذكر أن العاروري قام بالبدء في تأسيس وتشكيل جهاز عسكري للحركة في الضفة الغربية عامي 1991-1992، مما أسهم في الانطلاقة الفعلية لكتائب القسام في الضفة عام 1992م.

والعاروري تم اعتقاله لأكثر من 18 سنة في السجون الإسرائيلية، وعندما أفرج عنه في المرة الأخيرة عام 2010 تم ترحيله إلى سورياً لمدة ثلاث سنوات ومن ثم غادر إلى تركيا مع تفاقم الأزمة السورية ويعتقد أنه لعب دوراً محورياً في اتمام صفقة شاليط.

فالعدو الإسرائيلي غاشم لا يرى سوى أوهام القوة التي طغت على قراراته وأصابته بالعمى لذلك تقهقر مهزوماً بفعل ضربان المقاومة في غزة.

وكأنه لا يدرك بأن المقاومة ولاة وهي غير مرتبطة بفصيل أو أشخاص لأن وقودها الشعب الذي يطالب بحقوقه المشروعة، ويبذل الغالي والرخيص لنيلها.

رحم الله شهداء فلسطين الذين غيروا موازين القوى إزاء القضية الفلسطينية في العالم.

*** 

بكر السباتين

2 يناير 2024

 

كانت الرؤية الصهيونية تركز على يهود أوروبا الشرقية وعلى مفهوم الدولة العلمانية الأوروبية النمط على أرض فلسطين. فقبل الحرب العالمية الثانية كان اليهود الاشكيناز يشكلون الغالبية العظمى للتواجد اليهودي في العالم ،والفكرة الصهيونية كانت بتحويلهم إلى تلك الأمة في أرض وجيش تخصها وحدها. لذلك فإن الحركة الصهيونية لم تعر يهود الدول العربية أي اهتمام ولم تعتبرهم جزءا من تلك الأمة التي حلمت أن تزرعها في الوطن القومي( فلسطين).

لكن وبسبب (الهولوكوست) المزعوم الذي طالما تبجحت به الحركة الصهيونية وإبادة الستة مليون يهودي دفعها إلى حث يهود الدول العربية بالهجرة إلى فلسطين من أجل تعديل الميزان الديمغرافي لصالح دولة الاحتلال إلى جانب عدد من المجازر وعمليات التهجير القسري لأصحاب الأرض الشرعيين الشعب الفلسطيني.

وفي ذروة الحرب في نوفمبر/١٩٤٢ عرض دافيد بن غوريون في معهد الأبحاث الاقتصادية في (رحوبوت) خطة استجلاب فورية لمليون يهودي،فكان يهود الدول العربية والإسلامية حتى ذلك الشتاء هم الهدف الممكن. ومن هنا بدأت المخططات لتهجير يهود هذه الدول ونجحت الحركة الصهيونية بذلك. وعند قدومهم إلى دولة الاحتلال تحولوا من يهود عرب إلى يهود (شرقيين) وصودرت منهم هويتهم العربية. وانهارت أسطورة اللبن والعسل التي تم إغرائهم بها حال اصطدامهم بطبقة الأشكيناز الشوفينية والتي اعتبرت هؤلاء طبقة دنيا متخلفة فبدأت معاناتهم بسبب العنصرية وعلى جميع المستويات.

عقب إنسحاب دولة الاحتلال عام ٢٠٠٥ من قطاع غزة أنشأ الاحتلال منطقة عازلة على طول الحدود البرية وبقيت عشرات المستوطنات القريبة من القطاع وأطلق عليها غلاف غزة. ويبلغ عدد هذه المستوطنات ٥٠ مستوطنة. ويعتبر هذا الغلاف خط الدفاع الأول لدولة العدو أمام غزة.

والجدير بالذكر (وزبدة الحكي) كما يقال أن معظم سكان هذه المستوطنات هم من اليهود ( الشرقيين) الذين كما قلت ينظر إليهم المجتمع اليهودي بعنصرية. وقد تم إغرائهم من قبل الحكومة عن طريق التسهيلات المقدمة لهم لأن هذه المستوطنات طالما كانت هدفا سهلا لصواريخ المقاومة الفلسطينية لقربها من القطاع..

وفي ٧/ اكتوبر فر معظم قطعان المستوطنين باتجاه مدينتي تل أبيب وإيلات مع رفض قاطع بالعودة..

فمن أين سيأتي اليوم بنيامين نتنياهو بمن يقبل السكن في غلاف غزة بديلا عن اليهود الشرقيين ؟؟؟

***

بديعة النعيمي

في المثقف اليوم