أقلام حرة

صادق السامرائي: الظاهر بأمر الله!!

أبو نصر محمد بن الناصر لدين الله (574 - 623) هجرية، تولى الحكم في عمر (52) لمدة (9) أشهر وأياما.

فقيل له: ألا تتفسح"، قال: لقد يبس الزرع، فقيل: يبارك الله في عمرك، قال: من فتح دكانا بعد العصر إيش يكسب.

قال إبن الأثير في الكامل: "لما ولي الظاهر الخلافة أظهر من العدل والإحسان ما أعاد به سنة العُمَريْن"

كان يائسا ولا يظن بأنه سيبقى في الخلافة طويلا وكثيرا ما كان يردد" فتحت دكانا بعد العصر"، فكان يفرق الأموال، ويرد المظالم، ويعمل على إرضاء الناس وتخفيف مصاعبهم، وتقليل الضرائب عليهم، فأعطى الكثير وما أبقى في خزائن المال إلا القليل.

ويبدو أن الأمور كانت مستقرة كما كانت في خلافة أبيه، وبرغم الضرائب العالية التي كانت تفرض في عهد أبيه، فأنه جعل الأمور أكثر إستقرارا بتقليل الضرائب وإعانة المحتاجين من الناس.

لاتوجد حوادث كبيرة في خلافته التي أمضاها في عمل الخيرات والشعور بأن حياته قصيرة وعليه أن يستعد لموته الذي كان يرافقه، ويبدو أنه كان يعاني من مرض ما، لكن كتب التأريخ لا تشير لذلك، فموته بعد تسعة أشهر يشير إلى أنه كان مريضا، كما أنه لم يكن مستبشرا وفرحا بالخلافة، ويرى أنه في مرحلة الغروب فلا فائدة من خلافته.

وبقيت للخليفة قيمته ومكانته في زمانه كما كانت في عهد أبيه.

وجاء إبنه من بعده وكان هميما عزوما، ذو هيبة وقدرة على ضبط أمور الدولة، والمضي بسؤددها وعزتها وكرامتها والذود عن حياضها.

وكأنما قام الإبن بالتعويض عن دور أبيه، الذي ربما منعه المرض من القيام به، وقد أبدع وتألق في العمران والقوة والسلطان، والعدل والأمان.

وأثناء أيامه وأيام أبيه وإبنه عاشت الدولة العباسية الإحساس بقيمة الخليفة ودوره ونفوذه وأهميته في ضبط أمور الدولة، وتأمين ثغورها والحفاظ على وحدتها وإستقرارها، ومن بعدهما تآكلت ووصلت إلى نهايتها المروعة الدامية على يد التتار، لضعف حفيده وفقدانه للقدرات القيادية والمهارات السياسية التي تميز بها الخلفاء الثلاثة من قبله.

ولكل ذكي كبوة ولكن ليست كأي كبوة!!

إذا الأجيال غابت عن رؤانا

فلا تعتب على أحدٍ سوانا

نسير على صراطٍ إبن نفسٍ

وتحدونا المساوئ في أنانا

لماذا أغفلوا أخطار قومٍ

أرادوا من توحشهم حمانا

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم